1015428
1015428
تقارير

بنك دانسكي وغسيل الأموال

18 أكتوبر 2018
18 أكتوبر 2018

أنبوب مصرفي يضخ 200 بليون يورو في إستونيا.. والتحقيق في حسابات غير المقيمين -

ريتشارد مِيلْن وكارولاين بينهام – الفاينانشال تايمز -

ترجمة قاسم مكي -

في أغسطس 2015 لم تكن أكبر فضيحة غسيل (تبييض) أموال يشهدها العالم قد اكتشفت بعد. لكن إدارة بنك دانسكي سعت في هدوء إلى وقف النشاط المصرفي الذي يتموضع في قلب تلك الفضيحة. فمنذ عام 2007 نقلت كيانات روسية وأخرى من بلدان الاتحاد السوفييتي السابق 200 بليون يورو أو ما يساوي تقريبا 10 مرات حجم اقتصاد الدنمارك عبر الفرع الإستوني لبنك دانسكي، أكبر بنك إقراض (ائتمان) في هذا البلد الذي يطل على بحر البلطيق.

رقم قياسي جديد

اتخذ مسؤولو مصرف دويتشه بانك الألماني، وهو ليس غريبا عن الفضيحة إذ كان يتولى إدارة معظم المدفوعات العابرة للحدود من بنك دانسكي، خطوة مثيرة للدهشة حينها. فقد أخطروا بنك دانسكي أن المشكلة تزداد سوءا. إذ على الرغم من الانخفاض الذي حدث في حجم المدفوعات المحولة من إستونيا في العامين السابقين لذلك التاريخ حدثت زيادة في نسبة الحالات المشبوهة التي وجب على البنك الألماني التحقق بشأنها من فرع دانسكي الصغير هناك. وجاء في محضر الاجتماع الذي انعقد بين كبار مسؤولي المصرفين (دويتشه بانك ودانسكي) واطلعت عليه الفاينانشال تايمز ما يلي «في الربع الثاني من عام 2015 لوحده كانت هنالك 16 حالة مرتبطة بجرائم مثل المخدرات وسرقات الهوية وما إلى ذلك.» وفي وقت لاحق في الشهر ذاته حدد دويتشة بانك 10 زبائن لبنك دانسكي تورطوا في «تصرفات مشبوهة». وشكا مسؤولو دانسكي في رسالة بريد إلكتروني داخلية من «أن مكتب التحقيقات الفيدرالي وإدارة مكافحة المخدرات لم يسمحا لمصرف دويتشة بانك بإبلاغنا بالحالات التي لها روابط مباشرة بالقضايا الجنائية التي لم يُفصل فيها.» ثم أنهي البنك الألماني علاقته المتمثلة بتحصيل الدولارات الأمريكية لصالح بنك دانسكي من إستونيا. لكن ستنقضي ثلاثة أعوام أخرى قبل اتضاح الكيفية التي صار بها فرع صغير لبنك أوروبي متوسط الحجم أنبوبا تتدفق عبره أموال ضخمة إلى خارج روسيا وأذربيجان ولاتفيا وبحجم تتضاءل إلى جانبه الفضائح الأخرى المرتبطة بعمليات غسيل الأموال. لم يخرج من هذه الفضيحة أحد بعافيته بما في ذلك المسؤولون التنفيذيون ببنك دانسكي ومجلس إدارته والجهات التنظيمية المشرفة على العمل المصرفي. فقد كلفت الرئيس التنفيذي للبنك توماس بورجين منصبه وقادت إلى إجراء تحقيقات في 6 بلدان على الأقل. وعلى الرغم من التقرير الذي نشره البنك نفسه عن الفضيحة في سبتمبر يظل الكثير مجهولا ابتداءً من مصدر المال وإلى حيث انتهى به المآل وحجم الضرر الذي سيلحق في النهاية ببنك دانسكي بل وحتى بالدنمارك نفسها. يقول جراهام بورو وهو خبير بريطاني بغسيل الأموال وسبق له أن اطلع على آلاف المعاملات المصرفية من بنك دانسكي وبنوك أخرى أن مبلغ الـ 200 بليون يورو أكبر من أية أموال مغسولة «أحاط بها الناس علما حتى الآن». فهي بحجمها هذا تضع معيارا (تسجل رقما قياسيا) جديدا «غير مرحب به لفضائح غسيل الأموال»، حسب قوله.

