1007615
1007615
المنوعات

مؤتمر «العلاقات العمانية البريطانية» يوصي بإنشاء مكتبة عمان الرقمية ومجلة «محكمة»

10 أكتوبر 2018
10 أكتوبر 2018

أكد على أهمية البحث العلمي وتحري الموضوعية والدقة -

تغطية: عاصم الشيدي -

أوصى المؤتمر الدولي «العلاقات العمانية البريطانية» في ختام أعماله أمس بإنشاء مركز علمي يعنى بدراسة علاقات السلطنة وبريطانيا والدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية. إضافة إلى إنشاء مكتبة عُمان الرقمية عبر هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، والتنسيق مع الأرشيفات الدولية للحصول على الوثائق والمحفوظات لخدمة البحث العلمي. كـــــــما أوصــــى المـــؤتمر بإصدار مجلة علمية مُحكمة متخصصة في تاريخ العلاقات العُمانية البريطانية والدول الأوروبية والولايات المتحدة في مختلف المجالات العلمية والحضارية.

وكان المؤتمر قد اختتم أعماله أمس بحفل رعاه معالي محمد بن سالم التوبي وزير البيئة والشؤون المناخية بعد ثلاثة أيام من البحوث والحوارات والنقاشات الأكاديمية.

وتلا الدكتور عبد العزيز بن هلال الخروصي توصيات المؤتمر التي استهلها بديباجة أكد خلالها أن المؤتمر يأتي «امتدادا لرؤية هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية بالسلطنة واهتمامها الدؤوب بإقامة مثل هذه المؤتمرات الدولية على غرار ما تم إنجازه في كل من تركيا وزنجبار وبوروندي وفرنسا وجمهورية القمر المتحدة ودولة الكويت الشقيقة، وغيرها العديد من المؤتمرات والندوات داخل السلطنة وخارجها». مشيرا إلى أن المؤتمر يندرج «في سياق إبراز أهمية عُمان عبر العصور التاريخية».

وأوصى المؤتمر بتشجيع الباحثين على التنوع في الاعتماد على المصادر والمراجع الوثائقية العربية والانجليزية والفرنسية والإيطالية والهولندية والروسية والفارسية والبرتغالية والعثمانية والهندية واللغات الأخرى؛ للكشف عن طبيعة العلاقات العُمانية البريطانية والدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، وإلى توجيه طلاب الدراسات العليا والباحثين إلى إعداد البحوث العلمية في مرحلتي الماجستير والدكتوراه التي تتناول العلاقات التاريخية بين عُمان وبريطانيا والدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية. وتقديم منح بحثية لدراسة هذه العلاقات.

وأكدت توصيات المؤتمر على «تعميق البحث العلمي وتحري الموضوعية والدقة بالرجوع إلى المراجع العربية والأجنبية في إعداد الدراسات والبحوث، وتعد الوثائق والآثار أهم الأسس اللازمة في هذا الجانب».

كما أوصى المؤتمر بإنشاء بنك معلومات خاص بالعلاقات العُمانية البريطانية والدول الأخرى بالتعاون مع دور الأرشيفات العالمية والجهات العلمية المختصة في تلك الدول. وأوصى المؤتمر بضرورة تشجيع التنقيب والبحث عن الآثار والمحافظة عليها، وترميمها، حيث إنها تعد مصدرا مكملا للوثائق والمحفوظات في توثيق المعلومات التاريخية والحضارية، كما نادت توصيات المؤتمر بإبراز أهمية السلام والتعايش السلمي وتشجيع قيم التسامح والعيش المشترك في تعزيز العلاقات بين دول العالم، وأشارت التوصيات إلى ضرورة الاهتمام بالتاريخ الشفوي لما يمثله من قيمة علمية وفكرية في إثراء البحوث والدراسات التاريخية المعاصرة ذات العلاقة بين سلطنة عُمان وبريطانيا والدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، كما أكدت على أهمية مواصلة عقد المزيد من المؤتمرات الدولية الهادفة لتبادل التجارب والخبرات بين المؤسسات العلمية والثقافية بين سلطنة عُمان ودول العالم.

وكان المؤتمر قد شهد في يومه الأخير استكمال أوراق العمل المشاركة في المؤتمر في المحور الاقتصادي والمحور الثقافي.

