1055222
1055222
العرب والعالم

توترات شديدة قبالة «القرم» - كييف تضع جيشها في حالة تأهب لمواجهة روسيا وبوروشينكو يعلن الأحكام العرفية

26 نوفمبر 2018
26 نوفمبر 2018

كييف - أنقرة - (أ ف ب - د ب أ) - وضعت أوكرانيا جيشها في حالة تأهب بعد أن فتحت روسيا النار على ثلاث سفن للبحرية الأوكرانية كانت تحاول عبور خليج كيرتش مطلع هذا الأسبوع ، في تأجج كبير للصراع بين البلدين.

وكان مجلس الأمن الأوكراني قد أوصى بأمر التأهب، حسبما أعلنت وزارة الدفاع أمس.

وأفادت البحرية الأوكرانية بأن حرس الحدود الروسي أطلق النار على سفنها في مياه تفصل البحر الأسود وبحر أزوف أمس الأول وأصدرت السلطات في كييف بيانا قالت فيه إن الحادث أسفر عن إصابة شخصين.

وأعلن الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو فرض الأحكام العرفية خلال الستين يوما المقبلة على خلفية النزاع مع روسيا في بحر آزوف، حسبما ذكر المكتب الرئاسي أمس في كييف. وأعلن جهاز الأمن الاتحادي الروسي أنه تم احتجاز السفن الثلاث ، وأن ثلاثة من أفراد البحرية الأوكرانية قد تلقوا مساعدة طبية، بعد أن لحقت بهم إصابات، لكنها لا تشكل تهديدا لحياتهم، وفقا لوكالة «تاس» الروسية الرسمية للأنباء.

وذكر جهاز الأمن الاتحادي الروسي أن لديه «أدلة دامغة» على استخدام كييف للبحرية الأوكرانية «للقيام باستفزاز في البحر الأسود»، مضيفا أن «الأسلحة استخدمت لإجبار السفن الحربية الأوكرانية على التوقف» لأنها كانت تقوم بـ«مناورات خطيرة». وطالبت أوكرانيا أمس بالإفراج عن سفنها الحربية الثلاث وأعلنت وزارة الخارجية الأوكرانية في بيان نُشر ليل أمس أن كييف «تطلب» من موسكو تحرير بحاريها و«إعادة السفن العسكرية المحتجزة».

وأثارت هذه الحادثة غير المسبوقة توترا وردود فعل غربية شاجبة وأعلن حلف شمال الأطلسي من جهته عقد اجتماع استثنائي مع أوكرانيا في بروكسل على مستوى السفراء.

وأضافت «تدعو أوكرانيا حلفاءها وشركاءها إلى اتخاذ التدابير اللازمة لكبح المعتدي، لاسيما عبر فرض عقوبات جديدة» على روسيا.

وأثارت هذه الحادثة غير المسبوقة التي أوقعت جرحى في صفوف البحارة الأوكرانيين - ست إصابات اثنتان منهما حرجتان بحسب كييف فيما أفادت موسكو عن وقوع ثلاث إصابات فقط - المخاوف من تصعيد عسكري بين الدولتين اللتين تشهد علاقاتهما أزمة عميقة منذ العام 2014.

وبحسب كييف، صدمت السفن الروسية أولاً سفينة الجرّ الأوكرانية وعرقلت الدخول إلى بحر آزوف الواقع بين شبه جزيرة القرم التي ضمّتها روسيا في العام 2014 والشرق الأوكراني الذي يشهد نزاعاً بين كييف والانفصاليين الموالين لروسيا. أكدت موسكو عملية الاحتجاز و«استخدام أسلحة» متهمةً السفن الأوكرانية بانتهاك المياه الإقليمية الروسية.

وأعلن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أمس أن «الجانب الروسي تصرّف بشكل يتطابق تماماً مع القوانين، القانون الدولي والقانون الداخلي في آن معاً»، مشيراً إلى أن الأمر يتعلق بـانتهاك سفن حربية أجنبية المياه الإقليمية لروسيا الاتحادية.

وقال بيسكوف إن موسكو فتحت قضية جنائية «في ما يتعلق بانتهاك حدود روسيا» إلا أنه لم يقدم تفاصيل عن مصير البحّارة الموقوفين.

وأشار إلى أنّه تم إبلاغ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حين دخلت السفن الاوكرانية «المياه المحايدة قبالة القرم»، موضحا أنّ تصرفات روسيا لم تكن «اعتداء لكن إجراءات ضرورية لمنع عبور الحدود الروسية».

