oman-logo-new
oman-logo-new
كلمة عمان

الاستثمار في «عبقرية» الموقع الجغرافي للسلطنة

23 يناير 2019
23 يناير 2019

تحتل السلطنة موقعا مميزا بين دول العالم على الخارطة الجغرافية، هيأ لها منذ القدم أن تكون معبرا بين الشرق والغرب، وأن يكون أهل عُمان أسود البحار وهم يجوبونها بالسفن التي تمخر العباب وتنقل البضائع والسلع، كما تحمل معها بشائر السلام والمحبة والإخاء بين الشعوب، ما يمثل علاقة ربط قوية ووطيدة بين مفاهيم التجارة والاقتصاد من جهة والسلم والتعايش من جهة ثانية.

في التصريح الصحفي لصاحب السمو السيد أسعد بن طارق آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون العلاقات والتعاون الدولي والممثل الخاص لجلالة السلطان، أمس، أثناء رعاية سموه ملتقى فرص الاستثمار الزراعي والسمكي والغذائي بالسلطنة، المقام بمركز عُمان للمؤتمرات والمعارض والذي يختتم اليوم، فقد أكد سموه على موضوع الموقع الاستراتيجي للسلطنة ودعا إلى الاستفادة من هذا الجانب، مشيرا إلى الامتداد الواسع لسواحل عُمان وربطها بين القارات، وهذا يعني قيمة مضافة في مفاهيم الاستثمار والقراءات الجيوسياسية التي تعنى بها الدول في العالم المعاصر، بل هي قائمة منذ القدم في إطار دفع الروابط الإنسانية ومن ثم تعضيد التجارة وغيرها من مفاهيم التعاون المشترك بين الشعوب والأمم.

الإشارة الجلية هنا تتعلق بكيفية استثمار الموقع الجغرافي بحيث يصبح إحدى أدوات المستقبل في اقتصاد السلطنة ومكانتها المنشودة، وهو عمل بدأ فعليا ومستمر عبر العديد من المشروعات في هذا الباب، ومن أبرزها مشروع المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم الذي يمثل أحد انعكاسات موقع السلطنة الاستراتيجي وكيفية تعزيزه لصالح الجوانب الاقتصادية بشكل يفيد السلطنة والشركاء الآخرين، بالإضافة إلى الاستثمار في الموانئ البرية والبحرية والجوية وغيرها من البنى اللوجستية التي تدعم المنافع المنشودة في تطوير الاقتصاد عموما.

إن الموقع الاستراتيجي للسلطنة يتجاوز القيمة المكانية بحيث يمكن أن يصبح موقعا استراتيجيا على مستويات إنسانية ومفاهيمية من خلال ما تتبناه عُمان في مشاريع التواصل الحضاري ونسج العلاقات بين الدول، وبسط ثقافة السلام والتعايش بين الشعوب كافة. وهذا هو ديدن السياسة العمانية التي هي معطى وانعكاس لعبقرية الموقع، كما هي في الوقت نفسه انعكاس لهمم الناس وعمق اتصالهم بالتاريخ والتراث الذي ينعكس على الحاضر والمستقبل المشرق بإذن الله. فالمفاهيم الحديثة للتطور والتنمية في الألفية الجديدة وقبلها، تربط بين الإرث الإنساني والثقافة والفلسفات الروحية للأمم، وما وراء ذلك من عمق التاريخ، بحيث تنسجه في صميم المصالح الراهنة والمنشود من المستقبل، وهذا وضح بشكل جلي في تجارب العديد من الشعوب كاليابان مثلا وماليزيا، والسلطنة لها هذا الإطار الفلسفي والمعرفي، غير أن لها قيمة إضافية في موقعها الجغرافي الاستراتيجي الذي يعتقد بأنه يمكن أن يقدم أكثر مما هو قائم فعليا اليوم من خلال تأملات أكثر عمقا ودراسات جديدة تعيد النظر في ربط معطيات هذا الموقع بالتاريخ واللحظة استشرافا لما هو أفضل في الغد، بحيث ينعكس ذلك على سعادة الأجيال الصاعدة وتحويل السلطنة إلى واجهة متقدمة ودولة رائدة على مستوى العالم في مجالات عدة بالهمة والعمل والإصرار والعزيمة.