وألقى في حفل الختام الدكتور جمعة بن خليفة البوسعيدي كلمة الهيئة التي أشار فيها إلى أهمية العلاقات العمانية البريطانية وأنها «نموذج للعلاقات الدولية الناجحة التي أصبحت محط تقدير وإعجاب من قبل أبناء الشعبين الصديقين».

من جانبه قرأ الدكتور سعيدي مزيان كلمة المشـــــاركين في المؤتمر التي أكد فيها على ما كشفته أوراق العمل من علاقات تاريخية بين السلطنة وبريطانيا خلال الفترة من القرن السابع عشر إلى القرن التاسع عشر بتنوعها وحجمها ومجالاتها.

وقال مزيان: إن العلاقات «بدأت في إطار التبادل التجاري وإرساء علاقات اقتصادية نظّمت الاتفاقيات وبروتوكولات التعاون والإعفاءات الجمركية ونوعية السلع التجارية وحركة الملاحة البحرية واستخدام الموانئ في عُمان والمناطق التابعة لها، وتوسعت العلاقات لتشمل المجال السياسي من خلال تبادل القناصل وعقد الاتفاقيات السياسية لتصل إلى أوج قوتها في القرن الثامن عشر إلى ما بعد منتصف القرن التاسع عشر، حيث هيمنت بريطانيا على البحار والمحيطات في إطار اتفاقيات تنوعت ما بين الحماية التي وقعت بين بريطانيا وعدد من الدول أو تلك التي فرضت بريطانيا بموجبها نموذجا مغايرا من الاتفاقيات تحظى بموجبها على امتيازات خاصة في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية، وكرّست هذه الاتفاقيات والإجراءات وسدت كافة السبل والأبواب لضمان عدم منافسة الدول الأوروبية لها، لا سيما أن المنطقة قد شهدت تنافسا بريطانيا فرنسيا أفضى في بعض الحالات إلى الصدام العسكري والخلاف السياسي بين البلدين».

وأشار مزيان إلى إن أعمال المؤتمر كشفت عن «اختلاف مسار هذه العلاقات، التّي اتسمت في بدايتها بالتوّازن والتّكافؤ في الجوانب التجارية والاقتصادية وصولا إلى القرن التاسع عشر الذّي شهد مرحلة تقييد حركة النشاط التجاري والاقتصادي في إطار تطور أحداث التنافس الأوروبي على المنطقة».

وكان راعي الحفل قد تجول في أرجاء المعرض الوثائقي قبيل حفل الاختتام. وشهد المعرض أمس حضورا كبيرا من الزوار خاصة من طلاب المدارس.

وكانت الجلسة الختامية أمس قد شهدت استقراء ما كتبه الرحالة البريطانيين عن السلطنة. وقدم الدكتور إبراهيم عبد المنعم أبو العلا ورقة بعنوان «رحلات جيمس ويلْستِد في عُمان وأثرها في استكشاف نواحيها وطبائع وثقافة أهلها وسياسة سلطانها». وجيمس ويلستد ضابط بشركة الهند الشرقية امتلك خبرة كبيرة في مجال الاستكشافات الجغرافية، وكان ضمن طاقم السفينة بالينُورُس الذين قاموا بمسح الساحل الجنوبي للجزيرة العربية (1830-1834م)، وقد توقّف ويلْستِد في مسقط آنذاك ومكث فيها شهرا (مايو 1833م)، ونظرا لخبرته العملية، فقد أوكلت إليه شركته مهمة استكشاف نواحي عُمان الداخلية التي لم يزُرها المستكشفون الأوروبيون من قبل، ليتهيأ له رسم خريطة طبيعية للبلاد ومدنها الرئيسية، لأسباب سياسية وعسكرية. فاستأذن ويلْستِد من السيد سعيد بن سلطان للترحال في نواحي عُمان، فأذن له، ويسر له مهمته (نوفمبر 1835م)، ثم عاد ويلْستِد إلى عُمان لاستكشافها مرة ثالثة (أبريل 1837م). وسجل وِيلْستد مشاهداته عن عُمان في مؤلفاته، وأبرزها «سرد لرحلة في عمان الداخل عام 1835م»، و«رحلات في الجزيرة العربية 1837م»، و«رحلات في مدينة الخلفاء 1837م». ونشرت رحلته إلى داخل عُمان بمجلة الجمعية الجغرافية الملكية، فتلقفتها الدوائر العلمية الدولية؛ فقد وصف نواحي عُمان بدقة، وبَدَدْ فكرة فساد جَوّها وعداء أهلها للغرباء، وكانت مستقرة في أذهان المستكشفين الأوروبيين، وحالت دون اختراقهم نواحيها الداخلية، وتحدّث وِيلْستد في رحلاته عن ثقافة العُمانيين وعاداتهم. وكشف عن سياسة حكومة السيد سعيد، فأشار إلى العدل الذي انتهجته وابتعادها عن ضروب القمع، وتسامحها مع مختلف المعتقدات، وكرمها مع التجار الغرباء. وأشار وِيلْستِد إلى علاقة السيد سعيد ببريطانيا، وانتقد سياستها تجاهه، فاتهمها بالتقصير بحقه، لعدم مكافأته بما يستحق لمساهمته في محاربة الرِق. وألمح أيضا إلى اتساع نفوذه بعمان، وعلاقته الودية بشيوخ القبائل في معظم أرجاء البلاد.

