1032848
1032848
العرب والعالم

ندوة «من السلاح إلى السلام» تستعرض التحولات من العمل المسلّح إلى السياسي السلمي

04 نوفمبر 2018
04 نوفمبر 2018

الدوحة - عمان - : اختتمت أمس في الدوحة أعمال ندوة (من السلاح إلى السلام) التي عقدها المركز العربي للأبحاث والدراسات السياسات بجلسة نقاشية حول حالات تحول منظمات مسلحة إلى أحزاب سياسية أو حركات اجتماعية سلمية، و شهادات قيادات سابقة في عدد من المنظمات المسلحة التي تحولت إلى العمل السياسي، وذلك بحضور أكاديميين وباحثين متخصصين في تلك الحركات والمنظمات.

أفريقيا: التحول من الصراعات المسلحة إلى السلام

ناقشت الجلسة الأولى من أعمال اليوم الثاني تجارب التحول من السلاح إلى السلام في إفريقيا. وقدم ثولا سمبسون بحثًا بعنوان “دعاية مسلحة وحرب الشعب: طريق المؤتمر الوطني الإفريقي إلى السلطة 1984-1994”. وركز في دراسته على المرحلة الحاسمة من النضال التحرّري في جنوب أفريقيا، بدءًا من سبتمبر 1984 الذي شهد انتفاضة الضواحي الكبرى ضد نظام الفصل العنصري. واستعرض أساليب التعبئة السياسية الجماهيرية التي اعتمدها المؤتمر في سعيه الناجح في النهاية لإحراز الانتصار النهائي في صندوق الاقتراع ومختلف العقبات والانشقاقات والضغوطات التي عرفها.

أما المداخلة الثانية فقدم لها ميهري تادل مارو بحثًا بعنوان “الانتقال في إثيوبيا: من الكفاح المسلح إلى سياسة الائتلاف”. وقدم مارو عرضًا لانتقال المنظمات المسلحة الإثيوبية إلى ائتلاف سياسي حاكم. كما عرض لمحة عامة عن الانتصار العسكري على النظام السابق، وانتقال شركاء الائتلاف من كونهم مقاتلين مسلحين ليُمسوا رجال الدولة.

شهادات قيادات عسكرية سابقة

خُصصت أعمال الجلسة الثانية لعرض شهادات ثلاثة من القيادات السياسية التي كانت جزء من عمليات الانتقال من السلاح إلى السلام في العالم العربي. وكانت الشهادة الأولى لأسامة رشدي، وهو متحدث سابق باسم الجماعة الإسلامية في الخارج، ومستشار سياسي لحزب البناء والتنمية في مصر. جاءت شهادته تحت عنوان “الجماعة الإسلامية المصرية: من المواجهة المسلحة إلى العمل السياسي السلمي”. وقد عرض فيها مراحل مركزية في تطور الجماعة الإسلامية في مصر منذ سبعينات القرن الماضي مع التركيز على مرحلتي التحول إلى العنف ومنه إلى السلم، وبيان أسباب هذا التحول والظروف المحيطة به. وفي السياق ذاته، قدم أنيس الشريف، وهو عضو سابق في الجماعات الإسلامية الليبية المقاتلة والناطق الرسمي باسم المجلس العسكري لطرابلس، الشهادة الثانية والتي كانت بعنوان “تحولات الجماعات الإسلامية المقاتلة الليبية”. وطرح الشريف في شهادته تجربة الجماعات المقاتلة في ليبيا وانخراطها في العملية السياسية والاندماج في مؤسسات الدولة الجديدة الأمنية والسياسية والإعلامية بعد الثورة. ويدعي الشريف أنه ورغم فشل التجربة الليبية في تأسيس كيان جديد يمكن القول إن خيار الانتقال من العمل المسلح إلى العمل المدني كان خيارًا استراتيجيًا لأصحاب الفكر الجهادي سابقًا في ليبيا.

شهادة عبد الله أنس، وهو قائد سابق لبعض الوحدات العسكرية لأفغان العرب مدير سابق للمكتب التنفيذي للجبهة الإسلامية للإنقاذ في الجزائر، كانت بعنوان “تحولات الجيش الإسلامي للإنقاذ والتنظيمات المسلحة الحليفة له في الجزائر”. وقد تطرقت الشهادة إلى ظاهرة اللجوء إلى حمل السلاح وسيلة للتغيير السياسي بالتركيز على حالة جبهة التحرير الجزائرية مع الإحالة على بعض التجارب الأخرى التي كان أنس جزءًا فاعلًا فيها، على غرار الجهاد الأفغاني.

جلسة نقاشية

الجلسة الأخيرة من أعمال اليوم الثاني خصصت لحوار مفتوح وجهه شفيق الغبرا بحضور قيادات لتنظيمات مسلحة سابقة عاشت تجارب تحول إلى الممارسة السياسية السلمية. وقد حاولت هذه الجلسة مراعاة التنوع من حيث محتوى التجارب وأماكنها.

وكانت البداية مع روني كاسريلز، وهو أحد مؤسسي الجناح العسكري لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي (رمح الأمة) منذ إنشائه في عام 1961 وقائد استخباراته فيما بعد، والذي عنون تجربته بـ”الجناح المسلح للمؤتمر القومي الأفريقي والتحول نحو النشاط السياسي الدستوري السلمي”.

وتحدث كاسريلز عن تجربته وزيرا سابقا للاستخبارات في جنوب إفريقيا والتحديات التي واجهها الجناح المسلح للمؤتمر القومي الأفريقي ANC في التحول نحو النشاط السياسي السلمي. أما معين الطاهر، الباحث والمنسق لمشروع توثيق القضية الفلسطينية في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، وهو العضو السابق في المجلس الثوري لحركة فتح والمجلس العسكري الأعلى للثورة الفلسطينية، وقد شارك في تأسيس الكتيبة الطلابية في حركة فتح، كما قاد القوات الفلسطينية واللبنانية المشتركة في قاطع بنت جبيل - مارون الراس عام 1978، فقد كانت قدم شهادة بعنوان “الحالة الفلسطينية بين ارتباك البنادق وتعثّر السلام”.

تلخصت في عرض تجربة الكفاح الفلسطيني المسلح، منذ منتصف ستينيات القرن الماضي، والتحوّل التدريجي في مسارها من العمل المسلح إلى محاولة تلمّس آفاق للانخراط في تسوية سياسية لصراع مستدام، وصولًا إلى التوقيع على إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي المعروف باتفاق أوسلو عام 1993، الذي أُعيد إنتاجه من جديد، بعد تسلّم الرئيس محمود عباس رئاسة السلطة الفلسطينية عام 2005.

الشهادة الثالثة والختامية في المؤتمر كانت لعبد الحكيم بلحاج، وهو سياسي ليبي وقائد عسكري سابق للجماعة الإسلامية المقاتلة (منحلة حاليا) والقائد العسكري السابق للمجلس العسكري في طرابلس وهو الكيان السياسي والعسكري الذي سيطر على أجزاء من مدينة طرابلس عقب سقوط نظام القذافي، وهو الان رئيس حزب “الوطن”، التي جاءت تحت عنوان “من المقاتلة إلى “الوطن”: ملاحظات حول التحولات في ليبيا”.

وقدم في شهادته تقييمًا شاملا لتجربة الجماعات المقاتلة في أفغانستان، وأهم العقبات التي حالت دون تحول هذه التجارب من مرحلة السلاح إلى مرحلة السلام.