1064255
1064255
الاقتصادية

المؤتمر يناقش الجهود الوطنية لمواءمة خطط الاستدامة مع الأهداف الإنمائية

04 ديسمبر 2018
04 ديسمبر 2018

السالمي: ميثاق الاستدامة يقدم إطارا ومرجعا وطنيا للمسؤولية الاجتماعية للشركات -

حامد البوسعيدي: مشروع «ميثاق الاستدامة» يهدف إلى توفير مسارات توجيهية -

كتب- سرحان المحرزي -

ناقش مؤتمر الاستدامة الأول الذي عقده مركز عمان للحوكمة والاستدامة أمس تطوير استراتيجيات الاستدامة في السلطنة وتطرق إلى الخطوات التي اعتمدتها السلطنة لإدماج الاستدامة في رؤيتها لعام 2040، إلى جانب مناقشة الجهود الوطنية المتبعة لموائمة خطط الاستدامة مع الأهداف الإنمائية لألفية الأمم المتحدة.

ونوه معالي الدكتور يحيى بن محفوظ المنذري، رئيس مجلس الدولة الذي رعى حفل الافتتاح بأهمية دراسة الاستدامة بمفهومها الشامل التي بدأت السلطنة تعمل عليها مراعية في ذلك أهداف التنمية المستدامة التي أقرتها الأمم المتحدة متمنيا معاليه التوفيق للمؤتمر.

وقال سعادة عبدالله بن سالم السالمي الرئيس التنفيذي للهيئة العامة لسوق المال رئيس مجلس إدارة مركز عمان للحوكمة والاستدامة: أضحى إصدار ميثاق الاستدامة ضروريا ليقدم إطارا ومرجعا وطنيا يتيح فهما عاما ومتسقا لنماذج ومجالات المسؤولية الاجتماعية للشركات، ويعزز سبل التكامل.

مضيفا: إن ميثاق الاستدامة سيقلل من ازدواجية الجهود وتكرارها، ويتيح فرص توسيع قاعدة المستفيدين من هذه الجهود، وتعميقها بما يتوافق مع العمل الوطني في مجال الاستدامة والتنمية المستدامة، وحوكمة الشركات وتنظيم إدارة شؤونها، كما سيعمل الميثاق على وضع السلطنة في مصاف دول العالم المتقدمة في هذا المجال، وسيمهد لأن تتبنى الشركات والمؤسسات العمانية المعايير العالمية المتعارف عليها في الاستدامة وأن تبدأ بإصدار تقارير دورية عن تطبيقها لهذه المعايير وتخضع هذه التقارير للتدقيق من قبل مدققين مختصين.

من جانبه، قال السيد حامد بن سلطان البوسعيدي المدير التنفيذي لمركز عُمان للحوكمة والاستدامة: إن مشروع «ميثاق الاستدامة» يهدف إلى توفير مسارات توجيهية في مجال الاستدامة لمساندة المؤسسات الراغبة في تبنى أفضل الممارسات في هذا المجال.

وأكد البوسعيدي أن أهمية الميثاق تكمن في تعزيز الخدمات والمنتجات التجارية والبرامج القائمة الخاصة بالاستدامـة وتغييرها والتركيز على نقاط القوة الخاصة بالمؤسسة وتمكين المسؤولين من اتخاذ قرارات استراتيجية واعية مبنية على التواصل مع أصحاب الشأن وتحديد القضايا ذات الصلة.

من جهته قال سعادة ناصر بن خميس الجشمي وكيل وزارة المالية: إن البنية الأساسية في السلطنة شبه مكتملة وستظهر بصورة أوضح خلال الفترة القادمة، مضيفا إن الاستدامة تتحقق في ظل تنويع مصادر الدخل وأن القطاعات التي تم التركيز عليها في البرنامج الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي (تنفيذ) هي المعول عليها للتنويع وتحقيق الاستدامة.

جلسات نقاشية

وتضمن المؤتمر عدة جلسات نقاشية تمثلت في برامج المسؤولية الاجتماعية، والشراكة العامة والخاصة للتأثير الاجتماعي، والابتكار الاجتماعي. واستضاف المؤتمر عدة متحدثين مرموقين من خارج وداخل السلطنة. ورؤساء تنفيذيين من مختلف المؤسسات التي تعمل في مجال الاستدامة.

