1077939
1077939
الاقتصادية

«الخنجر تراث وهوية» تدعو لاستمرار جهود الحماية ومنع سوء الاستخدام

17 ديسمبر 2018
17 ديسمبر 2018

في ندوة موسعة بصحار -

صحار - مكتب «عمان» - خميس بن علي الخوالدي -

نظمت وزارة التجارة والصناعة بالتعاون مع الهيئة العامة للصناعات الحرفية أمس ندوة حول مواصفات الخنجر العمانية بعنوان «الخنجر تراث وهوية»، وذلك بمقر غرفة تجارة وصناعة عمان بمحافظة شمال الباطنة برعاية سعادة هلال بن ناصر السدراني عضو مجلس الشورى ممثل ولاية صحار وحضور عدد من المسؤولين بالقطاعين العام والخاص بالمحافظة.

وقالت نورة بنت عبدالرحمن الزدجالية مديرة دائرة الإعلام بالوزارة: إن العمانيين برعوا في تصميم ونقش الخنجر العمانية وتعتبر من أرقى الموروثات وللخنجر مكانة خاصة في حياة العمانيين فهي رمز للانتماء والتقاليد الأصيلة ويحرص العمانيون على اقتناء الخناجر والظهور بها في المناسبات الرسمية والاحتفالات الوطنية وغيرها من المناسبات المختلفة وتوارث هذا المظهر الاجتماعي من الآباء إلى الأبناء، وعرفت صناعة الخناجر منذ آلاف السنين وكانت بمثابة صناعة فلكورية يتقنها ويبدع في صناعتها الكثير من العمانيين وحافظت هذه الصناعة على بقائها رغم تسارع التغييرات والتطورات في العصر الحديث وبذلك نمت واستمرت وتطورت واتخذت مكانة مهمة من بين الصناعات العُمانية.

وأضافت الزدجالية: إن الخنجر العمانية أصبحت واحدة من أبرز الصناعات الشعبية وتعد من الناحية الاقتصادية أحد مصادر الدخل فهي تمثل هوية وشعارا وموروثا تاريخيا وثقافيا واجتماعيا تتناقله الأجيال أبا عن جد فلا توجد صناعة أخرى تضاهي صناعة الخناجر التي تضرب بجذورها في أعماق التاريخ وتزايد الاهتمام بصناعة الخناجر فأصبحت هذه الصناعة توفر فرص العمل للكثيرين وأيضا تعتبر أحد مصادر الدخل المستدامة وذلك باستغلال الخامات الأولية الداخلة في صناعتها والموجودة بالسلطنة مثل الحديد والخشب والفضة.

وأوضحت الزدجالية أن الندوة تأتي استكمالا للجهود التي بدأتها كل من وزارة التجارة والصناعة والهيئة العامة للصناعات الحرفية والجهات المختصة الأخرى وذلك لحماية الخنجر العمانية والحفاظ على هذا الإرث تاريخا وثقافة من الإساءة إليه وسوء استخدامه ومن الأهداف المهمة لهذه الندوة توعية المجتمع بأهمية اقتناء الخناجر المطابقة للمواصفات والمقاييس العمانية.

الخنجر العمانية هوية واعتزاز

وقدم سلطان بن سعيد آل عبدالسلام أخصائي تراخيص حرف بدائرة الصناعات الحرفية بشمال الباطنة ورقة عمل عنوانها «الخنجر العمانية هوية واعتزاز» تناول فيها اعتزاز العمانيين بالخنجر العمانية واعتزازهم بها واصفا إياهم بأنهم أصحاب حضارة قديمة وتراث وطني له قيمة وأنهم منفتحون على العصر في الوقت نفسه، فكانت عُمان ولا تزال مثلا حميدا يُحتذى به بين الأمم والشعوب في الجمع بين الأصالة والتجديد، فالعُمانيون يجدون الصيغة التي تجمع بين التاريخ والحاضر أي أنهم نجحوا في التوصل إلى أسلوب الحياة المنطبق تماما على مقوماتهم الوطنية تاريخية أم معاصرة وفي جميع مجالات الحياة بما فيها الثقافة والأوضاع الاجتماعية.

