assem
assem
أعمدة

نوافذ: على عتبة عام جديد

29 ديسمبر 2018
29 ديسمبر 2018

عاصم الشيدي -
[email protected] -

لم يبق من عمر هذا العام إلا بعض أنفاس يلفظها في الطريق لعتبات عام جديد يبدأ بعد غد، وتبدأ معه حكاية ممتدة لا تختلف كثيرا عن حكايا العام الحالي. عند مطلع العام الجاري كنا نحلم بالكثير من الأحلام وكنا نأمل أن تتحقق قبل أفول آخر ليلة من لياليه، لكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه كما يقول الشاعر العربي. فكل القضايا المحلية أو العربية لا تبرح مكانها، والوعي العربي في تراجع كبير، وحاله مأزوم كما لم يكن من قبل.

يدخل العام الجديد وفي المشهد العماني الكثير من الأحلام والقضايا التي نأمل أن تجد طريقها للحل، فالعالم يشهد تغيرات وتعقيدات كثيرة وكل تأخير في حل قضية ما تذهب نحو التعقّد والتأزيم لا محالة.

سيشهد العام المنتظر انتخابات في مجلس الشورى وإعادة تشكيل مجلس الدولة ويصاحب كل هذا في العادة تغييرات في البناء الحكومي، تفتح صفحات وتغلق أخرى. وتأتي هذه الانتخابات والناس تتحدث عن مجلس الشورى بكثير من الأسى لعدم قدرته خلال السنوات الأربع تغيير شيء في مجرى المياه التي تسير تحت الجسر أو تلك الراكدة إلى جواره، كانت وعود الناخبين كثيرة لكن لم ترى النور، ولذلك أسباب كثيرة بعضها يخص صلاحيات المجلس وبعضها يخص العضو نفسه وقدرته على استقراء القضايا والبحث لها عن حلول، الكثيرون يرون أن الأعضاء لم يحسنوا نقاش المشاكل التي كانت قائمة والذهاب بها نحو الحلول التوافقية أو حتى العمل على عدم نشوء مشاكل جديدة عبر المقترحات والدراسات الاستشارية التي تستأصل المشكلة قبل ظهورها.

ومن بين أهم القضايا التي سترحل من هذا العام إلى العام القادم مشكلة الباحثين عن عمل، التي تتفاقم يوما بعد آخر مع ازدياد أعداد الخريجين سواء كانوا من الجامعات أو الكليات والمعاهد أو من مخرجات شهادة الدبلوم العام، وهذه القضية هي أخطر القضايا التي تبحث عن حل منذ سنوات طويلة ولكن حتى الآن لم نصل فيها إلى حدود المعادلة التي تبعد الخطر المصاحب. رغم أن الإحصاءات الرسمية تقول إن عدد الوافدين الذين يعملون في القطاع الخاص يزيدون عن مليون و800 ألف بينهم 200 ألف يعملون في القيادات الوسطى فقط وهذا عدد كفيل بإنهاء أزمة الباحثين عن عمل لسنوات قادمة، إضافة إلى أن عدد الوافدين في القطاع الحكومي، وكما تقول الأرقام الرسمية أيضا، عددهم 60 ألف موظف في مختلف المستويات والدرجات، وإذا كنا لا نستطيع في الوقت الحالي التخلص منهم جميعا لعدم وجود البديل المؤهل لكن نستطيع إحلال العمانيين مكان الكثير منهم وبالتدريج.

تحتاج قضية الباحثين عن عمل إلى نظرة اقتصادية وأخرى سياسية وسنستطيع خلال فترة قصيرة تجاوز هذه المشكلة قبل أن تكبر كرة الثلج وندخل في متاهات نحن في غنى عنها. خاصة أن أسعار النفط لا تسمح اليوم لإيجاد حلول علاجية نتجاوز ببعضها الصعاب لفترة مؤقتة ولذلك لا بد أن يكون العلاج عميقا ويستأصل المشكلة من ساسها.

من بين القضايا التي نأمل أن تجد طريقها للحل في العام الجاري قضية مستوى أداء الكثير من المؤسسات الحكومية وبشكل خاص الخدمية منها، فرتم الحياة لا يقبل اليوم البطء الحاصل في ظل «الحكومات الذكية» التي تجاوزت بمراحل مصطلح «الحكومات الإلكترونية».

أمامنا الكثير من الاستحقاقات على كل المستويات في العام الجاري، والعالم من حولنا في عمان يموج بالحراك السياسي والأزمات الاقتصادية وإذا لم نستطع تحصين جبهاتنا الداخلية وتقويتها، بعيدا عن الأزمات، فإننا لن نبقى على الدوام بعيدا عن تأثيراتها ولو كان من قبيل التأثير الذي يتراكم حتى يصل في يوم من الأيام إلى مرحلة الانفجار.