صحافة

الأيام: عام 2018 إنجاز أقل وأزمات أكثر

03 يناير 2019
03 يناير 2019

في زاوية آراء كتب مهند عبد الحميد مقالا بعنوان: عام 2018 إنجاز أقل وأزمات أكثر، جاء فيه:

هل نأسف على نهاية عام 2018، ونفرح بمقدم عام 2019، بعد أن اعتدنا على قول: إن العام المنصرم هو أصعب الأعوام التي مررنا بها، ويتكرر ذلك في كل عام، ما يعني أن الانحدار للأسوأ هو القاعدة. هذا لسان حال السواد الأعظم من الناس، وأما بالنسبة للذين يعملون من أجل التغيير للأحسن، ففي الغالب يرددون المقولة الشهيرة للإيطالي أنطونيو غرامشي: «تشاؤم العقل وتفاؤل الإرادة»، ويرددون مع الشاعر التركي ناظم حكمت: «أجمل الأيام تلك التي لم نعشها بعد».

تفاديا للإحباط، نبدأ بأبرز الأحداث والإنجازات العلمية التي نشرها موقع «روسيا اليوم»، وهي إطلاق أول مركبة من صنع الإنسان تتوغل في الغلاف الجوي الخارجي للشمس. إنماء أدمغة بشرية مصغرة للمرة الأولى في اختراق علمي مذهل. إنماء بويضات بشرية في المختبر لأول مرة. نجاح أول عملية استنساخ قردين في العالم. تطوير جنين دون بويضات أو حيوانات منوية. أول طائرة تعمل بالطاقة النووية في العالم. كل حدث أو إنجاز من العناوين السابقة «يدوخ» ويحتاج لعام 2019 بكامله لمعرفة كيف حدث ذلك من وراء ظهر الأمتين العربية والإسلامية التي لا ناقة لها ولا جمل في مجال هذا النوع من الإنجاز وغيره. قد يستغرق الجدل حول فستان رانيا يوسف الخادش للحياء الوقت الأطول.

وفي مجال الإيجاب القليل أيضا، الأمم المتحدة تعلن العام 2019 عاما للغات السكان الأصليين، وسيشهد خليج سيدني عروضا فنية تحتفي بثقافات السكان الأصليين، سيضاء خليج سيدني لمدة 12 دقيقة بالألعاب النارية المتلألئة. ستكون لوحة فنية ورمزية ساحرة الجمال سنشاهدها على شاشات التلفاز. وبصفتنا من السكان الأصليين، سنتذكر «قانون القومية» الذي شطب الاعتراف باللغة العربية كثاني لغة رسمية للدولة الإسرائيلية المستعمرة، ورغم ذلك لا بديل عن الاحتفال. وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أدخلت اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في الأمم المتحدة في 18 ديسمبر عام 1973م، ومنذ ذلك التاريخ اعتبر ذلك اليوم يوما عالميا للغة العربية، وكان احتفالنا بهذا اليوم قبل 19 يوما ضعيفا جدا للأسف، وضعفه ناجم عن ضعف أمة الضاد في كل المجالات.

في مجال السلب، سنجد وفرة مصائب فائضة عن طاقة البشر على التحمل، كانت المأساة الكبيرة موت 2600 إنسان في زلزال إندونيسيا، حدث جلل أصاب أضعافا مضاعفة بالجروح والكسور والعاهات والذعر والتشرد. للأسف لم تستحوذ هذه المحنة الإنسانية الرهيبة على اهتمام وسائل الإعلام العربية، ففي اليوم التالي كأن شيئا لم يكن، تلاشى الخبر وانتهى. وبالمقارنة فقد استحوذت جريمة قتل جمال خاشقجي البشعة على الحيز الأكبر من الإعلام على امتداد شهرين مقابل مرور سريع في يومين على محنة زلزال إندونيسيا.

الرئيس الأمريكي ترامب كان سيد السلب الأول على صعيد عالمي، وقد طالت سهامه فلسطين، بل أعلن وفريقه الحرب على الشعب الفلسطيني، باعترافه بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال وبنقل السفارة إلى القدس، وبسعيه لإلغاء «الأونروا»، وبتشكيل غطاء ومظلة للاستيطان والتهويد والاستباحة الإسرائيلية للحقوق الفلسطينية بالطول وبالعرض. ترامب أعلن الحرب على اتفاقية المناخ، وأعلن حربا تجارية مع الصين، وانسحب من الاتفاق النووي مع إيران، ويبني جدار فصل عنصري مع المكسيك، وقائمة تطول ولا تنتهي من قلب الملفات الجيوسياسية. وأحيا ترامب قوى اليمين العنصري والشعبوية ليس فقط في الولايات المتحدة وإنما في أوروبا التي قطع الاتحاد الأوروبي دابرها وهمشها. لكن صعود ترامب أعاد الحياة كجزء وامتداد لظاهرته. صعد اليمين المتطرف في إيطاليا والنمسا إلى سدة الحكم، وأحرز اختراقات في ألمانيا كان من نتائجها أزمة فرضت التراجع والانسحاب على المستشارة أنجيلا ميركل، وهناك سيطرة لليمين القومي في بولندا والمجر. وتضعضعت مكانة الرئيس الفرنسي ماكرون الذي فقد الطبقة الوسطى وتحول إلى رئيس الأغنياء المتعجرف بحسب حركة السترات الصفراء.

وإذا ما استمرت التحولات لمصلحة الترامبية في أوروبا فإن بقاء الاتحاد الأوروبي سيصبح محفوفا بالانفراط. وقد أصابت عدوى الترامبية البرازيل التي انتقلت فيها الرئاسة إلى رئيس وجنرال شعبوي، سرعان ما أعلن عن انحيازه لإسرائيل بما في ذلك نقل سفارة البرازيل من تل أبيب إلى القدس. واليمين العنصري في أستراليا أصبح جزءا من الظاهرة الترامبية. السؤال المهم، هل ستتعزز الترامبية في العام 2019 أم ستتراجع؟

حكومة نتانياهو وحلفها اليميني العنصري والقومي، تشكل أحد أركان الترامبية وقاعدة نشرها وانطلاقها، وقد وظفت دعم ترامب لها في تصعيد الحرب على الشعب الفلسطيني. يقول تقرير لجيش الاحتلال عن إنجازاته في العام 2018: اعتقلت سلطات الأمن 3173 فلسطينيا، وشن الطيران الحربي الإسرائيلي 865 هجوما على قطاع غزة، وصادر 406 قطع سلاح، ودمر 15 نفقا، واستكمل بناء 27 كيلومترا من الجدار تحت الأرض على حدود غزة، ولم يحدد التقرير الأمني عدد الشهداء الفلسطينيين، وبحسب التجمع الوطني لأسر شهداء فلسطين فإن 312 مواطنا بينهم 57 طفلا، استشهدوا برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، خلال عام 2018. وكان توزيع الشهداء 271 شهيدا من محافظات غزة، و42 شهيدا من محافظات الضفة. عدد الشهيدات الإناث بلغ 6، والذكور 306، وعدد الشهداء الأطفال (أقل من 18 عاماً، 57، ومتوسط أعمار الشهداء 42 عاما.

وكان عام 2018 حزينا برحيل الأديب السوري المبدع حنا مينا، ورحيل الفنانة الفلسطينية الجميلة ريم بنا، ورحيل الفنانة السورية مي سكاف. ولا يسع المرء إلا أن يحزن لموت داعية السلام الإسرائيلي اوري أفنيري الذي ظل ضد الاحتلال وإنكار الحقوق الفلسطينية.