1110743
1110743
المنوعات

حكاية 400 عام يترجمها معرض «فكتوريا وآلبرت».. وصوت للغناء الأوبرالي الآسر

20 يناير 2019
20 يناير 2019

رحلة تاريخية ممتدة من لندن إلى مسقط -

كتبت - شـذى البلـوشـية:-

في أجواء معبأة بالموسيقى الأوبرالية تبدأ الخطوات في معرض «فكتوريا وألبرت: 400 عام من الإثراء الأوبرالي» في دار الفنون الموسيقية بالأوبرا السلطانية مسقط، وحيث الصوت المنبعث من التاريخ الطويل للأوبرا في العالم تأخذك الجمالية بين كل بلدة تحط فيها قدميك، ولك المجال أن تمتع ناظريك يمنة ويسرة، لتعيش في أجواء مشبعة برائحة الفن وعبق التاريخ.

تحتفي الأوبرا السلطانية- مسقط بالمعرض المقام لأول مرة في السلطنة، وهو معرض يقتفي أثر التاريخ الأوبرالي منذ بداياته في إيطاليا وصولا إلى الخطوات الأولى في مسقط عام 2011، يمكن للزائر وهو يتجول بين أروقة المعرض أن يشعر بتنقله بين ست مدن في العالم: «البندقية، ولندن، وفيينا، وميلانو، وباريس، ومسقط»، بالإضافة إلى التنقل التاريخي الذي يضفي على جمال المعروضات رونقا وثراء.

عشاق البندقية في حضرة الموسيقى

المعرض يبدأ بالزائر رحلته إلى البندقية عام 1643، حيث يعرض من هذه المدينة مجموعة متنوعة من المعروضات الزجاجية والتحف الثمينة، بالإضافة إلى الآلات الموسيقية المميزة الغربية أبرزها آلة الثيوربو التي تشبه العود العربي وهو ما يثبت تقارب الثقافات الفنية في العالم منذ القدم.

خلال التجول في الركن المخصص لمدينة البندقية يمكنك عبر سماعات الأذن التي تلازمك في رحلة المعرض، سماع موسيقى أوبرالية ألفها «كلاوديو مونتيفيردي» وهي «تتويج بوبيا» والتي تحكي قصة «أوتوني» الغائب عن صديقته «بوبيا» فترة طويلة، وتطمح هي في الزواج منه لتصبح الإمبراطورة.

الطراز الأوروبي الساحر في لندن

ويبدأ الدخول إلى لندن مباشرة بعد لحظة الخروج من البندقية، لتكون مع صوت أوبرا «ريناردو» التي تعود إلى 1711م، وهي أوبرا غنائية باللغة الإيطالية، تميزت بالمؤثرات البصرية الساحرة كالنيران والمياه والطيور، وهو ماميز أوبرا ريناردو وجعل الأوبرا في لندن في القرن الثامن عشر ذات طابع أوروبي خاص، جاذبة آلاف الجماهير. يمكن للزوار أن يتفرجوا خلال المعرض على نموذج لمسرح ميكانيكي لأغنية

«II Vostro Maggio» من أوبرا رنالدو، بالإضافة إلى مجموعة من الأزياء لمسرح الأوبرا في لندن في القرن الثامن عشر.

فيينا تعزف الفن منذ زواج فيجارو

وعند الانتقال إلى فيينا تبدأ أروقة المكان بعلو صوت الغناء، حيث للفن طعم مختلف، في مدينة امتازت دائما بالجمالية الفنية منذ القرن الثامن عشر، مع ظهور أوبرا موتسارت الفكاهية «زواج فيجارو» في عام 1786م، وهي الأوبرا التي انتشرت بشكل كبير لدى معظم الجماهير المحبة للأوبرا، ومازالت أغنية هذه الأوبرا هي الأبرز حتى في عصرنا هذا، ويتغنى بها عشاق الغناء الأوبرالي. تم رسم شخصيات الأوبرا من الحياة اليومية، حيث اعتمد موتسارت على أفكار مأخوذة من مسرحية بومارشيه الأصلية لتقديم الخدم كأشخاص طموحين مساوين للأرستقراطيين، وعرضت في هذا الجانب مجموعة من الأزياء المستخدمة في الأوبرا لاسيما اللباس الذي ترتديه الكونتيسة والكونت ألمافيفا، كما يرافق الزائر خلال جولته في مدينة الازدهار والإلهام فيينا عزف بيانو حي لآلة مشابهة لتلك التي قام موتسارت بالعزف عليها.