وأضاف آل عبدالسلام: إن الانتماء بالنسبة للعمانيين ليس فقط انتماء لأرض وتعبيرا عن هوية وإنما هو فلسفة أو أسلوب حياة، والعماد الرئيسي لهذا الأسلوب من الحياة هو التعاون والمشاركة والترابط الوثيق بين مختلف مؤسسات الدولة، تلك المؤسسات التي تشارك المواطن العماني من خلالها في صنع القرارات وكان قرار القيادة الحكيمة هو أننا نبني ونعمل وفق متطلبات واحتياجات واقعنا العماني وبما يتفق مع المراحل التي نريد الوصول إليها وعليه اعتمدت السلطنة استراتيجية طويلة الأمد للانتقال من المجتمع إلى الدولة العصرية وأفردت مكانة خاصة لتطوير الثقافة الشعبية والتراث العماني والحفاظ عليه وقُدر لهذه الحرف أن تستعيد مكانتها المعهودة في ظل العهد الزاهر لمولانا جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حيث أعطى جلالته اهتماما ورعاية إدراكا منه بأهميتها وتفعيل دورها الريادي ويحفظ لهذه الصناعات الحرفية هويتها العمانية الأصيلة بقوله في كلمته السامية التي وجهها في الدورة الـ33 للمؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة - اليونيسكو بمناسبة مرور 60 عاما على إنشاء المنظمة التي عقدت في باريس «إننا نولي تراثنا الثقافي بمختلف أشكاله ومضامينه المادية أهمية خاصة ونعنى به عناية متميزة لما له من أهمية ودور ملموس في النهوض بالحياة الفكرية والفنية والإبداع والابتكار» وان الأوامر السامية بإنشاء الهيئة العامة للصناعات الحرفية والمرسوم السلطاني بإصدار اللائحة التنظيمية للصناعات الحرفية والمكرمة السامية من جلالة السلطان لأبنائه الحرفيين في عام 2003 وإصدار النظام الأساسي للهيئة واعتماد هيكلها التنظيمي والمرسوم السلطاني والقاضي بسريان بعض القوانين على الهيئة العامة للصناعات الحرفية بمثابة ترجمة صادقة للاهتمام لحماية وتطوير الصناعات الحرفية في السلطنة، كما يعد دليلا واضحا على أهمية الصناعات الحرفية باعتبارها رمزا ثابتا من رموز الهوية الحضارية للمجتمع العماني.

وأوضح آل عبدالسلام أن تنظيم قطاع الصناعات الحرفية تم بآلية منظمة ومدروسة ومتقنة وتأتي أهمية التنظيم في زيادة الدخل القومي وتوفير فرص عمل للشباب ودعم الاستقرار الاجتماعي وإيجاد أبعاد اقتصادية جديدة، والهدف الأكبر من التنظيم هو الحفاظ على أحد الجوانب التراثية المهمة وتوعية الأجيال بالتاريخ والتراث العماني، أما آليات الحفاظ على الصناعات والنهوض بها هي الإشراف العام على القطاع الرسمي والأهلي المرتبط بجميع أمور الصناعات الحرفية وصياغة القوانين المرتبطة بمجالات الصناعات الحرفية والتخطيط التدريبي والسياحي والاجتماعي والتخطيط للإنتاج والتسويق إضافة إلى التخطيط التعليمي لدراسات الصناعات الحرفية والتخطيط الثقافي في مجال الإنتاج الحرفي والتخطيط الإعلامي لنشر الوعي بأهمية الصناعات الحرفية مشيرا إلى أن الهيئة تهتم بإقامة المعارض الحرفية سواء كانت محلية أو دولية وذلك لإبراز الصناعات الحرفية محليا وفي المحافل الدولية ولتعزيز برامج التسويق والترويج للصناعات الحرفية على المستوى الإقليمي والدولي والتعريف بالكفاءات الحرفية العمانية وذلك من خلال تقديم عروض حية لعدد من الحرفيين في مختلف الصناعات الحرفية وهناك العديد من الأوامر والمكرمات السامية في إنشاء العديد من مراكز التدريب والتأهيل في مجال الصناعات الحرفية ومنها مراكز التدريب على الخنجر العمانية والمشغولات الفضية وأن الجهود في الحكومة لإحياء التراث العماني تتضافر فيها عدد من المؤسسات الحكومية والأهلية التي تعمل على دعم البحوث والدراسات التي تهتم بإحياء التراث العماني ودعم الباحثين في هذه المجالات ودعم الحرفيين.