ومن أهم الجلسات النقاشية في المؤتمر جلسة تحت عنوان «برامج الاستثمار الاستراتيجي الاجتماعية»، تم في الجلسة تناول مفهوم المسؤولية الاجتماعية وتوضيح الفرق بينه وبين الاستثمار الاجتماعي للشركات، كما تم عرض أمثلة واقعية لتطبيق برامج المسؤولية الاجتماعية في الشركات العاملة في السلطنة، وتطرقت الى التحديات التي تواجه المهتمين بالمسؤولية الاجتماعية من حيث جمع البيانات وأفضل التقنيات المتبعة في تحليل العائد على الاستثمار.

وجاءت الجلسة الحوارية الثالثة بعنوان «الشراكة بين القطاع العام والخاص وقياس أثره على المجتمع»، حيث تمت مناقشة دور القطاعات المختلفة وأهمية التعاون بينها لتحقيق المنفعة المتبادلة من أجل تحقيق التأثير الاجتماعي وصولا إلى تحقيق التنمية المستدامة. وأما بالنسبة للجلسة الحوارية الرابعة فكانت تحت عنوان «الإفصاح، والتقارير في مجال الاستدامة»، وناقشت الجلسة أهمية الإفصاح والشفافية وتأثير التقارير على أداء الشركات في أسواق المال، ودور الإفصاح في تعزيز الثقة بين مؤسسات والأطراف المتعاملين معهم على المدى البعيد.

يعد هذا المؤتمر فرصة ثمينة لجميع المؤسسات في السلطنة للمشاركة بالحضور أو بالرعاية لتأكيد وإبراز دورها وتبنيها للمسؤولية المجتمعية والاستدامة في بيئة عملها وفي مساهمتها في الاقتصاد الوطني والاجتماعي والبيئي.

الجدير بالذكر أن مركز عمان للحوكمة والاستدامة نظم في وقت سابق حلقة عمل حول مشروع إعداد سياسات وطنية موحدة في المسؤولية الاجتماعية والاستدامة، التي كانت أولى الخطوات في تدشين هذا المشروع، حضرها ما يقارب 55 شخصا يمثلون 36 مؤسسة في القطاع العام والخاص. بهدف تعريفهم بالمشروع الذي يعكف عليه مركز عمان للحوكمة والاستدامة. حيث أنشئ مركز عمان للحوكمة والاستدامة كجهة مستقلة إداريا وماليا وغير هادفة للربح، وهي متخصصة في مجالي الحوكمة والاستدامة. أنشأ من أجل نشر مفهوم وثقافة الحوكمة والاستدامة في جميع المؤسسات في السلطنة بمختلف أشكالها القانونية. وتتمثل رؤية المركز في أن يساهم في التنمية وأن يكون جزءًا لا يتجزأ من الاقتصاد الوطني، كما أن رسالته تتمثل في أنه مركز متميز مكرس لبناء اقتصاد أكثر قوة وأكثر قدرة على المنافسة من خلال غرس ثقافة الحوكمة والاستدامة في العمليات الاقتصادية عن طريق التعلم والريادة.

مفهوم الاستدامة

وقال سعادة عبدالله بن سالم السالمي الرئيس التنفيذي للهيئة العامة لسوق المال رئيس مجلس إدارة مركز عمان للحوكمة والاستدامة: يتزايد الاهتمام بمستقبل الحياة وجودتها على مستوى العالم، وكيف يمكن للبشر أن يعيشوا بسلام مع غيرهم من الكائنات وفي الوقت نفسه كيف يمكنهم أن يعيشوا بشكل متوازن مع البيئة وبدون أن يؤثروا على فرصة الأجيال القادمة في الاستمتاع بالموارد الموجودة اليوم وبجودة الحياة نفسها التي نعيشها بل وبمستويات أفضل.

وأكد في كلمة له خلال المؤتمر أن الاهتمام بدأ في الآونة الأخيرة بالاستدامة بمفهومها الواسع من حيث معناها وأيضا من حيث شموليتها ومداها. فمن جانب مفهوم الاستدامة، فقد تطور المصطلح من مجرد الحديث عن «المسؤولية الاجتماعية للشركات» إلى «استدامة الشركات». ومن ناحية الشمولية، فقد اتسع نطاق مصطلح الاستدامة ليشمل ليس فقط المؤسسات والشركات بل تعداها إلى الاستدامة في كل مناحي الحياة وبما يضمن الاستدامة والبقاء لعالمنا بأسره واستمراريته.

