1018153
1018153
الاقتصادية

دول المجلس تناقش تطوير تقنيات الزراعة المحمية ودعم التغذية والأمن الغذائي

21 أكتوبر 2018
21 أكتوبر 2018

فتح المبادرات أمام مزيد من التعاون الخليجي في المجال المائي -

«عمان»: افتتحت أمس حلقة العمل بعنوان (إمكانيات الزراعة المحمية في دول مجلس التعاون الخليجية: خفض استهلاك المياه ودعم تعزيز التغذية والأمن الغذائي) بفندق سندس روتانا، والتي تستضيفها السلطنة بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) وبمشاركة عدد من الخبراء والباحثين والمزارعين من داخل وخارج السلطنة وتستمر ثلاثة أيام. رعى صباح حفل الافتتاح أمس سعادة الدكتور أحمد بن ناصر البكري، وكيل وزارة الزراعة والثروة السمكية للزراعة.

وتهدف الحلقة إلى فتح المبادرات أمام مزيد من التعاون في هذا المجال المائي داخل دول مجلس التعاون الخليجي نظرا لأهمية البيوت المحية في زيادة الإنتاجية ورفع كفاءة استخدام المياه بشكل كبير ومن المتوقع الخروج بتوصيات من شانها المساهمة في تطوير تقنيات الزراعة المحمية في دول المجلس

وقال الدكتور حمود بن درويش الحسني، مدير عام البحوث الزراعية والحيوانية بوزارة الزراعة والثروة السمكية: لقد بدأ التنوع في زراعة محاصيل الخضر في السلطنة منذ فترة طويلة وذلك عبر إدخال وتقييم العديد من أنواع وأصناف الخضروات الإنتاجية العالمية ونشر زراعتها لدى المزارعين الأمر الذي ساهم في زيادة إنتاج تلك المحاصيل حيث تشير إحصائيات الوزارة لعام 2017 إلى أن إجمالي المساحة المزروعة بمختلف أنواع المحاصيل الخضر بلغت 40116 فدانا وبإجمالي إنتاج وصل إلى 410167 طنا. وفي منتصف الثمانينات ولمدة موسم إنتاج الخضر في السلطنة وخاصة في فصل الصيف تم إدخال تقنيات جديدة لزراعه الخضر في الوحدات المحمية حيث أجريت العديد من الدراسات البحثية لتطويرها والوصول إلى التصميم المناسب لها تحت ظروف السلطنة ثم نقلها إلى المزارعين وقد توالت بعد ذلك طرق تطوير أنظمة الزراعة المحمية على مدى السنوات الماضية.

وأشار إلى أن الوزارة قامت وبالتعاون مع المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (ايكاردا) من خلال مشروع شبه الجزيرة العربية بإدخال طرق الزراعة بدون تربة بنظاميها المغلق والمفتوح والزراعة الرأسية، حيث أثبتت هذه الأنظمة كفاءتها ونجحت في حل العديد من المشاكل التي تعاني منها الزراعات المحمية في السلطنة ودول المجلس وأدت إلى زيادة في كفاءة استخدام المياه والأسمدة وتحسين الإنتاجية كما ونوعا والحد من استخدام المبيدات.

وأضاف: كما قامت الوزارة بالجهود الحديثة لنشر زراعات الوحدات المحمية بمختلف تقنياتها حيث وصل إجمالي عدد الوحدات المحمية في السلطنة حاليا 6516 تشمل عددا كبيرا من وحدات محمية مطبق بها تقنيات الزراعة بدون تربة ، و في الآونة الأخيرة خطت الوزارة في مجال نشر تقنيات الزراعة بدون تربة خطوات الأخرى تمثل في تبني ونشر هذه التقنيات لدى عدد من المدارس التابعة لوزارة التربية والتعليم حيث تم تركيب العديد من الوحدات المحمية في تلك المدارس وتدريب الطلبة على الأمور الفنية المتعلقة بها طيلة فترة الزراعة الأمر الذي كان له بالغ الأثر في نشر فكرة هذه التقنيات لدى طلبة المدارس.

