صحافة

الأيام : ماذا جنت إسرائيل من التصعيد الأخير؟

15 نوفمبر 2018
15 نوفمبر 2018

في زاوية آراء كتب طلال عوكل مقالا بعنوان: ماذا جنت إسرائيل من التصعيد الأخير؟، جاء فيه:

جولة التصعيد الأخيرة التي شهدها قطاع غزة، جاءت خارج الحسابات المنطقية، واتسمت بالمفاجأة، فلا نظن أن إسرائيل أرادت أن تعتمد عنصر المفاجأة، ولا تشير الدلائل التي سبقت هذه الجولة إلى أن إسرائيل توفرت لها الذرائع أو الأهداف التي تدفعها إلى مثل هذا العمل الإجرامي غير المبرر. وبالرغم من أن تجارب الفلسطينيين مع الاحتلال الإسرائيلي لا تشير إلى أن ثمة إمكانية للوثوق بما تلتزم به إسرائيل، وأنها يمكن أن تبادر إلى ارتكاب العدوان دون دوافع أو مبررات، لتحقيق أهداف معينة، إلا أن ما وقع لا يدخل ضمن هذه الحسابات. من الواضح أن إسرائيل تورطت فيما بادرت إليه، حين أرسلت مجموعة قتالية من عناصر نخبة النخبة، تستروا بأزياء محلية، للقيام بعملية غامضة، كان الوضع طبيعيا وهادئا منذ أن دخلت التهدئة التي توسط فيها الجانب المصري، حيز التنفيذ وأن نتانياهو وحكومته تتحمل الانتقادات التي تعرضت لها بسبب إدخال الأموال القطرية لتغطية رواتب حركة حماس، ما يعني أن الحكومة الإسرائيلية جادة في فتح ملف غزة على إعادة التأهيل، انطلاقا من رؤيتها لموقع ومآل القطاع في «صفقة القرن».

راضية كانت الحكومة الإسرائيلية عن إنجاز التهدئة التي قوبلت من حركة حماس والفصائل الفلسطينية بتخفيف ملموس لفعاليات مسيرة العودة، ودون أن يمضي وقت كاف لوجود مبررات لارتكاب عدوان جديد على القطاع.

إذا ثمة قضية، ألمح إليها بنيامين نتانياهو حين قال: إن ثمة أسرارا لا يمكن الإفصاح عنها، وإنه لا يمكن إشراك الجمهور في اتخاذ القرارات.

وحتى الآن لم يقدم وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان تبريرا مقنعا للأسباب التي دفعته لتقديم استقالته، من موقع لم يكن يحلم بأن يكون يوما مسؤولا عنه، بسبب غياب الكفاءة الشخصية، وبسبب محدودية كتلته في الكنيست.

ربما كان التحليل الأكثر موضوعية هو أن ليبرمان يتحمل شخصيا المسؤولية المباشرة أو غير المباشرة عن العملية الفاشلة شرق خانيونس يوم الاثنين الماضي التي كانت السبب في اندلاع هذه الموجة من التصعيد.

يعلم الجميع أن ليبرمان على قناعة راسخة، بضرورة توجيه ضربة قاسية لحركة حماس، وربما إزاحتها عن سدة الحكم، وحتى لو تطلب ذلك اجتياح قطاع غزة بالكامل، وأنه ظل متمسكا بهذه القناعة منذ أن دخل الائتلاف الحكومي لأول مرة وكان وزيرا للخارجية.

وربما كان علينا أن نأخذ بعين الاعتبار أن ليبرمان يحاول من خلال استقالته، استمالة وامتصاص أصوات المستوطنين في غلاف غزة، الغاضبين من سياسة الحكومة، وطريقة تعاملها مع الوضع القائم في قطاع غزة.

غير أنه ما كان ليضحي بموقعه لهذه الأسباب، وكان عليه أن يدفع ثمن غلطة كبيرة اقترفتها يداه بالضد من سياسة الحكومة التي يديرها بنيامين نتانياهو.

على كل حال فإن التصعيد الإسرائيلي، لم تكن له أية أهداف واضحة مباشرة أو غير مباشرة، حتى لو قال البعض إنها محاولة لتغيير قواعد الاشتباك، وإن العملية وقعت تحت ضغط الانتقادات المتزايدة، التي تعرضت لها الحكومة واتهمتها بأنها فشلت في مواجهة استراتيجية حماس، وأنها أيضا ساهمت في تقويض قدرة إسرائيل على الردع.

لو كان الأمر كذلك، لكان الأداء العسكري الإسرائيلي مختلفا بمعنى أشد قوة، وأكثر استهدافا وتركيزا على البنية العسكرية للمقاومة، ولما كانت إسرائيل سمحت لنفسها أن تتوقف عند المشهد الضعيف الذي انتهت إليه جولة التصعيد الأخيرة.

قوية الصفعة التي تلقتها إسرائيل من قبل فصائل المقاومة فيما يرتبك خطابها لتفسير هذه النتيجة. يخاطب نتانياهو السذج فقط حين يقول ويدعي أن حكومته نزلت عند رغبة وطلب الوسطاء الذين تحركوا إثر توسل فصائل المقاومة العودة إلى الهدوء. على كل حال يلفت النظر أن الفلسطينيين كل الفلسطينيين بكل أطيافهم وانتماءاتهم السياسية والتنظيمية، توحدوا في مواجهة العدوان الإسرائيلي. ليست المرة الأولى التي يتوحد فيها الفلسطينيون فهم توحدوا حول معركة القدس والبوابات الإلكترونية وتوحدوا حول معركة الخان الأحمر، وحول الاستيطان، ولكن السؤال هو أنهم إذا كانوا يتوحدون في معارك خطرة، ولكنها أقل خطرا على القضية من المؤامرات التي تستهدف الحقوق والوجود، فلماذا لا يتوحدون حول المخاطر الاستراتيجية التي تستهدفهم كشعب وقضية؟ دعونا نتفاءل بما أدلى به من تصريحات أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح عزام الأحمد، وجبريل الرجوب ومحمد اشتية، تلك التصريحات الإيجابية والواعدة، بفرصة جديدة وجدية من العمل لتحقيق المصالحة، التي تتهيأ مصر مجددا للسعي من أجلها.