البداية

بدأت متاعب دانسكي تقريبا فور شرائه بنك سامبو، وهو مصرف ائتمان فنلندي، في عام 2007. كان الفرع الإستوني للبنك يمثل 0.5% فقط من أصول دانسكي الذي سيتضرر بشدة من الأزمة المالية العالمية. وبحلول عام 2008 كان نشاط حسابات غير المقيمين في إستونيا (وهي حسابات تخدم عملاء من خارج هذا البلد المطل على البلطيق خصوصا من روسيا) يشكل 8% من أرباح مجموعة دانسكي قبل خصم الضرائب (بلغت في مجموعها 2.23 بليون كرونة دنماركية.) لقد تلقت إدارة البنك في كوبنهاجن تحذيرات سلفا. ففي عام 2007 أبلغت السلطات المسؤولة عن تنظيم العمل المصرفي في إستونيا، بل حتى البنك المركزي الروسي، بنك دانسكي ربما تورط فيه. وذكر البنك المركزي الروسي أن «زبائن بنك سامبو يشاركون بشكل دائم في عمليات ذات أصل مشبوه». ووفقا لتقديراته فإن بلايين الروبلات لها شهريا علاقة بهذه المعاملات، حسبما ورد في تقرير بنك دانسكي عن الفضيحة. وكان بيرجن مسؤولا عن عمليات البنك في إستونيا في الفترة من 2009 إلى 2012 بصفته رئيس العمليات المصرفية الدولية بالبنك. وفي عام 2010 تحدث عن «التوسع ببطء» في عمليات غير المقيمين وأخطر المسؤولين التنفيذيين الآخرين في البنك أنه لم يصادف «أي شيء يمكن أن يثير القلق»، وفقا لتقرير بنك دانسكي المذكور. أضاف بنك دانسكي في هذا التوسع حوالى 6500 حسابا غير مقيم إلى حسابات غير المقيمين التي ورثها من بنك سامبو (3300 حساب تقريبا في عام 2007. وكان عام 2013 حاسما من جوانب عديدة. فقد شهد تدفق 32 بليون يورو، وهو رقم قياسي،عبر محفظة غير المقيمين. كما انسحب في يوليو بنك جي بي مورجان الذي كان يدير المعاملات الدولارية لدانسكي في إستونيا إلى جانب دويتشه بانك، مشيرا إلى مخاوف تتعلق بعملاء فرع دانسكي غير المقيمين. يقول أحد الأشخاص العليمين بالتحقيقات أن ذلك الانسحاب «لزم أن يكون إشارة تحذيرية ضخمة بأن مثل هذا البنك الكبير (جي بي مورجان) لن يتعامل معك بسبب زبائن مشبوهين.» ناقش مجلس إدارة دانسكي في اجتماع لاحق قرار جي بي مورجان بالانسحاب ونشاط حسابات غير المقيمين. وحسبما ورد في محضر ذلك الإجماع الذي اطلعت عليه الفاينانشال تايمز قال لارس مورش الذي حل محل بورجين كرئيس للعمليات الدولية بالبنك أن محفظة غير المقيمين أكبر حجما من محافظ منافسي دانسكي وأنها «كانت بحاجة إلى مراجعة وإلى النظر في إمكانية خفضها.» وورد في المحضر أيضا أن بورجين الذي كان وقتها الرئيس التنفيذي للبنك «أكد الحاجة إلى حل وسط ورغب في المزيد من التداول حول الموضوع خارج هذا المنبر.» وجاء في تقرير دانسكي عن الفضيحة «أوضح توماس بورجين أنه لا يتذكر ماهو ذلك الحل الوسط الذي كان يشير إليه.» لكن شخصا له صلة بالتحقيقات ذكر أن تلك اللحظة كانت حاسمة وقال «تلك كانت البرهة لتي أتخذ فيها قرار بعدم وقف هذا النشاط.»

