hamda
hamda
أعمدة

حبة خال

25 نوفمبر 2018
25 نوفمبر 2018

حمدة بنت سعيد الشامسية -

[email protected] -

بعد تأكيد الطبيبة بأن عملية إزالة الشامات والزوائد الجلدية من وجهي لن تترك أثرا، بسبب التقنية العالية التي ستستخدمها، توكلت على الله وسلمت وجهي لها، إلا أن النتيجة كانت كارثية فقد بدوت كمن أصيب بجدري الماء، أو بهجوم شرس من بعوض جائع، قدر الله أن يكون ذلك في أسبوع حافل بالمناسبات التي كان عليّ إما رعايتها أو حضورها.

إلا أن ما كان يمكن أن يكون حدثا مؤلما تحول إلى مصدر بهجة، فقد كشف لي الكثير عن نفسي وعمن حولي، فلم أفكر للحظة واحدة أن أخفي وجهي عن الناس، ومارست حياتي الأيام التالية بشكل طبيعي.

جعلني تعاقب كلمات الإطراء على شجاعتي أستذكر فترات سابقة من حياتي، كنت فيها مفرطة الحساسية تجاه رأي الآخرين، عندما كنت تلك الفتاة الخجولة التي تستحي من ظلها.

أظن أن المرء يتعلم أن يتصالح مع نفسه مع مرور السنين، ويكتشف بأن حتى التجاعيد الرفيعة التي تزحف على الوجه ببطء هي جزء لا يتجزأ منه، بالنسبة لي هي علامة على التجارب الجميلة التي عشتها، تعلمت أن أتصالح معها ومع نفسي ظاهرا وباطنا، وتعلمت أن الجمال هو جمال الداخل الذي كلما زاد تركيزي عليه انحسر الاهتمام بالخارج.

لكن الأجمل من هذا ما كشفه هذا الموقف عمن حولي، فلقد تظاهر الجميع بأنهم لم يلحظوا الخرائط الدموية في وجهي على فضاعتها، وحتى أولئك الذين وجدت نفسي مدانة لهم بتفسير كونهم يقابلونني للمرة الأولى، بادروا بالقول بكل لطف بأنني لو لم أنبههم ما كانوا لاحظوا، لقد كان استقبال الناس لي على هذا النحو مدعاة للتفكر فعلا، ومصدر بهجة، كشف لي معادن الناس الطيبة، كنت أتسلى طوال ذلك الأسبوع بتتبع ردة الأفعال ونظرات الناس تقع على وجهي للمرة الأولى، وكانت ردة الفعل واحدة دائما، ابتسامة صافية، ولطف ليس له مثيل، وغبطة أحيانا، حولت ما كان يمكن أن يكون تجربة مؤلمة إلى تجربة جميلة، ومذهلة، ومدهشة فعلا، لعلنا نحتاج إلى مواقف مثل هذه لاكتشاف من حولنا واكتشاف ذواتنا بالدرجة الأولى.