اهتمام بالغ

وقال آل عبدالسلام: لما كان للخنجر هذه المكانة المرموقة فإن السلطنة قيادة وحكومة وشعبا تهتم بالخنجر العمانية، وقد قامت المديرية العامة للمواصفات والمقاييس بالتعاون مع المديرية العامة لرعاية الصناعات الحرفية بإعداد مواصفة قياسية عمانية وتحتوي المواصفة على مكونات وأجزاء الخنجر وأنواع ومسميات الخناجر المتداولة بالسلطنة وأساليب التصنيع المتبعة والمواد الخام التي يمكن أن تدخل في الصناعة والمواصفات وأبعاد وأوزان المنتج النهائي، والهدف من المواصفة حماية الحرفة الوطنية العمانية، كما تحظى الخنجر العمانية باهتمام شخصي من لدن جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم الذي أصدر أوامره بحظر استيراد الخناجر العمانية من الخارج وذلك حفاظا على الخنجر من التقليد أو التزييف نظرًا لما يمثله من مدلولات ثقافية للشعب العماني.

حقوق الملكية الفكرية

وفي مجال حقوق الملكية الفكرية صدرت شهادة إيداع محلية رقم (822) للخناجر العمانية لدى دائرة الملكية الفكرية لوزارة التجارة والصناعة، كما صدر القرار الوزاري رقم (47/‏‏2009م) بشأن المواصفات القياسية للخنجر العمانية، وألزم صناع الخناجر العمانية وجميع الجهات المعنية في السلطنة باعتماد تلك المواصفات القياسية التي ترعى الحفاظ والحرص على الهوية العمانية للخنجر العمانية ومواصلة للنهج المتبع للحفاظ على الخناجر العمانية من التقليد أو الخروج في صناعتها على الهوية العمانية، صدر القرار رقم (32/‏‏2010م) من الهيئة العامة للصناعات الحرفية بشأن حظر استخدام نموذج الخنجر العمانية وغيره من نماذج الصناعات الحرفية في أي منتجات صناعية سواء كانت مصنعة محليا أو مستوردة إلا بموافقة مسبقة من الهيئة العامة للصناعات الحرفية.

المواصفات القياسية العمانية

وفي إطار حرص المؤسسات الحكومية المختصة للحفاظ على الموروثات التي تتميز بالأصالة والعراقة وتوثيق تلك الموروثات وتحديد مواصفاتها وشروط تشغيلها لحمايتها من المداخلات التي قد تؤثر على طابعها العماني الأصيل المميز فقد قامت الهيئة العامة للصناعات الحرفية ممثلة بالمديرية العامة لرعاية الصناعات الحرفية بالتعاون مع المديرية العامة للمواصفات والمقاييس بإعداد المواصفة القياسية العمانية كما ذكرنا سابقا بعد دراسات تمهيدية شملت زيارات ميدانية لأماكن صناعة الخنجر لاستقصاء المعلومات الأولية عن مكونات الخنجر وأنواع ومسميات الخناجر المتداولة بالسلطنة وأساليب التصنيع المتبعة حتى يأتي التشريع متوافقا مع الواقع العملي للصناعة بما يخدم الهدف منه ثم جرت مراعاة التشريعات الصادرة المتعلقة بالمواد الخام التي يمكن أن تدخل في الصناعة، كما روعيت مواصفات وأبعاد وأوزان المنتج النهائي، كما تم تقديم عدة مقترحات بدراسة الملاحظات الفنية الواردة على المشروع للخروج بدراسة متكاملة ومنهج منصوص بالمواد متكامل قابل للتطبيق دون معوقات فنية أو اقتصادية بما يحمي الحرفة الوطنية العمانية بشكل خاص وعدم المساس أو التغيير في هذا الرمز الأصيل الذي تأصل منذ القدم وما زال محافظا على أصالته حتى وقتنا الحاضر لما بذل له من العناية الخاصة من دخول المستحدثات العصرية على بعض الحرف الأخرى لتواكب التطور الملموس وحفاظا على مواصفات الخنجر العمانية تم عمل المعايير والمواصفات والمقاييس للخنجر العمانية.