رسالة بريد إلكتروني

نحو نهاية عام 2013 غيرت رسالة بريد إلكتروني داخلي كل شيء. كانت الرسالة بعنوان «كشف مخالفات من داخل المصرف- التعامل عن علم مسبق مع مجرمين في فرع إستونيا» وكاتبها هو هوارد ويلكنسون، رئيس قسم أسواق أستونيا ببنك دانسكي. كان محتوى الرسالة مدمرا. شرح ويلكنسون في إسهاب «اخفاقا يوشك أن يكون تاما». وأشار إلى شركة محدودة المسؤولية بالمملكة المتحدة اسمها «لانتانا تريد» كانت قد فتحت حسابا في بنك دانسكي في العام السابق. وُضِعت على حساب الشركة علامة (غير متحرك) في سجل «بيت الشركات» بالمملكة المتحدة. لكن في نفس ذلك التاريخ كان يوجد بحسابها في بنك دانسكي رصيد دائن بمبلغ 965418 دولارا. وذكر زميل لويلكنسون لاحقا أن البنك لا يعرف المالكين المستفيدين من الحساب. لكن وجد أن من بينهم، كما يظهر، عائلة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وجهاز الاستخبارات الروسي (إف إس بي)، حسبما جاء في رسالة البريد الإلكتروني التي اطلعت عليها الفاينانشال تايمز! أنكر الكرملين هذا الزعم وقال أن «الرئيس الروسي لا علاقة له بالبنك المذكور.» أرسل بنك دانسكي فريقه الخاص بالتدقيق الداخلي للتحقيق في عملية إستونيا في يناير 2014. رغما عن ذلك شكا ويلكنسون في رسالة بريد إلكتروني أخرى في أبريل أنه «لم يتم إغلاق أي حساب عميل له علاقة بالعملية من جانب الإدارة» بالرغم من تحذيراته. كما أشار إلى عدم وجود «محاولة من جانب الإدارة كما يبدو لتحديد حجم مشكلة تقديم الشركة البريطانية المحدودة المسؤولية لحسابات زائفة.» وذكر أن مسؤولا كبيرا قال له أن بنك دانسكي «ليس شرطيا.» وأن البنك ليس ملزما بإبلاغ السلطات بحسابات الزبائن الزائفة. وفي نفس اليوم استقال ويلكنسون وأرسل رسالة بريد إلكتروني إلى كوبنهاجن بهذا المعنى جاء فيها «من المؤسف أن أقول يبدو لي أن الأمور معْوَجَّة تماما هنا.» ويمثل ويلكنسون الآن المحامي الأمريكي الذي سبق له أن ساهم في تأمين واحدة من أكبر المبالغ التي منحت للمبلَّغين عن مخالفات الشركات بموجب قوانين المكافآت الأمريكية. ناقشت الإدارة التنفيذية لبنك دانسكي وأيضا مجلس إدارته رسائل ويلكنسون وتقرير يتضمن نقدا من السلطات الإستونية المعنية طوال العام 2014 وبنهاية ذلك العام أنهي البنك علاقته مع حوالى ربع الزبائن غير المقيمين. وفي أواخر ديسمبر 2015 تم إغلاق وحدة حسابات غير المقيمين في إستونيا. فقط في ربيع 2017 حين نشرت الصحيفة الدنماركية بيرلنجسكه سلسلة من المقالات بدأ يتضح حجم ونطاق متاعب بنك دانسكي.