التمزق يصنع تاريخا في ميلانو

ويأخذنا التاريخ الأوبرالي إلى ميلانو، عاصمة الثقافة لشمال إيطاليا، جاذبة «جوزيبي فيردي» إليها، وتمده بالإلهام لكتابة قصة «نابوكو» عام 1842، لتخلده كاسم أوبرالي عالمي، بعد نجاح الأوبرا الوطنية التي كتبها، ويتيح المعرض للزائر التعرف عن كثب على فيردي وإنجازاته الفنية، كما يصاحبك خلال الجولة في ميلانو الاستماع إلى أغنية «حلقي أيتها الأفكار» التي أصبحت النشيد الوطني غير الرسمي لإيطاليا.

أزياء وفنون في بارس

وعند الولوج إلى باريس عاصمة الفن والثقافة في القرن التاسع عشر يمكنك أن ترى جاذبيتها الخاصة، لاسيما تمتع دار الأوبرا فيها بمكانة مميزة، لا سيما حرص العائلات الأرستقراطية على حضور العروض الأوبرالية فيها، فيعرض بطريقة مميزة أحد أثواب الإمبراطورة أوجيني زوجة نابليون الثالث، بالإضافة إلى صور قصر جارنييه، ورسومات لراقصي الباليه على المسرح، ومجموعة أخرى من المعروضات الأخرى تعود إلى أوبرا «تانهويزر» المعروضة في أوبرا باريس عام 1861.

جوهرة الثقافة مسقط

وتحط الرحال في نهاية الرحلة العميقة والمميزة في العاصمة مسقط، حيث يبدأ وصولك إلى الأوبرا السلطانية مسقط بلحظة قص الشريط خلال افتتاح جلالة السلطان المعظم للدار في الثاني عشر من أكتوبر 2011، وبدأ العرض الأوبرالي الأول في مسرح الدار بقيادة «بلاسيدو دومينجو»، وعرضت بالإضافة إلى الصور والمجسمات في ركن مدينة مسقط أيضا أزياء أوبرا «توراندوت» لجاكومو بوتشيني مع الاستمتاع بسماع الصوت الغنائي للأوبرا.

يمكن للزائر خلال جولته في المعرض أن يقرأ نبذة تاريخية عن الأوبرا قبيل الدخول إلى ركن كل مدينة، كما تتيح الشروحات أسفل الصور والأعمال والمجسمات المعروضة للزائر التعرف على كل التفاصيل والحقبة الزمنية، كما يمكن الاستمتاع أكثر بجماليات المعرض لحظة الاستماع إلى الموسيقى والغناء الأوبرالي المصاحب عبر سماعات الأذن، لتعيش في تفاصيل 400 عام أثرت بها الأوبرا العالم بالفن الجميل. تجدر الإشارة إلى أن معرض «فكتوريا وألبرت: 400 عام من الإثراء الأوبرالي» افتتح في سبتمبر 2017 في متحف فكتوريا وألبرت بمدينة لندن، والذي يعد أكبر متحف متخصص بالفنون والتصميم والأداء في العالم، وهو يعرض لأول مرة في السلطنة ليكون متاحا لعموم الزوار منذ افتتاحه الخميس الماضي، وحتى الرابع عشر من مارس المقبل في دار الفنون الموسيقية.

مسقط «جياكومو بوتشيني» (1858م - 1924م) أوبرا «توراندوت»

منذ انطلاق مسيرة النهضة العُمانية في عام 1970م ، اهتمت السلطنة بالتطور الثقافي بوصفه ركيزة أساسية من ركائز تقدم البلاد ، وتم إرساء معايير عالمية لتنمية الفنون ، بما في ذلك الحفاظ على التقاليد الموسيقية والفنية للسلطنة، وفي يوم 12 أكتوبر 2011م ، تفضل حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه - بافتتاح دار الأوبرا السلطانية مسقط إيذاناً ببدء مرحلة جديدة في مسيرة التطور الثقافي في سلطنة عُمان. وقد أعلن المايسترو بلاسيدو دومينجو قائد أوركسترا العرض الافتتاحي أن دار الأوبرا السلطانية مسقط «جوهرة ثقافية» حقيقية، وهو نفس رأي المختصين وخبراء الفنون الأدائية حول العالم. وبهذه المناسبة قدمت مؤسسة «أرينا دي فيرونا» أوبرا «توراندوت» لجياكومو بوتشيني من إخراج فرانكو زفيريللي، حيث سيتمكن زوار المعرض من مشاهدة نماذج من التصاميم والأزياء والصور الفوتوغرافية لهذا المعلم الفني الهام ودوره في التعاون الدولي مع مسارح الأوبرا العالمية .