1108260
1108260
العرب والعالم

الانسحاب الأمريكي من سوريا.. هل بددت زيارة بومبيو قلق العراق ؟

17 يناير 2019
17 يناير 2019

إسطنبول-الأناضول :-

يعتقد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ان قوات بلاده التي باتت على وشك الانسحاب من سوريا بإمكانها القيام بالمهام المنوطة بها في محاربة تنظيم داعش بالانطلاق من الأراضي العراقية دون الحاجة إلى البقاء في سوريا بعد إضعاف التنظيم.

كما أن تجميع القوات الأمريكية في العراق يمكن أن يساهم في التصدي لاتساع النفوذ الإيراني في العراق، وفي سوريا أيضا، من وجهة نظر واشنطن.

وتأتي زيارة مايك بومبيو بعد أسبوعين من زيارة مفاجئة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب للقوات الأمريكية المتواجدة في قاعدة «عين الأسد» في محافظة الأنبار غرب العراق.

أثارت زيارة الرئيس الأمريكي لقاعدة «عين الأسد» غرب العراق في 26 ديسمبر الماضي، ومغادرته العراق دون لقاء أي مسؤول غضبا واسعا في الأوساط السياسية العراقية.

وخلال هذه الزيارة التي استغرقت عدة ساعات إلى قاعدة «عين الأسد الجوية» تحدث في أعقابها الرئيس الأمريكي عن أن بلاده يمكن لها أن تستخدم قواعدها في العراق لاستمرار حربها على تنظيم داعش في سوريا.

وحدد دونالد ترامب مهام القوات الأمريكية في العراق بمنع عودة تنظيم داعش وحماية المصالح الأمريكية والمراقبة الدائمة انطلاقا من قاعدة «عين الأسد» لأي احتمالات ممكنة لعودة التنظيم وكذلك استمرار مراقبة النشاطات الإيرانية في العراق.

وتعتقد الإدارة الأمريكية، التي تواجدت قواتها منذ عام 2015 في سوريا، أن الانسحاب لن يؤدي إلى تقليل أو اجهاض الجهود الأمريكية للحد من اتساع النفوذ الإيراني ووقف التهديدات «المفترضة» في المنطقة ضد الدول الحليفة، السعودية والأردن ومصر وإسرائيل.

وجاءت زيارة وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، في أجواء من القلق تسود الأوساط الأمنية والسياسية من تهديدات تنظيم داعش الذي بات على وشك خسارة ما تبقى من مناطق سيطرته في سوريا بالقرب من الحدود مع العراق، واحتمالات دخول ما تبقى من مقاتليه إلى العراق الذي لا تزال القوات الأمنية تعتمد في جانب كبير على الدعم الأمريكي لتأمين أمن الحدود ومنع انتقال مسلحي التنظيم إلى العراق.

وتسعى الحكومة الاتحادية لانتزاع ضمانات أمريكية باستمرار الدعم الأمريكي المقدم للعراق في مواجهة تهديدات تنظيم داعش في أعقاب قرار سحب القوات من سوريا واحتمالات سحبها من العراق، مع تأكيد الرئيس الأمريكي على ضرورة الحد من الإنفاق على الحروب في المنطقة، واعتماد دول المنطقة على نفسها في مواجهة التهديدات.

ويقدم ما يزيد عن 5000 جندي أمريكي في العراق المشورة للقوات الأمنية العراقية والتدريب للجنود العراقيين على ما يلزم من معدات قتالية لتطوير قدراتهم في مواجهة تنظيم داعش الذي تشير التقارير إلى محاولات يبذلها لتجديد نشاطاته في غرب العراق.

تنظر الولايات المتحدة إلى أن العراق اكثر أهمية لمصالحها الاستراتيجية من سوريا، ومن المهم لها أن تعمل ما يكفي لإحلال الأمن والاستقرار لحماية مصالحها في العراق، وفي المنطقة أيضا.

وجاءت زيارة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، الأسبوع الماضي، إلى العراق وسط جدل واسع حول سياسات الرئيس الأمريكي الخارجية وغياب الرؤية الواضحة بشأن قرار الانسحاب من سوريا وانعكاسات مثل هذا القرار على العراق، الذي يرى القادة العسكريون الأمريكيون تداخل ساحته في الحرب على تنظيم داعش مع الساحة السورية حيث لا يزال التنظيم يحتفظ بآخر ما تبقى من مناطق سيطرته في ريف دير الزور الشرقي على الحدود مع العراق مباشرة.

وفي تصريحات أدلى بها مايك بومبيو، من أربيل وليس من بغداد، تحدث فيها عن نقاشات مع الرئاسات العراقية الثلاث، الجمهورية ومجلس الوزراء ومجلس النواب، وحكومة إقليم شمال العراق، بشأن قرار الانسحاب الأمريكي من سوريا الذي لم يأخذ الأولوية الأولى على ما يتعلق بتعزيز الحكومة العراقية ودعمها لمنع عودة نشاطات تنظيم داعش والحد من النفوذ الإيراني في العراق.