وقال في كلمته: لقد عرف آباؤنا محورية الاستدامة في استمرار الحياة على هذه البسيطة، فقدموا فيها تجارب عملية ناجحة سواء على صعيد الاستفادة من الموارد المائية أو الزراعية أو الرعوية أو السمكية، ونظموها وفق سنن وأعراف بما يسمح بتوظيفها معيشيا دون الإخلال بحق الأجيال القادمة فيها، ولا الإضرار بتوازنها الطبيعي، وفي الوقت ذاته أوجدوا نماذج اقتصادية تسمح باستدامة إدارة هذه الموارد وصيانتها، واستقلاليتها.

وأضاف: من واقع هاتين النقطتين المعرفيتين، وانطلاقًا من أهداف التنمية المتوازنة، غدت الاستدامة مسألة حتمية تتقاطع مع كل مشارب الحياة وصنوف المعارف ومجالات العمل والبناء، وبدت أهميتها وحتميتها أكثر إلحاحا وأبلغ أثراً في المجالات الاقتصادية، بما في ذلك التجارية منها والمالية، كونها تمثل عصب الحياة ودَفْقَ عملياتِها.

وأوضح سعادته: يأتي هذا المؤتمر في هذا السياق ليسلط الضوء على جملة من الأمور والقضايا ذات الصلة الوثيقة بالتنمية الاقتصادية المستدامة وممارساتها في السلطنة وفي غيرها، وأن الموضوع الأبرز في هذا المؤتمر هو مشروع «ميثاق الاستدامة».

وأضاف: سيمثل هذا الميثاق إطارًا وطنيًا ومنهاجًا عمليًا للجهود التي تبذلها الشركات والمؤسسات التجارية في السلطنة في سبيل فهم وتبني مفاهيم ومبادئ المسؤولية الاجتماعية والتي أخذت الآن منحى أوسع وأشمل فأصبحت تعرف عالميا بالاستدامة» وإدماج هذه المفاهيم والمبادئ في ثقافاتها وفكرها وأعمالها واستراتيجياتها التشغيلية، بحيث تصبح جزءا من طريقة عملها وعنصرا طبيعيا في كافة أنشطتها دونما إلزام أو فرض.

وأشار إلى أن أهداف التنمية المستدامة في مجملها تمثل التزاما عالميا اتفقت عليه دول العالم طوعا، كما أن هذه الأهداف تقدم منهاج عمل يوازن بين الأطراف الثلاثة للتنمية: المجتمع، والاقتصاد، والبيئة، وتنبع أهميتها من دورها في الحد من التركيز على طرف دون آخر، بما قد يعيق التنمية.

وقال السالمي: ومن بين أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر التي تسعى الأمم المتحدة لتحقيقها بحلول عام 2030، سلط السالمي الضوء على الهدف الثامن، كونه يتقاطع مباشرة مع رسالة الهيئة العامة لسوق المال وأهدافها ويركز على النمو الاقتصادي، وهو تعزيز النمو الاقتصادي المطرد والشامل والمستدام للجميع، والقوى العاملة الكاملة والمنتجة، وتوفير العمل اللائق لأفراد المجتمع. فمما جاء في تقرير الأمم المتحدة عن أهداف التنمية المستدامة لعام 2018م أنه على الرغم من ارتفاع إنتاجية العمل وانخفاض معدل مشكلة البحث عن عمل على الصعيد العالمي، إلا أن الحاجة للتقدم في هذا المسار لا تزال قائمة، وذلك لتحقيق ثلاثة مستهدفات أولا زيادة فرص العمل للشباب، فقد بلغ معدل البطالة بين الشباب في العالم حوالي 13 في المائة في عام 2017، وهو أعلى بثلاث مرات عن معدل البطالة بين الكبار. وثانيا تشجيع بيئة عمل آمنة ومأمونة، لتحسين الإنتاجية واحترام الحقوق، فعلى الصعيد العالمي فإن حوالي 51% من العاملين يعملون في إطار تشغيل غير رسمي أو غير مناسب.

وثالثا: تحسين الوصول إلى الخدمات المالية (الشمول المالي) لضمان استمرارية الأعمال وتحقيق نمو اقتصادي شامل للجميع، ففي البلدان المرتفعة الدخل مثلا، يمتلك كل شخص بالغ تقريبا حسابا في مصرف أو مؤسسة مالية أخرى، مقارنة بما نسبته 35 في المائة فقط من البالغين في البلدان المنخفضة الدخل.