واتهم وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف من جهته أوكرانيا بانتهاك القانون الدولي عبر «أساليب خطيرة شكلت تهديدات ومخاطر على حركة عبور السفن الطبيعية في هذا الممر البحري» معتبراً الأمر «استفزازاً صريحاً».

وفي كييف، تجمّع عشرات الأوكرانيين أمام السفارة الروسية ليل أمس ورموا قنابل دخانية ووضعوا سفناً من ورق أمام السفارة. وأفادت وسائل إعلام محلية عن إحراق سيارة تابعة لدبلوماسي روسي في كييف.

ودعا الاتحاد الأوروبي وحلف الأطلسي البلدين إلى «ضبط النفس» و«خفض التصعيد».

وأدان عدد من حلفاء كييف لاسيما كندا وليتوانيا «الاعتداء» الروسي ضد أوكرانيا، فيما دعت الصين موسكو وكييف إلى «تسوية خلافاتهما عبر حوار ومشاورات». وتشكل هذه الحادثة حلقة جديدة من الأزمة الروسية الأوكرانية التي بدأت مع الانتفاضة الموالية لأوروبا في ساحة ميدان في كييف وأدت إلى هروب الرئيس فيكتور يانوكوفيتش إلى روسيا وإقالته في فبراير 2014.

وبعد شهر، ضمّت روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية الناطق بمعظمها باللغة الروسية.

وفي أبريل من العام نفسه، اندلع نزاع مسلح بين الجيش الأوكراني والانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا أوقع منذ ذلك الحين أكثر من عشرة آلاف قتيل.

وتتهم كييف والدول الغربية روسيا بدعم الانفصاليين عسكرياً، الأمر الذي تنفيه موسكو بشكل قاطع. وفرضت الدول الغربية عقوبات اقتصادية كبيرة على موسكو لضمّها القرم ودورها المفترض في الحرب في شرق أوكرانيا.

وتصاعدت التوترات بشكل خاص في مضيق كيرتش الذي تؤكد روسيا أحقيتها به منذ ضمّها القرم وحيث بنت جسراً يربط بين شبه الجزيرة والأراضي الروسية.

وتتهم كييف والدول الغربية أيضاً روسيا بتعمد «إعاقة» إبحار السفن التجارية بين البحر الأسود وبحر آزوف عبر مضيق كيرتش. وعززت أوكرانيا وروسيا حضورهما العسكري في هذه المنطقة الحساسة عبر نشر سفن عسكرية في الأشهر الأخيرة. وأكّدت فرنسا أمس أنّها لا ترى «مبرراً ظاهراً في استخدام روسيا القوة» داعية روسيا إلى «إطلاق سراح البحارة الأوكرانيين الموقوفين وإعادة السفن المحتجزة».

واعتبرت ألمانيا أمس أن إعاقة روسيا الملاحة في بحر آزوف «غير مقبولة».

ودعا الأمين العام لمجلس أوروبا ثوربورن ياغلاند من جهته إلى «تجنّب أي تصعيد في المنطقة».

وبحسب مركز التحاليل «اورازيا غروب» ومقره في الولايات المتحدة، قد تؤدي هذه الحادثة الجديدة إلى فرض عقوبات جديدة أوروبية وأميركية ضد موسكو.

وقال المركز في بيان «الحكومات الغربية ستدعم أوكرانيا ضد روسيا، الأمر الذي يرجح فرض عقوبات جديدة».

من جهتها دعت تركيا أمس روسيا وأوكرانيا إلى التهدئة بعد تصعيد بين الدولتين.

وأورد بيان لوزارة الخارجية التركية أن الحكومة تبدي «قلقها إزاء تقارير عن تعرّض سفن أوكرانية لإطلاق نار ووقوع جرحى».

وتابع بيان الخارجية التركية «نشدد على أهمية عدم إعاقة حركة العبور في مضيق كيرتش».

ودعت الوزارة التركية إلى «التعقّل والاعتدال لتفادي التصعيد»، من دون أي إشارة إلى روسيا، مشددة على ضرورة احترام القانون الدولي.

وتتعاون أنقرة وموسكو بشكل وثيق في ملف النزاع السوري على الرغم من دعمهما جهات متحاربة متعارضة، وتسعيان إلى تعزيز علاقاتهما التجارية.

وغالبا ما يتحادث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين هاتفيا، وقد التقيا مرارا.

ولم تمنع عودة الحرارة للعلاقات الروسية التركية الرئيس الأوكراني بترو بوروشنكو من إجراء زيارتين لتركيا هذا العام. وقد بحث في أبريل في اسطنبول مع أردوغان التعاون في مجال الطاقة مع تركيا وحليفتها قطر.