khaseeb
khaseeb
أعمدة

نبض المجتمع: متى سنطبق مبدأ الوقاية؟

09 يناير 2019
09 يناير 2019

خصيب عبدالله القريني -

الموضوع الرئيسي لعدد هذا الشهر من مجلة ناشيونال جوجرافيك النسخة العربية، يتحدث عن مستقبل الطب، وماهي توظيفات الذكاء الاصطناعي لتطوير المجالات الصحية بصورة عامة، ويبرز النجاحات المتميزة التي احرزها علماء الطب على المستوى العالمي، ولعل م لفت نظري الهدف الأساسي الذي تسعى له كل تلك التقنيات والتطبيقات والمتمثل في محاولة درء الخطر قبل حدوثه، بمعنى آخر عدم الانتظار لحين قدوم مسببات المرض بل القيام بمواجهته قبل ان يبدأ، وهي تطبيق للمبدأ المعروف الوقاية خير من العلاج ولكن بأسلوب تقني وبما يتماشى مع الثورة الصناعية الجديدة.

كل ذلك يحدث ونحن نسأل انفسنا أين موقعنا من كل ذلك، وأين مؤسساتنا الصحية عن هذا المبدأ وان كان بأسلوب وطريقة ما نملكه من أدوات، فعندما نتحدث عن الأمراض المرتبطة بالدم نجد أن أعدادا كثيرة من العمانيين يعانون من هذه المشكلة نتيجة للدور الذي يلعبه العامل الوراثي في وجود مثل هذه الأمراض، فلا وجود لإلزامية الفحص ما قبل الزواج لتوقيع عقد الزواج، حيث الموضوع اختياري ولا تدخل فيه، بينما هنالك دول قريبة منا ونظامها الاجتماعي -اذا كان هذا هو السبب- قريب من نظامنا وتفرض وجود الفحص الطبي لما قبل الزواج كشرط أساسي لتوقيع عقد الزواج، وبفضل هذا الإجراء تمكنت من تحقيق نتائج واضحة وملموسة في درء مخاطر كثيرة كان يمكن أن تقع، فلماذا لا يتم اشتراط هذا الإجراء نظرا لأهميته للوقاية من أمراض وراثية كثيرة؟.

مجال آخر نحتاج فيه أيضا لموضوع الوقاية، وهنا سأبتعد عن أدوات الوقاية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي والجينومات البشرية التي يتحدث عنها تحقيق المجلة للولوج في وقاية بسيطة تتمثل في إلزامية القيام بفحص طبي سنوي شامل لكل مواطن من اجل معرفة ما يمكن أن يحمله من أعراض لأمراض محتملة، حيث إن هذا الإجراء سيوفر مبالغ طائلة من تكاليف العلاج وغير ذلك سيحسن أيضا من الجهود البشرية التي تسهم في حدمة الوطن بصورة عامة، بل يصل الأمر إلى عدم تجديد سيارة الشخص او بطاقته او جوازه اذا لم يقم بعمل هذا الفحص، شأنه شأن عدم قيامه بدفع المخالفات المرورية التي ارتكبها، وفي اعتقادي هذا الأمر اهم من مجرد دفع مخالفات.

أسوق هذه الأفكار وأنا على يقين أن المسؤولين على دراية بأهميتها، ولكن الإسراع في تطبيقها هو احد الخيارات التي يفترض ان يتم التعاطي معها بصورة ملحة دون تسويف آخر، رغم نظرتي السوداوية للوضع الحالي الذي لا يبشر بذلك إلا اذا كانت هنالك إرداة حقيقية وصادقة في تنفيذه، ومرد هذا السواد في النظرة هي تلك المحاولات البائسة التي أقوم بها ويقوم بها غيري أيضا في استجداء الطبيب للحصول على فحص ربع شامل، حيث دائما الإجابة تأتي بأن هذا الفحص غالٍ او غير متوفر او يجب عليك الانتظار او لابد من وجود أعراض ظاهرة، وهكذا دواليك حيث تقف الجوانب المالية الآنية حجر عثرة في طريق هذا التوجه، رغم أن حجم المبالغ التي سوف نوفرها لاحقا أضعاف مضاعفة لما سننفقه اليوم.