مصادر ووجهات مسؤولة

أضطر البنك لإجراء تحقيقه الخاص به وتعاقد مع شركة قانونية دنماركية سبق لها أن تعاملت معه لإعداد التقرير الذي نشر في الشهر الماضي. وفي حين أن تقرير البنك رسم تسلسلا زمنيا للأحداث إلا أنه ترك عددا من الأسئلة الكبيرة دون إجابة. فلا يزال مصدر معظم الـ200 بليون يورو غير معلوما. ذكر التقرير ثلاث فضائح ارتبط بها البنك هي مغاسل الأموال في روسيا وأذربيجان وعمليات الاحتيال التي سرَّبَت عشرات البلايين من هذين البلدين وعملية الغش الروسية المزعومة والمتعلقة بمبلغ 230 مليون دولار والتي كشفها المحامي سيرجي ماجنيتسكي قبل وفاته في زنزانة بسجن روسي عام 2009. لكن ليس فقط مصدر تلك الأموال (ال200 بليون يورو) بل حتى الوجهة التي اتجهت إليها الأموال بعد أن غادرت بنك دانسكي أكثر خفاء. يقول أوليفر بُولو المقيم في لندن والذي يستكشف في كتابه الأخير «أرض المال» الكليبتوقراط الذين استغلوا الأنظمة المالية والقانونية الغربية لتسريب الأموال من بلدانهم «علينا القبول بأن الكثير من هذه الأموال سينتهي بها المطاف إلى هنا.» ويضيف «يميل الروس إلى الاستثمار استراتيجيا في روسيا وينفقون أموالهم في أماكن أخرى على البيوت واليخوت. إن الكثير من هذا المال يستقر في أماكن ظاهرة مثل نيويورك وموناكو. لكن المملكة المتحدة تظل على رأس القائمة.» شكلت ثاني أكبر نسبة من الزبائن على أساس الموقع الجغرافي لغير المقيمين في فرع البنك بإستونيا الكيانات المقيمة (التي تتخذ مقرها) في المملكة المتحدة وإلى حد كبير الشراكات المحدودة المسؤولية مثل لانتانا التي أشار إليها المُبَلِّغ عن مخالفات البنك أو كيانات أخرى شبيهة مثل الشركات الإسكتلندية المحدودة المسؤولية. هذه الشركات الوهمية مسجلة اسميا في المملكة المتحدة مع شريك مسمى لكن هذه الشركات بدورها يمكن أن تكون «واجهات» مجهولة في ملاذات ضريبية سرية يختفي أصحابها المنتفعون من عملياتها في طبقات من هويات شركات عديدة. لقد فتحت الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة بالمملكة المتحدة تحقيقا في واحدة من هذه الشراكات المحدودة المسؤولية التي لها روابط ببنك دانسكي. لكن السهولة التي يمكن بها إنشاء الشراكات المحدودة المسؤولية والشراكات الإسكتلندية المحدودة المسؤولية (تكلف على الأقل 50 جنيها استرلينيا عبر وكيل تسجيل رسمي) تعزز الشعار الذي ترفعه الحكومة بأن المملكة المتحدة بلد يسهل فيه ممارسة الأعمال الاقتصادية. غير أنها أيضا تجتذب غاسلي الأموال وأصحاب الجريمة المُنَظَّمة وهذا شيء وَجَبَ على الحكومة الإقرار به.

من المسؤول؟

ثمة أسئلة أيضا حول أدوار عديدين متورطين في الفضيحة. فمجموعة حملة الأسهم «هيرمِس إي أو إٍس» تريد من مجلس إدارة دانسكي النظر فيما إذا كان ينبغي عليه مقاضاة أي من كبار مسؤولي الإدارة التنفيذية بالبنك. اشتبه تقرير الشركة الدنماركية الاشتباه بحوالي 42 «موظفا ووكيلا» لكنه لم يذكر أسماءهم. وبرأ التقرير الموظفين اللذين ذكر اسميهما فعلا وهما بيرجين ورئيس مجلس الإدارة أولَي آنديرسِن من أي انتهاك لعقد عملهما مع البنك. رغم ذلك تجري الآن تحريات جنائية ومدنية في كل من الدنمارك وإستونيا فيما شرعت المملكة المتحدة وفنلندا وسويسرا في فتح تحقيقات خاصة بها. يقول جيسبير بيرج، رئيس هيئة الرقابة المالية الدنماركية، «من السهل إدراك أن ثمة ضجة في الساحة. (فما حدث) استمرار للأزمة المالية (العالمية 2008-2009). يوجد إحساس بعدم الوفاء بما يلزم لمواجهة العواقب التي ترتبت عن الأزمة في القطاع المالي.» كما طرحت أيضا أسئلة حول ما إذا كان بنك دانسكي يحصل على معاملة خاصة من الجهة الرقابية المشرفة على البنك والتي تولى رئاستها حتى مايو الماضي المدير المالي السابق للبنك. لكن بيرج ينكر ذلك ويشير إلى إعادة فتح التحقيق الذي تقوم به هيئة الرقابة المالية في عمليات البنك. يجيء ظهور هذه الحقائق في أسوأ وقت بالنسبة للاتحاد الأوروبي الذي سبق أن اتضح تراخيه في السيطرة على غسيل الأموال في قضايا مختلفة في مالطا وقبرص ولاتفيا وهولندا. إن الجهة الرقابية في البلد الأم هي المسؤولة فنيا عن التحقق من ضوابط البنك الخاصة بغسيل الأموال بما في ذلك في فروعه الخارجية. فإذا كان لدى البنك فرع تابع له في الخارج (يتمتع بامتيازات ضريبية) تتولى حينها هذه المهمة الجهة المعنية في البلد المضيف. وفي حالة الفرع الإستوني لبنك دانسكي تقع المسؤولية النهائية على عاتق السلطات الدنماركية. لكن سلطات الرقابة الوطنية يمكنها أداء مهمتها بفعالية فقط إذا تعاونت معها سلطات البلد المضيف. لقد دفع ذلك آندريا إنريا الرئيس التنفيذي لهيئة الصيرفة الأوروبية إلى مساندة الدعوات المطالبة بتشكيل كيان أوروبي جديد للاتحاد الأوروبي لمحاربة مد الأموال القذرة. وبالنسبة لدانسكي يتمثل الخطر الأكبر في الإجراء الذي يمكن أن تتخذه الولايات المتحدة (أيا كان هذا الإجراء). وفي هذا الصدد أخبر مارشال بيلينجسلي، وهو المسؤول عن محاربة تمويل الإرهاب بوزارة الخزانة الأمريكية، بيرلنجسكه أنهم « يتابعون هذه القضية عن كثب.» لقد سبق تغريم بنك اتش إس بي سي في عام 2012 حوالى 1.9 بليون دولار لغسيله أموال مخدرات بقيمة881 مليون دولار لمصلحة كارتل «سينالوا» المكسيكي الذي يتاجر في المخدرات. وهذا المبلغ لا يكاد يساوي شيئا إزاء التدفقات المالية المشبوهة لبنك دانسكي (200 بليون يورو) حتى إذا اتضح أن جزءا ضئيلا منها أموال مغسولة فعلا (يذكر تقرير البنك نفسه أن جزءا كبيرا منها مشكوك فيه).

