1049716
1049716
العرب والعالم

ليبيا.. انعدام البديل قد يبقي السراج في منصبه

20 نوفمبر 2018
20 نوفمبر 2018

طرابلس -(الأناضول): اتفق مجلس النواب الليبي في طبرق (شرق) مع المجلس الأعلى للدولة في طرابلس (غرب) على تغيير المجلس الرئاسي، الذي يقود حكومة الوفاق الوطني، لكن لم يحسم بعد مصير فائز السراج، على رأس السلطة التنفيذية المعترف بها دوليا.

ففي 13 سبتمبرالماضي، أعلن مجلس النواب، خلال جلسة طارئة واستثنائية، إقرار تغيير المجلس الرئاسي، وفصله عن الحكومة، في حين صوّت المجلس الأعلى للدولة (نيابي استشاري).

بدوره صوّت المجلس الأعلى في 15 أكتوبر الماضي بالموافقة (المشروطة) على مقترح آلية تغيير المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، والذي تقدم به مجلس النواب.

وينص المقترح على اختيار مجلس رئاسي جديد يتكون من رئيس ونائبين، وأن يقوم أعضاء مجلسي النواب والدولة، عن كل منطقة جغرافية من المناطق الثلاث (شرق غرب جنوب) بعقد مجمع انتخابي، وانتخاب مرشح واحد لعضوية المجلس الرئاسي، وتضمينه بعد أسبوع من اختيار الأسماء للإعلان الدستوري (دستور مؤقت يحكم ليبيا منذ 2011).

كما ينص المقترح أيضا على أن يكون رئيس الوزراء منفصلا عن المجلس الرئاسي، وليس كما هو موجود حاليا حيث يشغل فائز السراج، منصب رئيس المجلس الرئاسي، ورئيس حكومة الوفاق الوطني معا.

كل ذلك جرى قبل أن يعلن رئيسا لجنتي الحوار عن مجلس النواب، عبد السلام نصية، ولجنة تعديل الاتفاق السياسي بالمجلس الأعلى للدولة بشير الهوش، خلال بيان مشترك، في 31 أكتوبر الماضي، توافق المجلسين حول إعادة هيكلة السلطة التنفيذية، حيث سيكون المجلس الرئاسي الجديد مكونا من رئيس ونائبين، ورئيس وزراء منفصل يشكل حكومة وحدة وطنية.

ولا يعارض خليفة حفتر بقاء السراج ،وحفتر قائد القوات المسيطرة على معظم الشرق الليبي، والطامح لحكم كامل ليبيا، قال عقب لقائه السراج، بمدينة باليرمو الإيطالية، بوساطة رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي، إنه «يرحب ببقاء رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج، في منصبه حتى موعد إجراء الانتخابات»، حسبما نقل عنه مصدر دبلوماسي إيطالي.

وعلى هامش مؤتمر دولي حول ليبيا، عقد في 13 نوفمبر الحالي أشار حفتر، أنه «لا داعي لتغيير الحصان أثناء عبور النهر».

وتعليقا على ذلك، قال فوزي التمامي، أستاذ العلوم السياسية بالجامعات الليبية، ان ذلك فعلا سبب آخر يلغي فكرة مجلس النواب والدولة، على الأقل، لأن كامل المنطقة الشرقية التي يمثلها مجلس النواب، خاضعة لسيطرة حفتر، وتأتمر بأمره وما يقوله ينفذ هناك».

ولفت التمامي، إلى أن «النواب الأكثر قربا من حفتر، وهم نواب برقة (المنطقة الشرقية) في مجلس النواب، كانوا على ما يبدو على دراية بتوجهات حفتر، بشأن موافقته على الإبقاء على السراج، لأنهم أصدروا بيانا في وقت سابق رفضوا خلاله ما أعلن عنه زملاؤهم في المجلس، بشأن تغيير الرئاسي، رغم أنهم أكثر المعارضين والرافضين للرئاسي ورئيسه السراج».

وفي 17 سبتمبر الماضي، أصدر نواب من برقة (دون ذكر أسماء أو عدد)، بيانا، أكدوا فيه «رفض المشاركة في تعديل الاتفاق السياسي أو المجلس الرئاسي، مطالبين المجلس الرئاسي الحالي، بتقديم حكومة وحدة وطنية إلى البرلمان لنيل الثقة، وكشف المعرقلين لها، في حالة استمرار نهج المغالبة والخداع من شركائنا».

بشأن ذلك تحدثت الأناضول، مع عبد الله المحيشي، السياسي الليبي، الذي أكد بدوره «استحالة نجاح المجلسين في تنفيذ الخطوة (إعادة تشكيل الرئاسي)»، رغم أنه أقر بضرورتها كحل الأزمة الليبية إلى حين إكمال الاستعداد لإجراء الانتخابات التي اعتبرها «الطريق الأمثل»، لحل أزمة بلاده السياسية والأمنية والاقتصادية.

وعزى المحيشي، عدم قدرة الأطراف المتوحدة بشأن إعادة تشكيل الرئاسي الليبي، إلى سبب واحد، قائلا إنه يتمثل في «انعدام إيجاد بديل».

