أفكار وآراء

عواقب متوقعة للبريكست على تجارة الزهور في هولندا

15 ديسمبر 2018
15 ديسمبر 2018

الزمير- هولندا- أ. ف. ب: منذ ساعات الفجر الأولى ينشط مئات الأشخاص في سيارات كهربائية صغيرة داخل مستودع ضخم في الزمير قرب أمستردام حيث تقع أكبر سوق للأزهار في العالم تشكل المركز اللوجستي لقطاع الزهور في أوروبا.

في هذا المبنى الشاسع وهو من الأكبر في العالم يباع حوالى 22 ألف نوع مختلف من الزهور والنبات من قبل تعاونية «رويال فلورا هولند» الهولندية العملاقة في مجال البستنة.

وهذا القطاع منظم بإتقان لكن حلول البريكست قريبا قد يتسبب بمشاكل إذ إن بريطانيا هي ثالث سوق لهولندا في هذا المجال بعد ألمانيا فرنسا.

ويلقي هذا الوضع بظلاله على إيمه باسما مدير العمليات لدى «رويال فلورا هولند» منذ سنتين ونصف السنة.

ومع أن الملامح المحددة للانفصال بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا لا تتضح بعد، بدأ باسما من الآن يرصد تغيرات.

ويقول بأسف «بسبب تراجع سعر صرف الجنيه الإسترليني ينفق البريطانيون أقل على الزهور على ما لاحظنا منذ سنتين». ويوضح: «تبلغ قيمة قطاع الزهور في هولندا بين ستة وسبعة مليارات يورو (سنويا) من بينها 850 مليونا بفضل السوق البريطانية أي 12 إلى 13 %» من المجموع.

اضطرابات متوقعة

في أروقة هذه السوق الملونة العابقة بالروائح، تجري حوالى مائة ألف صفقة في اليوم.

والمكان بمثابة «وول ستريت» الزهور ويقع على مسافة كيلومترات قليلة من مطار أمستردام. وتدير التعاونية العملاقة مزادات بيع الزهور ومركزا للتوزيع.

ويعكف آلاف الموظفين الذين ينتعلون أحذية خاصة ويلبسون سترات عاكسة للضوء، على نقل أنواع مختلفة من الزهور من ورد وتوليب وأقحوان، في دلاء على مدى النظر.

ويمر ثلث تجارة الزهور في العالم عبر هولندا من بينها 20 % تنقل بالطائرة من إفريقيا بعد خضوعها لتدقيق من الجمارك.

وما أن تباع الأزهار نوزّع في غضون يوم أو يومين في دول أوروبية خصوصا فضلا عن مناطق أخرى في العالم ولا سيما روسيا والولايات المتحدة.

وبما أنها تمر بهولندا، تعبر الأزهار الموجهة إلى دول أخرى في الاتحاد اوروبي الحدود من دون عمليات تدقيق جديدة.

وهذا الأمر لا يزال ينطبق على تلك الموجهة إلى بريطانيا التي تنقل في عبارات أو عبر النفق تحت بحر المانش. إلا أن هذا الأمر قد يتغير مع البريكست.

وتنوي «فلورا هولند» البالغ رقم أعمالها السنوي 4.7 مليار يورو، حماية مصالحها قدر الإمكان. وتوظف الشركة الهولندية ثلاثة آلاف شخص في موقعها الرئيسي في ألزمير فقط.

ويؤكد باسما «ستحصل بعض الاضطرابات بطبيعة الحال». ومن أجل احتواء عواقب البريكست التي باتت ملموسة، تدرس هذه التعاونية عدة سيناريوهات محتملة وتبحث عن حلول.

إجراءات تنظيمية جديدة

ويقول باسما: إن الشركة لا تأمل باتفاق جديد مع الحكومة البريطانية بل باعتماد إجراءات تنظيمية بالشراكة مع الجمارك وهيئات مراقبة الجودة والسلطات المرفئية وهي أساسية لضمان نقل الزهور إلى بريطانيا من دون كلفة إضافية أو مهل أطول.

ويؤكد «نعمل مع قطاع الفاكهة والخضار على حل يشتمل على تدقيق مسبق لا يحتاج إلى وثائق مع الجمارك». ويوضح «ما أن تصل الشاحنة إلى المرفأ يكون لديها مسلك خاص للصعود إلى السفينة». والهدف من ذلك ضمان أن تكون الإجراءات الإدارية وضبط الجودة أقل مع تحسين سلسلة الإمداد والمنشآت في المرافئ. ويؤكد باسما أن هذا الأمر سيسمح بالتحقق من أن البضائع المنقولة ستصل «بأكبر سرعة ممكنة إلى الجانب ألآخر من المانش». وهو ينتظر القرار النهائي حول البريكست بفارغ الصبر. ورغم الغموض الذي يكتنف خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يحافظ باسما على تفاؤله. ويختم مبتسما «سيستمر الناس في بريطانيا بتزيين موائدهم بالزهور التي سيكون مصدرها هولندا لأنها أكبر مركز» للزهور في العالم.