1016302
1016302
الاقتصادية

النمو في الصين يتباطأ في الفصل الثالث إلى أدنى مستوياته منذ 9 سنوات

19 أكتوبر 2018
19 أكتوبر 2018

بكين (أ ف ب)- تباطأ نمو الاقتصاد الصيني في الفصل الثالث من السنة إلى أدنى وتيرة يسجلها منذ تسع سنوات، على وقع الحرب التجارية المتصاعدة مع الولايات المتحدة وركود الاستثمارات، ما قد يحمل بكين على تعزيز دعمها للنشاط الاقتصادي.

وأعلن مكتب الإحصاءات الوطني أمس أن إجمالي الناتج الداخلي للقوة الاقتصادية الثانية في العالم سجل نموا بنسبة 6,5% خلال الفترة الممتدة بين يوليو وسبتمبر، عاكسا الأوضاع القاتمة القائمة حاليا.

وجاءت هذه النسبة مشابهة لمتوسط توقعات 12 محللا استطلعتهم وكالة فرانس برس، وهي تشير إلى تباطؤ واضح للنمو بعدما قاوم في الفصلين الأول (6,8%) والثاني (6,7%)، ولو أنها تبقى ضمن هامش الهدف الحكومي البالغ «حوالى 6,5%» لمجمل السنة.

وهي أضعف وتيرة نمو فصلية للعملاق الآسيوي منذ الربع الأول من العام 2009، حين طاولت الأزمة المالية الأسواق العالمية.

وأقر المتحدث باسم مكتب الإحصاءات الوطني ماو شينغيونغ بأن البلاد «تواجه بيئة في غاية التعقيد في الخارج وجهود إصلاحات جذرية».

ويعاني النشاط الاقتصادي الصيني من تبعات النزاع التجاري المتصاعد بين بكين وواشنطن، وقد فرضت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ يوليو رسوما جمركية مشددة على بضائع صينية بقيمة 250 مليار دولار في السنة، من ضمنها سيارات وآلات وأدوات كهربائية، في حين تبقى الصادرات محركا هاما لاقتصاد هذا البلد.

وتزيد هذه الحرب التجارية من صعوبة الأوضاع الدقيقة التي تواجهها الصين على وقع تبعات جهود النظام الشيوعي لتقليص ديونه.

صناعة في أزمة

قامت الحكومة في سعيها لاحتواء تزايد المديونية بتشديد الشروط المطلوبة لمنح القروض، وهي تشن حملة ضد «مالية الظل» غير الخاضعة للضوابط، وتمارس ضغوطا على المجالس المحلية لحملها على الحد من إنفاقها العام ومن استثماراتها القائمة على قروض.

وتنعكس هذه الجهود سلبا بصورة مباشرة على مشاريع البنى الأساسية الكبرى وعلى القطاع العقاري، الدعامتين الرئيسيتين لإجمالي الناتج الداخلي الصيني، كما تعقد تمويل الشركات.

وفي مؤشر إلى التباطؤ، لا تزال الاستثمارات في الأصول الثابتة، التي تعتبر مؤشر الإنفاق في البنى الأساسية، تراوح مكانها.

وإن كانت هذه الاستثمارات سجلت ارتفاعا طفيفا وغير متوقع محققة 5,4% خلال الفصول الثلاثة الأولى من السنة بعد نسبة 5,3% في الفترة نفسها من العام الماضي، إلا أنها تبقى قريبة من أدنى مستوى نمو سجلته حتى الآن.

وحذر جوليان إيفانز بريتشارد من مكتب «كابيتال إيكونوميكس» للدراسات قائلا: «يمكن التشكيك في أن يكون هذا الانتعاش كافيا لمنع الاقتصاد من تسجيل المزيد من التباطؤ في الفصول المقبلة».

كما أصدر «مكتب الإحصاءات الوطني» أرقاما أخرى لا تشير هي أيضا إلى أي انفراج، حيث سجل الإنتاج الصناعي أيضا تباطؤا في سبتمبر محققا نموا بنسبة 5,8% فقط بالمقارنة مع الشهر نفسه من السنة السابقة، وهو تباطؤ يفوق توقعات الخبراء الذين استجوبتهم وكالة بلومبرج ( 6%).

ولفتت بيتي وانغ المحللة لدى شركة «إيه إن زد» إلى أن «الحرب التجارية لم تؤثر على الصادرات الصينية في الفصل الثالث» إذ بقيت مدعومة من الشركات التي سرعت عمليات تسليم البضائع قبل دخول الرسوم الأمريكية حيز التنفيذ، مستفيدة في الوقت نفسه من تراجع قيمة اليوان، ولكن «قطاع التصنيع تراجع» و«من المتوقع أن يتفاقم هذا التوجه في الفصل الرابع».

والمؤشر الوحيد الإيجابي يبقى أرقام مبيعات التجزئة، مؤشر الاستهلاك، التي تعكس حيوية مع تسارع مخالف للتوقعات بنسبة 9,2% في سبتمبر بالمقارنة مع الشهر نفسه من العام الماضي، مقابل نمو بنسبة 9% في أغسطس.

عوامل مجهولة»

وانعكست الخلافات التجارية على ثقة المستثمرين، فخسرت بورصة شانغهاي حوالى ثلث قيمتها منذ بلوغها ذروة في يناير، فيما تراجع اليوان حوالى 9% مقابل الدولار. وسعى ثلاثة مسؤولين صينيين كبار بينهم حاكم البنك المركزي للطمأنة الجمعة معتبرين أن الانتكاسات الأخيرة في الأسواق المالية «غير طبيعية».

لكن عدة محللين يرون أن إنعاش الاقتصاد يتطلب أكثر من مجرد كلام.

وقال الخبير الاقتصادي لدى مصرف «جي بي مورجان» تشو هيبين «علينا أن نتوقع تصعيدا في التوتر الصيني الأمريكي عام 2019، ستحد من وطأته على الأرجح عمليات تصحيح لسعر اليوان وسياسات نقدية ومالية أكثر حيوية» من أجل دعم النشاط الاقتصادي.

وخفض البنك المركزي عدة مرات هذه السنة نسبة الاحتياطات الإلزامية المفروضة على المصارف ليسمح لها بمنح المزيد من القروض.

وقال الخبير الاقتصادي لدى صندوق النقد الدولي ليان وايشينج امس الأول خلال مؤتمر في بكين: «إذا أصيبت السوق بقليل من الذعر، فهذا قد ينعكس سلبا على الاستثمار، ثم على التجارة، إنها دائرة مفرغة».

وحرص المتحدث باسم مكتب الإحصاءات الوطني ماو شينجيونج على عدم إبداء أي تفاؤل قائلا: «ما زال هناك الكثير من العوامل المجهولة المتعلقة بالتوترات بين الصين والولايات المتحدة، ومن المتوقع بالتالي أن يبقى الاقتصاد تحت الضغط».