1131056
1131056
إشراقات

ماجد الكندي: القانون يضمن العقار 10 سنوات.. والتوافق على خلافه باطل شرعا وقانونا

14 فبراير 2019
14 فبراير 2019

يضمّن المقاول والاستشاري كل ما يصيب البيت من تلف -

متابعة : سالم بن حمدان الحسيني -

حدّد قانون المعاملات المدنية العماني ضمان العقار لمدة عشر سنوات، وهو من القواعد الآمرة التي لا يجوز التوافق على خلافها، وإسناد العمل إلى مقاول فرعي يصح شرعا شريطة رضا المالك وأن يكون بالمواصفات نفسها، وإذا تحقق ذلك فإن أخذ الفارق في المبلغ جائز، وهو من الحلال المباح.. ذلك ما أوضحه الشيخ الدكتور ماجد بن محمد الكندي أمين فتوى بمكتب الإفتاء بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية، مبينا في الوقت ذاته أن الشرع الحكيم يعنيه أن يبقى الناس مثمّرين لأموالهم ولذلك على المستثمر أن يحسم التكاليف المترتبة عليه من الوعاء الزكوي عند إخراج الزكاة.. جاء ذلك في المحاضرة التي ألقاها في جلسة إفتاء بجامع مصعب بن عمير بالمعبيلة تحت عنوان: «فقه البناء والمقاولات»، وهنا الجزء الثاني والأخير من هذه المحاضرة القيمة:

أنا صاحب شركة مقاولات لكنني في أحيان كثيرة أتعاقد مع مقاولين آخرين بثمن أقل يقوموا بالبناء، فهل هذا جائز شرعا؟ علما بأنني أحصل على الفارق ما بين الاتفاقيتين، وقد لا يكون عليّ عمل؟

هذه المقاولة في القانون تعرف بالمقاولة بالباطن وقد نظمها قانون المعاملات المدنية في السلطنة، كما نظمتها القوانين الأخرى، وفي الشريعة الإسلامية مسألة يذكرها الفقهاء السابقون وهي تأجير العين المستأجرة، أي ان يستأجر الإنسان عينا وأن يؤجر هذه العين لغيره، ومن ذلك في العقود الإسلامية السلم الموازي والاستصناع الموازي..

وأوضح الكندي حول هذه المسألة قائلا: أما قانون المعاملات المدنية العماني وهو قانون مأخوذ من فقه الشريعة الإسلامية أجاز هذا الأمر، إلا أن كان هناك شرط من قبل المالك يشترط أن يقوم بالعمل المقاول الذي أسند إليه العمل شخصيا، وليس سواه، فإنه لا يجوز للمقاول حينئذ أن يسند العمل لغيره، أما إن لم يكن هنالك شرط فيجوز له أن يسنده إلى غيره شريطة أن يكون بالمواصفات نفسها، مشيرا إلى ان هناك مقاولون لديهم عمالة فنية ماهرة والمالك صاحب العقار لا يذهب إلى هؤلاء ويدفع مبلغا إضافيا الا لوجود هذه الميزة، والمقاول هنا ما دام يعلم انه قد رفع السعر وجاءه المالك لأجله هو فلا يجوز له ان يسند العمل لغيره لأن هذا كالشرط، اما ان لم يكن هنالك شرط وهو وغيره سواء فيصح له ان يسنده إلى غيره، فان كان كذلك فأخذ الفارق من المبلغ في هذه الحالة جائز، وهو من الحلال المباح ولا حرج عليه.

وأضاف: قد يقول قائل منكم: انه أخذ مالا بدون وجه حق أو بدون مقابل، ونقول له: بأن ضمان المتلفات والعيوب لا يرجع فيها المالك إلى المقاول الباطن وانما العلاقة معه مع المقاول الذي اتفق معه هو، فهو يضمن وهو مسؤول عن كل خطأ يرتكبه، والقانون معنا في السلطنة - وأحسب ان كل القوانين المدنية في العالم العربي على هذا وهكذا القانون الفرنسي وغيره - يضمّن المقاول والاستشاري كل ما يصيب البيت من تلف أساسي لا يقوم معه البناء عشر سنوات فان كانت هناك شقوق كبيرة أو اهتزاز في البيت أو انهدم في مدة عشر سنين الذي يضمن ذلك المقاول والاستشاري وان كان العطل بسبب الاستشاري المصمم فهو يضمن أيضا.. مبينا ان هذا الشرط أيضا شرط صحيح من الناحية الشرعية لأنه من باب السياسة الشرعية فانه قد يحصل هنالك تلف في القواعد لا يعلم عنه الملك شيئا وهنا لابد من ان نحمي المستهلكين عن ضرر قد يحدثه المقاولون، وهذا الضمان لمدة عشر سنوات والذي نص عليه في القانون لا حرج فيه، وهو شرط شرعي لا يجوز التوافق على خلافه. والله تعالى أعلم.

