1027263
1027263
المنوعات

«تجليات بصرية» في بيت الزبير.. رحلة من البيئة الصحراوية إلى السطوح التجريدية

30 أكتوبر 2018
30 أكتوبر 2018

يستمر حتى منتصف نوفمبر -

«عُمان»: افتتح مساء أمس ببيت الزبير المعرض التشكيلي «تجليات بصرية2» بمشاركة 33 عملا فنيا لستة فنانين عمانيين بارزين.

ورعى حفل افتتاح المعرض معالي الدكتور فؤاد بن جعفر الساجواني وزير الزراعة والثروة السمكية وسط حضور نخبة من الفنانين التشكيليين ومتذوقي الفن التشكيلي ورجال الثقافة والصحافة.

ولفتت التجليات البصرية زوار المعرض في يومه الأول وفتحوا حوارات عميقة حول مضامين الأعمال المعلقة على جدران المعرض في بيت الزبير.

ويشارك في المعرض كل من الفنان حسين عبيد وسليم سخي وموسى عمر وإدريس الهوتي ورشيد عبدالرحمن ومحمد مهدي عارضين في أعمالهم مجموعة من الحوارات الجمالية والفنية.

ويمكن للزائر أن يقرأ ويتلمس في تجارب الفنان حسين عبيد الكثير من المحمولات الثقافية والفنية، ولغتها الاختزالية المرسومة على الجدران. تحمل في جوانيتها مناهج اتصالية ذاهبة من على السطوح التجريدية نحو رسم مقاربات توافقية، وعلاقات تركيبية خرجت مع المؤثرات التقنية لتكشف لنا عن المعطيات الجمالية الكامنة على الجدران وتلك التفاصيل الكتابية غير المقروءة، وكأنه بفعله أراد أن يأخذ بذاكرتنا نحو زمنية غير بعيدة، نزحف من خلالها في اتجاهات متعددة لنقرأ الواقع بعيون الباحث عن سر تلك التراكيب المتكاشف عليها ضوئيات لونية وبلاغة كونية.

فيما ذهب الفنان سليم سخي في خطابه الفني نحو قراءة الواقع عبر تلك الإيقاعات البصرية المنطبعة على البيئة الصحراوية وجماليات كثبانها الممتدة عبر الأفق. مقدما من ألوانها البراقة مجموعة من التجليات البصرية المحاطة في جوهرها بمعاينات مجهرية مثقلة بالطاقة اللونية التعبيرية، المولدة صورا تمثيلية للواقع وجماليات المكان. هذا المكان الذي شكل بالنسبة للفنان المبحث الذي قدم منه العديد من التجارب اللونية المتشاكلة في تأثيثها على الأحمر والبرتقالي والأصفر والأخضر، تنقلنا من روح الفصول وتعاقباتها نحو فضاءات رحبة لنراقب تلك الاختبارات الخطية واللونية الموظفة على السطوح الناطقة بالجمال وبراءة الرؤية الفنية الواعية.

وفي سياق الاحتفاء بالثقافة الشعبية عبرت تجارب الفنان موسى عمر عن رؤية رمزية حافلة بالشجن والحنين للموروث الشعبي وتفاصيله الجمالية. طارحا منها مجموعة من التوليفات التفاعلية والعناصر البنائية هي امتداد لتجربة (قميص الأحلام) المكتنز عليها الأشكال الهندسية والرموز والحكايات الشعبية التي تحمل الكثير من الموضوعات والأفكار والإحالات البصرية المتوافقة مع جماليات الثقافة الشعبية التي قدم وفق بلاغتها نصوص بصرية أصيلة، وسرديات مقروءة من زوايا عدة، تبحث وسط مفاصل العمل الفني عن مناطق تسمح للذات الولوج في قراءة الواقع بعيون الفاحص عن الأثر الإنساني والمكاني.

وتعد تجارب الفنان رشيد عبدالرحمن من التجارب الفنية الزاخرة بأشكال مثيرة للجدل والسؤال، وبنائيات ذاهبة مع النزوع الشخصي للتجريب في رسم حوارات تستقيم عليها مجموعة من الأفكار والمقترحات البصرية التي مضى منها نحو إيجاد نواظم فنية محاطة بالتجديد، ترتجي من الاشتغالات البصرية القائمة على الخامات الاستهلاكية والتراكيب الفنية إيجاد مقاربات صورية/‏‏تحويرية وكيانات معرفية معتمدة على خلط المفاهيم مع بعضها البعض. تاركا للمتلقي فسحة للاكتشاف والتحاور مع الألوان والخطوط والفراغات المتوافقة مع الصورة المرئية الراهنة. وانحازت تجارب الفنان إدريس الهوتي وفق توجهاته المرئية نحو تقديم رؤية فنية قائمة على تشخيص الواقع وتوظيف الإيقاعات اللونية بما يسمح لها الانتقال في تلك الفضاءات الباحثة عن وظائف جمالية ذات حضور متميز، تسمح للذات التأمل في الأثر الإنساني والعمارة التقليدية والدخول مع الإيقاعات اللونية الحركية في رسم مناطق حيوية، مليئة بالصخب المتمازج مع التداخلات الهندسية، والكتابات الخطية الحرة الموظفة لصالح العمل الفني.. يأخذنا الفنان عبر تمثلاتها في رحلة زمنية. نقترب من جغرافياتها ومن البيئة الاجتماعية وجمالياتها المعمارية، الثرية بالتقاطيع الغنائية والألوان البراقة.

في حين قدم الفنان محمد مهدي تجارب حروفية متمازجة مع الحساسيات الفنية والدلالات اللغوية والبصرية، بها العديد من المفارقات والتداخلات اللونية التي تنم عن حسية إبداعية لا يمكن فك معانيها دون الوقوف عليها عن قرب، وهو بفعله قد أوجد لنا قراءات بصرية ذاهبة عبر تكويناتها نحو رسم مرجعيات بصرية أكثر إشراقا، مليئة بالحضور اللوني والخطي المتماسك مع الإطار العام الداعي إلى التأمل في تلك الفيوض النورانية التي أوجدها لتكون مادة ثرية للبحث والقراءة المتجددة.

وفي حديث جانبي أشار مدير عام المعرض الفنان حسين عبيد إلى أن «الحركة التشكيلية العمانية تحفل بالعديد من الاتجاهات والتجارب الفنية التي لم تلق الاهتمام اللازم، بعضها ظلت على الهامش بعيدة عن الأضواء على الرغم من إحاطتها بالقيم الفنية والجمالية، وهذا المعرض يعد سانحة لتقديم الجميع وإظهار الاتجاهات الفنية وطرح الأفكار المتجددة القائمة على بعث الأثر الفني، لهذا يتم التركيز في كل عام على اختيار تجارب فنية فاعلة ومؤثرة، قادرة على طرح ما يلزم من تأملات وجودية وفنية يمكن أن تضيف للمعرض مراهنات قائمة على المعطيات الجمالية الماضوية والفلسفية والتقنيات الفنية المعاصرة بحيث تسهم في دفع الحراك التشكيلي المحلي نحو آفاق إنسانية أرحب».

الجدير بالذكر أن المعرض دعوة مفتوحة للزوار والباحثين وطلبة الفنون التشكيلية وسيستمر حتى منتصف شهر نوفمبر في بيت العود بمتحف بيت الزبير.