وقالت سعادة الدكتورة نورة أورابح حداد ،ممثلة مكتب منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة ( الفاو ) في السلطنة : تشير البيانات إلى أن موارد المياه العذبة في المنطقة هي من بين أدنى المعدلات في العالم، وفي جميع دول مجلس التعاون الخليجي، أصبح الإفراط في استغلال المياه الجوفية الأحفورية حقيقة واقعة، ويتم تلبية الطلب المتزايد على المياه العذبة من خلال مصدرين رئيسيين وهما: مياه البحر المحلاة ومياه الصرف الصحي المعالجة وسلطنة عمان لا تستثنى في هذا الصدد حيث تتعرض مخزوناتها من المياه الجوفية الساحلية الى ضغوط شديدة ويؤدي تسرب مياه البحر إلى زيادة ملوحة الأراضي الزراعية مما يجعل هذا الواقع تحديا رئيسيا بمناطق مثل سهل الباطنة وسهول صلالة الساحلية.

وأضافت: يُقدّر إجمالي سحب المياه الجوفية في عُمان بـ 1.186 مليار متر مكعب سنوياً، ويتم نقل حوالي الثلثين من خلال سحبها عبر الآبار والثلث الآخر يتم استهلاكه عبر نظام الأفلاج والتي تمثل حوالي 89٪ من إجمالي سحب المياه من 1.321 مليار متر مكعب في عام 2003. FAO Aquastat))

وفي الوقت الحالي، يتخطى استهلاك المياه الجوفية بكثير التغذية، مما يؤدي إلى استنفاذ مصادر المياه الجوفية حيث يعد تلوث المياه الجوفية وزيادة ملوحة المياه مصدر قلق متزايد.

وتتابع.. مع هذه المحددات يأتي نقص القدرة على إنتاج ما يكفي من الغذاء للسكان المحليين مما يلقي بانعكاساته على الأمن الغذائي في دول مجلس التعاون الخليجي.

وبشكل عام، تعتمد هذه الدول على وارداتها من الغذاء لتلبية ما يقارب 90٪ من حجم الطلب - وهذا الاعتماد يجعلها عرضة لأوجه عدم اليقين في أسوق الغذاء العالمي، لذلك وللحد من خطر انعدام الأمن الغذائي، قررت العديد من بلدان المنطقة جعل الأمن الغذائي ذو أولوية لها مع تشجيع الاستثمارات عبر سلاسل القيمة الزراعية.

وعن السلطنة قال: إن الإنتاج الزراعي تحسن بشكل ملحوظ من حيث غلة المحاصيل وكذلك في العوائد الاقتصادية في السنوات القليلة الماضية، بفضل الجهود والاستثمارات في القطاع الزراعي. ومع ذلك، فإن نقص المياه وزيادة الملوحة في الآبار وأساليب الري السطحي أصبحت عوامل محددة من حيث الاستفادة من إنتاجية المياه، ولذلك يجب ألا تزيد الإنتاجية فقط من حيث مساحة الأرض لكن أيضًا من حيث المياه، والتي يتم التعبير عنها غالبًا على أنها الحاجة لإنتاج «محصول أكبر لكل قطرة مياه.

وأضافت قائلة: وإدراكا لهذه الحالة، تبذل حكومة سلطنة عمان جهودا كبيرة من خلال تطوير وتنفيذ استراتيجيات وبرامج وطنية مختلفة. على سبيل المثال، تتضمن استراتيجية التنمية الزراعية والريفية المستدامة SARDS 2040) ) التي وضعتها وزارة الزراعة والثروة السمكية بدعم من منظمة الأغذية والزراعة الدولية وتمت الموافقة عليها في عام 2016، نتائج حول الإدارة المستدامة المعززة للموارد الطبيعية في الزراعة. ومن الواضح أنها تضع مركزية الموارد المائية والحاجة إلى إدارتها واستخدامها على نحو مستدام.