الاتفاقيات الآن في عقود التوريد وعقود المقاولات غالبا تصحب بشرط غرامة في حال التأخر في إتمام العقد.. هل في ذلك حرج شرعي لأن الغالب في التعاقدات الحكومية والشركات الكبرى أنها لا تخلو من هذا الشرط، فما هو حكم هذا الشرط وإن كان محرما فهل يؤثر على العقد بالبطلان؟

السؤال هنا حول الشرط الجزائي أو كما يسمى في عرف القانون التعويض الاتفاقي وهو دفع غرامة تأخير عن كل يوم مبلغ معين اذا تأخر المقاول عن إتمام البناء في الوقت المتفق بين الطرفين، وهذا الشرط يستعمل لأجل ضمان التزام المقاول بالوفاء كما انه يستعمل لتعويض الضرر وقد سماه القانون «التعويض الاتفاقي» أو الشرط الجزائي ويعني تعويض الضرر الذي يلحقه المقاول بصاحب العقار ويكون الاتفاق على ذلك التعويض عند التعاقد.. مبينا انه من حيث القاعدة العامة لا يجوز الاضرار بالآخر فان كانت الاتفاقية بين الطرفين بإنهاء البناء خلال اثني عشر شهرا مثلا وتم التراضي على ذلك بين الطرفين فلا يجوز شرعا للمقاول أن يتأخر عن هذا الوقت، والأمر الثاني غالبا حينما يأتون بشرط الغرامة أو الشرط الجزائي هذا يلزمون به المقاول والمالك بحيث لو تأخر احدهما عن الوفاء في الوقت المعلوم فانه سيدفع مبلغا معينا وهذا معناه ان المقاول سيدفع نتيجة تأخره في البناء وكذلك المالك سيدفع نتيجة تأخره في الوفاء بالدفعات المستحقات التي عليه، وقد توافقا على ذلك من خلال العقد بينهما، وهناك الكثير من العقود قائمة على هذا الشرط متسائلا: هل هذا جائز أم لا؟ والجواب: أما الشرط الأول الذي هو تعويض عن الضرر ويكون على المقاول الذي يعمل وليست عليه التزامات مالية فيجوز اشتراطات غرامة أو تعويض اتفاقي عليه ان تأخر عن الوفاء، ولا حرج في ذلك شرعا، لكننا نقول ان العدالة في الشريعة أمر مطلوب فان كان شرط الغرامة من قبل المالك مبالغ فيه فان من حق المقاول ان يرفع أمره إلى القضاء وان يطلب ان تخفض الغرامة التي عليه ليكون تعويضا عادلا ولا يقضي بالعدل إلا القضاء هذا من جهة المقاول، أما التغريم الذي هو الشرط الجزائي الذي يكون على المدين فهذا لا يجوز شرعا، حيث ان المدين ان تأخر عن الوفاء بديونه وألزم بان يدفع تعويضا عن هذا التأخير فاننا سنقع في الربا، موضحا: ان «انظرني وأزيدك» هذه قاعدة ربوية، فمن كان عليه التزامه دينا ماليا فلا يجوز ان يشترط عليه اشتراط جزائي، ومن هنا فان الشرط الجزائي جائز على المقاول ولا يجوز على المالك، لأننا لو ألزمناه على المالك سنلزمه في مقابل دين، والنقود في الدين لا يجوز ان يزاد عليها شيئا.

وأضاف قائلا: نعم نقول انه من حق المقاول ان تأخر عليه المالك ولم يوفه حقوقه ان يرفع دعواه ليطالب بالتعويض عن الضرر وهنا ينظر القضاء إلى الضرر الحقيقي ويعطى مقدار ذلك الضرر، أما ان يلزم بالدين فلا، وللأسف ان كثيرا من العقود الآن التي تمارسها بعض الشركات أو بعض المؤسسات الحكومية فيها هذا الشرط وهذا لا يجوز، ومن الناحية القانونية هذا الشرط باطل حيث ان قانون المعاملات المدنية العماني يقول انه لا يجوز اشتراط الشرط الجزائي على المدين فإذن شرط الغرامة أو الشرط الجزائي في عقود البيوت جائز ولكن بشرط ان يكون على المقاول وليس على المالك، وان كان على المالك فلا يجوز اشتراطه لأنه ربا، إلا ان يكون هنالك ضرر حقيقي على المقاول لأنه لم يعط أمواله ودفعاته المستحقة فهنا يحكّمون القضاء في تعويض هذا الضرر. والله تعالى أعلم.