وماذا بعد؟

يتوقع المحللون في بنك جيسكي الدنماركي فرض غرامة دولية تصل إلى 8 بليون دولار على البنك إذا ثبت أنه أخطأ. لكن قد تكون الغرامة أقل السيناريوهات سوءا بالنسبة للبنك. فوزارة الخزانة الأمريكية يمكنها أصدار أوامر للبنوك التي تقوم بمقاصة الدولارات نيابة عن بنك دانسكي بالكف عن ذلك. وذلك ما كانت قد فعلته في فبراير في قضية (أيه بي إل في)،أكبر بنك غير مقيم في لاتفيا والذي اضطر إلى تصفية نفسه في وقت سابق من هذا العام بعد اتهامه من جانب الولايات المتحدة بانتهاك العقوبات ضد كوريا الشمالية. هذا وقد صرح راسموس يارلوف، وزير الأعمال، بأن الدنمارك تبذل ما في وسعها لتجنب مصير بنك أيه بي إل في. فقد قال في الشهر الماضي «نحن نتعامل(مع هذه القضية) هنا. ونحن نتعامل بشدة مع غسيل الأموال ونأمل أن يلاحظ (الناس جهودنا هذه) في الخارج.» إن ما يشكل مصدرا كبير للقلق هو مدى انتشار هذه الأموال القذرة. ويخشي بارو، خبير مكافحة غسيل الأموال، من أن تكون بنوك وشركات قانونية كثيرة قد عرضت نفسها لمخاطر بسبب الحجم الكبير من الأموال الروسية التي تدفقت عبر النظام المصرفي. ودعا مسؤولي بنك بريطاني بأن يفكروا «في ذلك اليوم الذي يواجهنا فيه بوتين بالعداء. فحينها سيكون جالسا على كنز من المعلومات». بلغت الحصة السوقية لبنك دانسكي حين كان في ذروة نجاحاته عام 2013 حوالي 9% من الأموال (الحسابات) غير المقيمة في منطقة البلطيق. ورغم الحجم المذهل للأموال التي لها صلة بفضيحته يتساءل البعض إذا ما كان هنالك المزيد من الأموال (المغسولة التي لم يكشف عنها النقاب بعد). يقول بولو « نحن الآن نعلم ما نعلمه عن بنك دانسكي فقط لأن شاهدا من أهله شهد بذلك ( يعني هاوارد ويلكنسون الذي كشف الفضيحة) لكن السؤال هو : كم عدد البنوك الأخرى في البلطيق التي تفعل الشيء نفسه بالضبط؟»