ركز قادة عراقيون على إبقاء القواعد العسكرية الأمريكية الموجودة أصلا في العراق على خلاف خطاب قادة فصائل الحشد الشعبي، القوة الأكثر نفوذا امنيا وسياسيا في العراق، الذي شدد على اللجوء إلى مجلس النواب لاستصدار قرار يقضي بمطالبة الحكومة الاتحادية دعوة الأمريكيين للانسحاب من العراق، وهي مطالب التيار الأقل تشددا بين فصائل الحشد الشعبي حيث طالب التيار “المتشدد” منها بخروج القوات الأمريكية أو اللجوء لاستخدام القوة ضدها واستهدافها.

ويرى مسؤولون عسكريون عراقيون أن أي تخفيض للقوات الأمريكية أو انسحابها من سوريا سيؤثر على الأمن والاستقرار في العراق الذي بدا واضحا انه يحقق تحسنا تدريجيا.وتنظر قوى سياسية عراقية قريبة من إيران ان زيارة مايك بومبيو إلى العراق بشكل مفاجئ على متن طائرة عسكرية أمريكية دون إخطار مسبق للحكومة العراقية بمثابة انتهاك للسيادة العراقية، ورسالة تهديد للحكومة العراقية للاستسلام للضغوط الأمريكية بشأن الالتزام بالعقوبات ضد إيران إلى جانب فرض بقاء القوات الأمريكية واستخدام العراق منطلقا لاستهداف دول الجوار.

ولا تجد قائمة «الفتح» التي يقودها القيادي الأبرز في الحشد الشعبي، هادي العامري، أي مسوّغ قانوني لأي وجود عسكري أمريكي على الأراضي العراقية في هذه المرحلة.وتهدد حركة عصائب أهل الحق التي يقودها قيس الخزعلي، الحليف المقرّب من إيران، باستخدام القوة العسكرية ضد القوات الأمريكية اذا لم يعمل مجلس النواب العراقي بسرعة لإنهاء الوجود الأمريكي في العراق بما تراه الحركة انه انتهاك لسيادة العراق.

ويشعر المسؤولون الحكوميون العراقيون بالقلق من ان انسحابا أمريكيا متسرعا من سوريا قد يخلق فراغا امنيا يمكن لتنظيم داعش ان يستغله مع التأكيد على ان مواجهاته للقوات الحليفة للولايات المتحدة ليست ذات جدوى من دون دعم أمريكي مباشر.

في مقابل ذلك، تشهد أروقة مجلس النواب العراقي حراكا واسعا لأعضاء لتقديم مشاريع قرارات تفضي إلى استصدار قرار من المجلس يدعو الحكومة الاتحادية إلى إلغاء اتفاقية عام 2014 ودعوة القوات الأمريكية للانسحاب من العراق طالما ان القوات الأمنية العراقية قد حققت “النصر” على تنظيم داعش في 8 ديسمبر 2017.

وتفتقر الولايات المتحدة إلى استراتيجية واضحة وبناءة للتعاطي مع العوامل التي تؤدي إلى عدم الاستقرار وتهديد المصالح الأمريكية في العراق سواء التي مصدرها تنظيم داعش أو فصائل الحشد الشعبي المتحالفة مع إيران والمجموعات الأخرى العاملة في سوريا، وكذلك ما يتعلق بالنشاطات الإيرانية في العراق والنفوذ الواسع في المؤسسات الأمنية والعسكرية.

ويعتقد المسؤولون الأمريكيون ان إيران تشكل التهديد الرئيسي لمصالح الولايات المتحدة والدول الحليفة، وهي الراعي الأول للنشاطات الإرهابية في المنطقة ومصدر التهديد الأكثر خطرا على الدول الحليفة في مجلس التعاون الخليجي والأردن ومصر وإسرائيل. ويمكن للعراق أن يلعب أدوارا اكبر في أولويات السياسة الخارجية الأمريكية التي تركز على ثنائية دحر تنظيم داعش والقضاء عليه بما يضمن عدم عودته مجددا، والحد من الهيمنة الإيرانية في المنطقة بما يكفل التدفق الآمن للنفط عبر مضيقي هرمز وباب المندب وتداعيات أي اختلالات أمنية فيهما على حركة التجارة الدولية وسوق النفط العالمي بما يؤثر سلبا على الاقتصاد الأمريكي واقتصاد دول العالم. قد يؤدي سحب الجنود الأمريكيين من سوريا لزيادة التواجد العسكري الأمريكي في العراق ما يزيد من مساحة تأثير الولايات المتحدة في عمليات المراقبة لنشاطات الحشد الشعبي التي تؤمِّن الربط بين إيران والقوات الحليفة لها في سوريا والعراق عبر الأراضي العراقية في غرب وشمال غرب العراق.