أنا مقاول قسمت عمال البناء إلى مجموعات وفي كل مجموعة فريق متكامل من الفنيين والعاملين وغيرهم، سؤالي الآن عن التعاقد معهم، في بعض الأحيان يختارون ان يكون لهم راتب مقطوع آخر الشهر، وفي أحيان أتعاقد معهم على البناء بمبلغ محدد كأن آخذ المتر لليد العاملة بـ40 ريالا وأعطيهم إياه بـ 17 ريالا على ان الأدوات والتصاريح كلها عليّ، فما الحكم في ذلك؟

هنا تنظيم العلاقة بين المقاول وبين العاملين معه تصح فيها عدة صور، الصورة الأولى ان يعطيهم أجرا مقطوعا كل شهر، كأن يجري لهم راتبا مقداره مائة ريال ففي هذه الحالة من حقهم ان يعطيهم ذلك الراتب سواء عملوا أم لم يعملوا لأنهم تسري عليهم أحكام الأجير الخاص فهم مستغرقون في العمل لهذا الإنسان فلو لم يجد مشروعا يعمله فانه هنا يلزمه بأن يعطيهم هذا الراتب، هذا تعاقد جائز وهو عقد إجارة ولا حرج فيه بإذن الله تعالى، والأمر والثاني ان يتعاقد مع العمال بمبلغ كامل لهذا المشروع كأن يأخذ رب العمل المشروع بـ50 ألفا مثلا وان يعطيهم العمال بـ20 ألفا ليقتسمونه فيما بينهم هنا أيضا لا حرج فيه ما دامت الأمور واضحة والأوصاف كلها جلية وبينة، ويمكن ان يتعاقد معهم بشيء آخر كأن يسلمهم المشروع، ويتعاقد معهم بالمتر لكل متر قيمة معينة وهذا أيضا لا حرج فيه، ولا مانع ان يكون التعاقد معهم على هذه الصور من الناحية الشرعية ان كانت الأمور واضحة والأعمال أيضا واضحة.. والله أعلم.

انا مطوّر عقاري ابني مشاريع مختلفة بين بنايات وفلل وبيوت صغيرة وغير ذلك، وتكون الأرض مملوكة لي وبعد البناء أبيع بما ييسره الله من ثمن، اسأل هنا عن زكاة الأموال كيف أزكي هذا المشروع للعلم في بعض الأحيان تكون بعض البيوت قيد البناء وبعضها فرغنا من بنائه، وبعضها معروض للبيع، فكيف أحسب الزكاة في هذا كله؟

بما ان هذا الانسان يتاجر بهذه البيوت وكلها معروضة للبيع، وهو لا يريده الا للبيع فقد لا يعرضها وهي غير مكتملة لأن ثمنها في تلك المرحلة قليل وهو يريد ربحا أكبر، فلنفرض ان وقت زكاته 25 من شهر رمضان ففي هذا اليوم الذي يخرج زكاته عليه أولا ان يحسب السيولة المالية التي عنده ويضيفها إلى الوعاء الزكوي، والأمر الثاني يحسب البيوت المكتملة بقيمتها السوقية والبيوت غير المكتملة أيضا يحسبها بقيمتها السوقية على تلك المرحلة بمعنى ان البيت المكتمل لنفرض ان قيمته السوقية مائة ألف مثلا هنا يضيف إلى وعائه الزكوي مائة ألف، أما البيت غير المكتمل كأن يكون إلى مرحلة ما قبل التسقيف فيحسبه بتلك الحالة فان كانت قيمتها السوقية مثلا 30 ألفا وقد يكون صرف عليه اكثر من ذلك المبلغ لكننا لا نعنى بما صرفه فيه إنما نعنى بقيمته السوقية لأننا نعامله معاملة التاجر وبالتالي تضاف قيمته إلى مبالغ السيولة النقدية فيحسبها كلها، وكذلك عليه ان يحسب ما لديه من بعض مواد البناء الخام كالحديد وغيره وهذه أيضا يحسبها بقيمتها السوقية، موضحا القول: ان تلك المواد الخام من مواد البناء لو كانت لبيته الذي يسكنه فلن يحسبها لكن مآل هذه المواد إلى البيع وما دامت كذلك فإنها تضاف إلى القيمة السوقية فتدخل ضمن الوعاء الزكوي ويحسب الجميع.

وأضاف قائلا: لكنني أريد ان استثني أمرا هنا وهو ان بعض المقاولين قد يكون عنده بيوت ويريد يبيعها ويأخذ مقدما على هذا البيع ولنفرض ان هناك بيتا سيباع بمائة ألف وأعطي عنه مبلغا مقدما قبل البيع وليكن 20 ألفا لكن البيع لن يتم إلا بعد ان يكتمل ذلك البيت هنالك سيتم العقد، فذلك المبلغ المقدم يكون دينا عليه، فهي أمانة في يديه لذلك لا يحسبها ضمن الوعاء الزكوي وانما يحسب ذلك العقار في المرحلة التي وصل عندها فان كانت قيمته السوقية في تلك المرحلة 15 ألفا مثلا يدخل ذلك المبلغ فقط ضمن الوعاء الزكوي ولا يدخل المبلغ المقدم الذي استلمه عن قيمة البيع.

