صحافة

تجارت - الآلية التجارية الأوروبية - نظرة تحليلية

17 فبراير 2019
17 فبراير 2019

تحت هذا العنوان أوردت صحيفة «تجارت» تحليلا نقتطف منه ما يلي: كثر الحديث عن الآلية المالية والتجارية الأوروبية مع إيران المعروفة اختصارا باسم «اينستكس»، حيث رأى البعض أنها مهمة لتخفيف أعباء الحظر المفروض على إيران والذي تم تشديده من قبل واشنطن بعد انسحابها من الاتفاق النووي العام الماضي، فيما رأى آخرون أن هذه الآلية ليست مهمة لأنها تستهدف حصول الدول الأوروبية على النفط من إيران مقابل السماح لها بالحصول على الأدوية والأغذية التي كانت مشمولة بالحظر في مسعى من الدول الأوروبية للحفاظ على الاتفاق النووي ومنعه من الانهيار.

وقالت الصحيفة: إن التزام إيران بتعهداتها التي وردت في الاتفاق النووي ساهم بشكل كبير في توصل الدول الأوروبية إلى الاتفاق بشأن الآلية المالية والتجارية مع إيران، معتبرة في الوقت نفسه بأن هذه الآلية غير كافية ولا يمكن أن تكون بديلا عن الاتفاق النووي الذي ضمن لإيران رفع الحظر عنها بشكل كامل مقابل التزامها بتعهداتها النووية التي أكدت فرق تفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومديرها العام «يوكيا أمانو» ولمرّات عديدة تنفيذ إيران لهذه التعهدات.

ورأت الصحيفة أنه وفي حال التزمت الدول الأوروبية بالآلية المالية والتجارية بشكل كامل مع إيران، فإن هذا الأمر ليس مدعاة للتباطؤ بشأن ضرورة تنفيذ بنود الاتفاق النووي لا سيّما أن الترويكا الأوروبية وروسيا والصين قد أكدوا التزامهم بهذا الاتفاق على الرغم من انسحاب أمريكا منه من جانب واحد.

وأعربت الصحيفة عن اعتقادها أيضا بأن الآلية المالية الأوروبية لا ترقى إلى المستوى الذي يجعل الشركات الأوروبية تسارع بإعادة تنفيذ مشروعات استثمارية في إيران خصوصا الشركات الكبرى التي تخشى من العقوبات الأمريكية.

ووصفت الصحيفة الآلية المالية الأوروبية بأنها لا تتعدى كونها طريقة للحصول على النفط الإيراني مقابل الغذاء والأدوية ولن تسهم في دعم الاقتصاد الإيراني لأن ما يتم استحصاله من بيع النفط سيذهب الكثير منه إلى جيوب الشركات الأوروبية الصغيرة والكبيرة التي تنشط في هذا المجال.

وتساءلت الصحيفة عن مصير الآلية المالية الأوروبية في حال تراجعت صادرات النفط الإيراني إثر العقوبات الأمريكية، أي بمعنى آخر هل ستلتزم الدول الأوروبية ببنود الآلية دون الحصول على ما تنتظره، أم أنها ستقلص من التزاماتها وستكون نتيجة ذلك عودة المشاكل المرتبطة بالأدوية والخدمات التقنية لا سيّما ما يتعلق بقطاع الطيران المدني إلى ما كانت عليه في السابق، وهذا بدوره سيؤدي إلى تشديد الحظر على إيران بدلا من تخفيفه.

ولفتت الصحيفة إلى أن الترويكا الأوروبية ما زالت تصرّ على بحث موضوع الصواريخ الإيرانية الباليستية، وتنتظر موافقة إيران على الانضمام لمجموعة العمل المالي الدولية (FATF )، وهذا يعني أيضا أن تنفيذ الآلية المالية الأوروبية ومستقبلها مرهون بهذين الموضوعين بالإضافة إلى موضوعات أخرى قد تثار بين الحين والآخر كالتي تتعلق بحقوق الإنسان ومحاربة الإرهاب.

واعتبرت الصحيفة القبول بهذه الشروط بأنها سيتيح المجال للتدخل بشؤون إيران الداخلية لا سيّما ما يتعلق بوضع بنوكها ومؤسساتها المالية في وقت تعيش فيه إيران أجواء الحظر الاقتصادي الذي انعكس سلبا على كثير من القطاعات الخدمية والاجتماعية.

ودعت الصحيفة إلى الأخذ بنظر الاعتبار اعتماد إيران على العائدات النفطية بشكل كبير في إدارة شؤون إيران، الأمر الذي يهدد اقتصاد إيران في حال رفضت الدول الأوروبية ودول أخرى الاستمرار في استيراد النفط الإيراني، مطالبة بإيجاد بدائل لهذه المعضلة وعدم انتظار أي حلول خارجية سواء كانت أوروبية أو من أي جهة أخرى.