وعن نفس الرحلة تحدثت الباحثة الدكتورة فوزية الفهدية من خلال ورقة حملت عنوان «الجوانب المضمرة في خطاب الرحلة لرحلة جيمس ريموند ويلستد إلى عمان عام 1835م أنموذجا».

وحاولت الباحثة كشف التعالق النقدي في أعمال ويلستد من حيث السياق اللغوي الذي حملته في نقد الواقع الاجتماعي للآخر العماني (أرضا وشعبا) وقراءة الانطباعات العالقة في ذاكرة الآخر الثقافيّة وتفكيك المضمرات النسقيّة لخطاب رحلة ويلستد في أعماله.

وقدمت وردة بنت هلال البوسعيدية ورقة حملت عنوان «عمان في عدسة الرحالة البريطانيين من القرن السابع عشر إلى القرن التاسع عشر دراسة حول اللباس لدى الرجال والنساء وتقاليد الضيافة والاستقبال».

وقالت الباحثة: إن الرحّالة الإنجليز وصفوا عمان وصفا متنوعا اختلف من كاتب إلى آخر، ومن رحّالة إلى آخر؛ طبقا لدوافعهم المتنوعة وتوجهاتهم المختلفة التي ساهمت في رسم صور مختلفة عن عمان وأهلها، متفاوتة إيجابيا وسلبيا، في الفترات الزمنية المختلفة.

مشيرة إلى أنهم تناولوا زوايا مختلفة عن البلاد، تراوحت بين مناخ مسقط وعمان، وطبيعة الأرض، وأوضاع العبيد وأخلاق الشعب وعاداته ومعتقداته، وأنواع التجارة وأصناف اللباس وغيرها من الجوانب.

 

برقية شكر وعرفان لجلالة السلطان من المشاركين في المؤتمر

العمانية: رفع المشاركون في المؤتمر الدولي السابع «العلاقات العُمانية والبريطانية من القرن السابع عشر وحتى القرن التاسع عشر» والذي نظمته هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية في مسقط خلال الفترة من الثامن وحتى العاشر من أكتوبر الجاري، برقية شكر وعرفان إلى المقام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه -، أعربوا فيها عن أخلص عبارات الشكر والتقدير والامتنان لما لقوه من بالغ الرعاية وحسن الاهتمام، مشيدين بدعم جلالته السامي لحفظ الذاكرة الوطنية لعُمان والنهوض بمجال الوثائق والمحفوظات بالسلطنة.

وأشار المشاركون إلى أن البحث والحوار الجاد والنقاشات المستفيضة في أيام المؤتمر خرجت بنتائج ناجحة وتوصيات هادفة تخدم المنظور التاريخي والحضاري والعلاقات الدولية التي تربط السلطنة بدول العالم. واختتم المشاركون برقيتهم بالدعاء إلى الله سبحانه وتعالى بأن يشمل جلالة السلطان المعظم بكريم عنايته ويحفظه بوافر رعايته ويوفقه دومًا لما فيه خدمة وطنه وخير شعبه.