وتابع « إن مجلسي النواب والدولة، أظهروا في الفترة الأخيرة توافقا كبيرا بشأن تلك الخطوة، لكنهم إلى الآن لم يتطرقوا إلى الأسماء البديلة التي ستحل محل المجلس الرئاسي الحالي، وتلك هي المشكلة».

وأضاف السياسي الليبي «من المستحيل أن يتوافق الطرفان على اسم محايد يمكن أن يستلم رئاسة المجلس الرئاسي بدل فائز السراج، كما أنه من المستحيل أن يتوافقوا على شخص معين ليتولى تشكيل حكومة وحدة وطنية يترأسها».

واستطرد «أي اسم يقدمه مجلس النواب، سيرفضه مجلس الدولة، والعكس صحيح تماما، نظرا لحالة الاستقطاب الحاصلة في ليبيا، وانعدام وجود شخصية محايدة يمكن ألا تحسب على طرف معين».

وأوضح المحيشي، أن «مجلسي النوب والدولة يعرفان ذلك مسبقا، لذلك لم يناقشوا إلى الآن الأسماء المرشحة لتولي المنصبين».

واعتبر أن «إعلان تعديل المجلس الرئاسي، مجرد ضغط على المجلس الرئاسي الحالي وحكومته لتحسين الأداء فقط».

وقدّم المحيشي، مثالا على انعدام البدائل في الوقت الحالي، «في شرق ليبيا هناك طرف واحد، وتيار سياسي واحد، ومع ذلك فشل مجلس النواب في إيجاد بديل لعبد الله الثني، رئيس الحكومة المؤقتة، المسيطرة على الشرق (تابعة لقوات حفتر وغير معترف بها دوليا)، رغم فشله في إدارة شؤون المنطقة».

وتابع إذا كان إيجاد بديل للثني منعدما في منطقة خاضعة لذات التوجه السياسي، فكيف سيتم التوافق على بديل بين قطبين يمثلان أطراف النزاع في ليبيا، لكل منهما توجهاته وأيديولوجيته».

أما فوزي التمامي، أستاذ العلوم السياسية بالجامعات الليبية، فهو الآخر يعتقد أن خطوة مجلسي الدولة والنواب، لن ترى النور، لكنه يرى سببا آخر غير الذي قاله سابقه، ويتمثل في «شراكة المجلس الرئاسي الحالي، مع الأمم المتحدة في خطط الإصلاح الاقتصادي والأمني».

وأوضح التمامي، للأناضول، أن «بعثة الأمم المتحدة، كانت شريكا مع المجلس الرئاسي الحالي وحكومته، في إطلاق الإصلاحات الاقتصادية.. وكذلك في إطلاق الترتيبات الأمنية، والإقرار بفشل الرئاسي يعني ضمنيا الإقرار بفشل البعثة الأممية شريكته».

وفي 19 سبتمبر الماضي، أعلن السراج، بدء تنفيذ حزمة الإصلاحات الاقتصادية لإنقاذ ليبيا من الأزمة الاقتصادية والمالية، وقبلها بثلاثة أيام أعلن انطلاق الترتيبات الأمنية التي نص عليها الاتفاق السياسي الموقع في 2015، برعاية البعثة الأممية.

وتأتي تلك «الإصلاحات والترتيبات»، التي تهدف لتصحيح الوضع الأمني والاقتصادي للدولة الليبية بالتعاون مع بعثة الأمم المتحدة، متمثلة في رئيسها غسان سلامة، و نائبته الأمريكية ستيفاني ويليامز، الحاضرين لمعظم اجتماعات متابعة تنفيذ تلك الإجراءات.

وبخصوص ذلك، قال التمامي، إن «بعثة الأمم المتحدة، المدعومة من المجتمع الدولي، لن تسمح بإسقاط المجلس الرئاسي الجديد، الذي تدعمه بشكل مطلق». وأضاف «أن الدليل على ذلك تصريحات عبد السلام نصية، رئيس لجنة الحوار بمجلس النواب، المكلف بالتواصل مع مجلس الدولة بشأن وضع آلية لتغيير الرئاسي، والذي قال فيه: إن البعثة تتجاهل التقدم الحاصل في توحيد السلطة التنفيذية».

وفي 22 أكتوبر الماضي، صرح عبد السلام نصية، عبر تغريدة على حسابه في موقع «تويتر»، «هل هذا التجاهل يعود للتمسك بالمجلس الرئاسي الحالي واستمرار الانقسام؟ أم لعدم وجود توافق إقليمي؟ أم لإطالة عمر البعثة أسوة بالأجسام التشريعية والتنفيذية في ليبيا؟» وفي هذه النقطة ختم التمامي، حديثه قائلا إن «الإقرار بفشل المجلس الرئاسي الحالي، يعني فشل الأمم المتحدة بل وفشل مجلس الأمن الدولي، الذي راهن على المجلس الرئاسي وجهود رئيسه فائز السراج، في حل الأزمة الليبية».