وتتساءل سعادة الدكتورة في كلمتها قائلة: هناك سؤالان مهمان يتبادران إلى الذهن عند إثارة موضوع زيادة الاستثمارات في الزراعة. السؤال الأول هو: إلى أي مدى وبأي الطرق يمكن تعزيز الإنتاج الغذائي المحلي مع الأخذ في الاعتبار الافتقار إلى الأراضي الصالحة للزراعة والموارد المائية الشحيحة في شبه الجزيرة العربية؟ أما التساؤل الثاني فهو حول نوع الطعام الذي يجب إنتاجه داخليًا أثناء استخدام قاعدة الموارد الطبيعية المتوفرة بالمنطقة بحكمة. إن الاحتياجات الغذائية لسكان دول مجلس التعاون الخليجي ستستفيد بشكل كبير من نظام غذائي صحي متوازن أكثر ثراءً في الخضروات والفاكهة الطازجة خاصة عندما تظهر الأدلة وجود صلة مباشرة بين الأمراض غير المعدية المتزايدة، ولا سيما مشاكل القلب والأوعية الدموية والسكري وأنواع معينة من السرطان، والعبء الثلاثي للتغذية. وأضافت: يمكن أن توفر الزراعة المحمية خيارا قابلا للتطبيق على هذه الاستجوابات. لماذا هذا؟ في الواقع، يمكن أن تمثل إنتاجية الأرض في البيوت المحمية ما يصل إلى خمسة أضعاف، ويمكن أن تصل «إنتاجية المياه» إلى سبعة أضعاف، أي أكثر من نفس المساحة المزروعة في الأرض المكشوفة. كما تضمن الزراعة المحمية سلامة أعلى للأغذية لأن مكافحة الآفات والأمراض والحشائش تكون أكثر فعالية، مع مواد كيميائية أقل، في بيئة محمية منها في مجال مفتوح. كما أنه لا جدال في أن الزراعة المحمية هي نظام إنتاج مثالي وواقعي في ظل ظروف شبه الجزيرة العربية، مما يقترن بالحاجة إلى توفير المياه وحماية البيئة وتزويد أسواق المنطقة بالأغذية الطازجة والمغذية والصحية.

وقالت أيضا: مع الاعتراف بمسألة ندرة المياه التي طال أمدها في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والفجوة المتسعة بين الطلب على موارد المياه العذبة وإمداداتها، فإن المنظمة، استجابة لاحتياجات البلدان الأعضاء للدعم وأنشئت في عام 2014 مبادرة ندرة المياه الإقليمية. وتنظيم حلقة العمل اليوم والتي تستمر ثلاثة أيام تعد واحدة من المعالم الرئيسية لهذه المبادرة. هذا الحدث على وجه الخصوص، هو نتيجة لمبادرة بدأت تحت رعاية وزارة المياه والبيئة في الإمارات العربية المتحدة. ومنها بدأت منظمة الأغذية والزراعة، والمركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (ICARDA)، والمركز الدولي للزراعة الملحية الحيوية (ICBA) مشروع تقييم للتوسع المحتمل للزراعة المحمية في دول مجلس التعاون الخليجي، بالشراكة مع متخصصين وخبراء من المنطقة، وتم الإبلاغ عن هذا التقييم في وثيقة بعنوان «فتح إمكانات الزراعة المحمية في دول مجلس التعاون الخليجي: خفض استهلاك المياه مع تحسين التغذية والأمن الغذائي»، والذي سيتم عرضه ومناقشته في حلقة العمل بالاشتراك مع أصحاب المصلحة المتعددين.

وعن الحلقة العملية قالت: تجمع هذه الحلقة بين العديد من أصحاب المصلحة من الأوساط الأكاديمية ومراكز البحوث والقطاع الخاص والمستثمرين ومستشاري الإرشاد والخدمات الإرشادية والوزارات والوكالات الحكومية. ويأتي هذا الحدث في الوقت المناسب في سياق تنفيذ جدول أعمال الأمم المتحدة 2030 للتنمية المستدامة. وتوفر الحلقة العمل هذه فرصة ممتازة للمزيد من المناقشة والتبادل مع مختلف أصحاب المصلحة والجهات الفاعلة ذات الصلة في دول مجلس التعاون الخليجي حول التقليل من استهلاك المياه لإنتاج المحاصيل المستدامة وإيجاد طرق مبتكرة لتحسين إنتاجية المياه، ونتوقع من خلال حلقة العمل هذه، تبادل الخبرات، من أجل تحفيز المبادرات الحكومية واستثمارات القطاع الخاص. الأمر الذي سيؤدي في النهاية إلى زيادة توافر الغذاء المنتج محليًا، وفقًا لأعلى معايير الجودة وسلامة الأغذية، مع التوفير في الموارد المياه من خلال تقنيات الزراعة المحمية المبتكرة. وأكدت ان منظمة الفاو على أهبة الاستعداد لمواصلة دعم المنطقة في جهودها لتحسين إدارة المياه عبر القطاع الزراعي بهدف تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

الجدير ذكره أن الزراعة المحمية تحظى بدعم خاص من جانب صناع القرار بدول مجلس التعاون الخليجي باعتبارها تنتج محاصيل تتسم بنوعية عالية وفق ظروف مناخية متقلبة.