وأوضح قائلا: يتساءل بعض الناس انه لم تمر سنة على هذا المال فهل يدخل ضمن الزكاة مبينا انه لا يشترط أن تمر سنة على المال حتى يزكى بل ان مرور الحول انما هو مشترط في أول مال يصل النصاب إليه، أما الأموال التي تضاف إليه بعد ذلك فلا يشترط فيها مرور الحول بل هي من باب زكاة الفائدة فتضاف إلى المبلغ الذي مر عليه الحول ويزكى الجميع، فالنبي صلى الله عليه وسلم ما كان يرسل السعاة والجباة إلى المدن والقرى إلا مرة واحدة وهم لا يسألون هل مر على ذلك المال سنة وإنما ينظرون إلى مجمل المال في تلك اللحظة فيأخذون منه الزكاة لذلك المقاول عندما تزداد عنده أموال أو غيرها يزكي مجمل ما في يديه في ساعة اخراج الزكاة، وحتى لا نكون ظالمين يعنينا ان يبقى الناس مثمرين لأموالهم وبالتالي نقول لهم انه في يوم اخراج الزكاة يمكنهم ان يحسبوا التكاليف التي عليهم وان يحسموها من الوعاء الزكوي الذي عندهم ولنفرض ما لدى المقاول خمسمائة ألف مع العقارات الموجودة والتي هي قيد التطوير هو بالتالي عليه رواتب للعمال وعليه تجديد بطاقاتهم لدى الجهات الرسمية وان كانت عليه مبالغ لعقار مستأجر أو عنده ضرائب معينة للجهات الرقابية ملزم بدفعها أو فواتير الكهرباء والمياه والهواتف وسكن العمال أو غير ذلك عليه ان يحسم تلك التكاليف فيخرجها من وعائه الزكوي، فكل ما كان مطالب به لأجل إنجاح هذا المشروع فانه يحسمه من الوعاء الزكوي ولا يزكي إلا الصافي من الأموال وبذلك نكون حافظنا عليه وتستمر بإذن الله تعالى الأموال أيضا متدفقة للفقراء عن طريق الزكاة، والله تعالى أعلم.

اختلفت أنا والمقاول في أمر وذلك انه لم تنص الاتفاقية التي بيننا على المسامير المستعملة في تثبيت الألواح عند الصبيات وغيرها، وسؤال الآن على من يكون توفير هذه المسامير مثلها الأخشاب وغيرها من الأدوات اللازمة للبناء التي لا تثبت للبناء بل تزال؟

الأصل ان كل ما يلزم لإتمام البناء هو على المقاول، فلو لم يشترطوا في العقد ان المسامير على المقاول فانه يلزم المقاول بها وان لم يشترط في العقد، هذا هو الأصل، وحتى نلزمها على المالك لابد من وجود نص ينص على ذلك عند توقيع العقد، اما ما عدا فالأصل فان في كل مادة تلزم لأجل البناء ولا تثبت في البناء بعد ذلك وانما تلزم لأجل البناء كالرافعات والمسامير وأدوات الربط هذه كلها هي على المقاول، اما ان كان هنالك نص يلزم بها المالك فانها في هذه الحال تكون على المالك فقط، اما ما عدا ذلك فهي على المقاول، والله تعالى أعلم.

سمعت ان المقاول والمهندس يضمنان البناء مدة عشر سنوات بالتضامن وذلك في القانون، وسؤال الآن هل يصح لي أنا المقاول ان اتفق مع المالك على الأعفاء من هذا الضمان بعقد داخلي مقابل ان انقص من سعر البناء والمالك راض بذلك، فقد وقع لي مثل هذا مع بعض المالكين؟

قانون المعاملات المدنية العماني في تنظيمه لعقد المقاولة ينص على ان المقاول والمهندس المشرف على البناء يضمنان العقار مدة عشر سنوات وهذا من القواعد الآمرة التي لا يجوز التوافق على خلافها ولذلك فهذا الشرط من الناحية القانونية لازم ولا يجوز الاتفاق على خلافه، ولو اتفقوا على خلافه يظل المقاول والمهندس الاستشاري مسؤولان عن الضمان، وكونهما اتفقا على ذلك فذلك الاتفاق باطل لا يجوز ويمكن للمقاول ان يطالب شرعا ان شاء بالفرق بين السعر الأصلي مع الشرط وبين السعر الأصلي بدون الشرط، ولعل القضاء يحكم له به بتعويضه، والله تعالى أعلم.