الخنجر سمة شخصية للعماني

وأشار آل عبدالسلام إلى أن الخنجر العمانية تعتبر إحدى سمات الشخصية للرجل العماني، إذ يتزين بها في المناسبات الاجتماعية والوطنية وهي إحدى سمات الوجاهة، والخنجر تصنع من الفضة الخالصة التي كانت تستخلص من صهر النقود الفضية المتداولة قديما بعد فصل الحديد منها وهي عملية دقيقة تستغرق أكثر من شهر في تصنيعها، وحاليا يتم تصنيعها من سبائك الفضة بعد صهرها والخناجر العمانية هي رمز الهوية العمانية ورمز الدولة وتتميز بمواصفات محددة متعارف عليها عند الحرفيين والمختصين، وكذلك تتصف بمعايير محددة متعارف عليها لدى الهيئة العامة للصناعات الحرفية ووزارة التراث والثقافة ووزارة التجارة والصناعة وتم تعديل المواصفة القياسية سنة 2013م في إطار حرص السلطنة على الحفاظ على الموروثات التي تتميز بالأصالة والعراقة وتوثيق تلك الموروثات وتحديد مواصفاتها وشروط تشغيلها لحمايتها من المدخلات التي قد تؤثر على طابعها العماني المميز.

التطاول على صناعة الخنجر

وقال آل عبدالسلام: ظهرت في أواخر القرن العشرين بعض الخناجر الدخيلة على المجتمع العماني التي لا تتصف بمواصفات الخنجر العمانية والتي شكلت تهديدًا للهوية العمانية، وتتصف الخناجر المزيفة بأن مادة صنعها هي النحاس الخفيف والنقوش قريبة من تلك الموجودة على الخنجر وهي الزخارف العمانية والإسلامية التي عادة ما تتواجد في الخناجر العمانية الأصيلة وتبذل الحكومة جهودًا واضحة لمكافحة انتشار وبيع الخناجر المزيفة والتي يتم بيعها في بعض المحلات المحلية ويتم استيرادها من بعض الدول الآسيوية، وهناك خصائص أخرى تتصف بها الخناجر المزيفة أنها تشترك مع مواصفات الخناجر العمانية بجميع أنواعها مما يصعب على الكثير التمييز بين الخنجر الأصلية والخنجر المزيفة، فنجد للأسف يقتني بعض الشباب مثل هذه الخناجر المزيفة ويرتديها في المناسبات المختلفة وأكثر هؤلاء الأشخاص من ليس لديهم خبرة ودراية بالخناجر العمانية من الجيل الحديث من الشباب.

وقدم سلطان آل عبدالسلام تعريفا مبسطا عن الخنجر العمانية قائلا: إن الخنجر هي سلاح صغير الحجم وتتواجد في جميع أنحاء دول الشرق الأوسط وتعرف باسم «خنجر»، ومنها الخنجر العمانية ويمكن وصفها بأنها سلاح مقوس وحاد من الجهتين.

تجربة صانع محلي

كما قدم منصور بن محمد بن سالم الزعابي صانع خناجر بولاية صحم تجربته في صناعة الخناجر العمانية منذ أن كان صغيرا إلى أن ورث هذه الصناعة من والده تناول خلالها كيفية صناعة الخناجر العمانية وأنواعها والمواد التي تدخل في صناعة الخناجر إضافة إلى أجزاء الخنجر العمانية.

وحث الزعابي المجتمع على المحافظة على اقتناء الخناجر الأصلية وعدم التهاون في السماح بانتشار الخناجر الدخيلة على المجتمع والتأكد من المواد المصنوعة منها الخناجر من أصحاب الخبرة قبل اقتنائها وذلك للحد من انتشار الصناعات المزيفة التي يتم استيرادها من بعض الدول الآسيوية التي غزت الأسواق لأنها تشكل تهديدا على الهوية العمانية وعلى المنتج المحلي.

هدفت الندوة إلى الحفاظ على الهوية العمانية وتعريف الحرفيين والباعة والمصنعين للخنجر العمانية بالمواصفة القياسية للخنجر العمانية وعدم إدخال تعديلات تسيء إليها، وكذلك توعية المجتمع بأهمية اقتناء الخناجر المطابقة للمواصفات والمقاييس وناقشت نشأة الخنجر العمانية وتاريخها والمواصفة القياسية للخنجر العمانية وأنواعها وأجزائها الرئيسية وخطوات صناعة الخنجر العمانية وكذلك المكونات الداخلة في صناعتها والمواد التي يصنع منها القرن، وطرق النقش على الخنجر والبيانات الإيضاحية التي يجب أن تحملها الخنجر المعدة للتسويق مثل عيار ووزن الفضة أو الذهب وسنة الصنع ونوع الخنجر وعبارة «صنع في سلطنة عمان».