1002197
1002197
المنوعات

«عمان للموسيقى التقليدية» يناقش البعد الفلسفي للموسيقى عبر العصور

04 أكتوبر 2018
04 أكتوبر 2018

كتبت: خلود الفزارية -

استضاف مركز عمان للموسيقى التقليدية مساء أمس الأول في مقره بمدينة الإعلام المؤلف الموسيقي الدكتور نبيل عبد الجليل من المغرب الذي قدم محاضرة حملت عنوان: الفلسفة والموسيقى..أية علاقة؟ بحضور عدد من المهتمين.

ناقش عبد الجليل إشكاليات متعددة بحسب المجال الحضاري والتاريخي، كما تطرق إلى الحضارة اليونانية ومن ثم الأوربية الأوسطية وصولا إلى العصر الحديث مع فتح باب المقارنة مع الحضارة العربية الإسلامية، كما ركز الضيف على نظرة الفلسفة الجمالية والأخلاقية للموسيقى من خلال طرح تاريخي واضح لرصد بعض الحالات التي يلعب فيها الحس الموسيقي والجمالي لفيلسوف دورا في صياغة نظرياته، بالإضافة إلى كيفية تعامل الفلسفة مع مسألة تطور اللغة الموسيقية وتقنياتها من خلال التأثر بالمنهجية الفلسفية في عملية الإبداع الموسيقي، خصوصا فيما يخص التوجهات الموسيقية والفنية الطلائعية حاليا.

واستهل المحاضر ورقته بتساؤل: الفلسفة والموسيقى، أية علاقة ؟

مضيفا أن النظرية الموسيقية في إطار علوم التعاليم تنقسم إلى أربعة أجزاء وهي الحساب، والهندسة، وعلم الفلك والموسيقى، وأن رؤية الفلاسفة للأخلاق والجماليات في الموسيقى بين التنظير، والتقييم والنقد، فالنظرية الموسيقية في إطار العلوم الفلسفية الأساسية هي هذه العلوم الأربعة.

ثم انتقل إلى المدرسة الفيثاغورية و أهميتها حيث أشار إلى الفيزيائيين الصوتيين، والفيثاغوريين الماورائيين، بمجموعة تصورات شمولية ومنظومات على أساس الأعداد، أما نظرية تناغم الأفلاك، وتأثرالخلف اليوناني والروماني والمسيحي والإسلامي بالمدرسة الفيثاغورية، فضلا عن رؤية الفلاسفة للأخلاق والجماليات في الموسيقى بين التنظير، بالتقييم والنقد حسب التسلسل التاريخي تبدأ من الإغريق، فالرومان، فالمسيحية، بعدها أوضح المقارنة مع العالم الإسلامي، والنهضة الأوربية والأوبرا، منتهيا بنيتشه وفلسفته الموسيقية.

وأوضح عبد الجليل أن الإغريق وظفوا الموسيقى بين الميثولوجيا و التراجيديا، ثم الموسيقى في الإمبراطورية الأثينية (القرن الخامس ق.م) حتى أفلاطون، مع مقاربة أفلاطون الأخلاقية وأهميتها القصوى (427- 347ق.م)، وأرسطو والمقاربة الوسطية322-384) ق.م)، ثم أرسطوكسينوس (354ق.م): رفض المقاربة الأخلاقية و انتقاد الفيثاغوريين.

أما العصر اليوناني الروماني فبدأ بالمدرسة الأبيقورية و الرواقية و التشكيكية و انتصار “ المادية“ المؤقت بأبيقور ( 342-270ق.م). لوكريتوس (95-52ق.م). فيلوديموس (معاصر)، وزينون (350-258ق.م)، وسيكستوس أومبريكوس (160-210ب.م)، وانتصار النظام الإمبراطوري (27ق.م) ورجوع السفسطائية، والحنين إلى المثالية القديمة، وأفلوطين والنفحة الصوفية(204-269).

في حين أن المسيحية تبدأ بأوغسطين (354-430)، آباء الكنيسة الأوائل و بويتيوس (480-524)، بين أفلاطون و اللاهوت والممارسة الموروثة، والألفية الثانية وبداية الفكر الإنساني بمحاولة خلق التوازن بين أفلاطون وأرسطو، وظهور المسرح وتقوية عقيدة العذراء، والموقف من البوليفونيا وهي انتصار فني مقابل محاولات التقنين في إطار اعتراف ضمني.

وأشار المحاضر إلى مقارنة مع العالم الإسلامي حيث تطرق إلى غياب تفاعل تقييمي ونقدي عند الفلاسفة العرب مع موسيقاهم المعاصرة من الناحية الجمالية والأخلاقية، وأثار تساؤل: هل تجوز المقابلة التالية ؟

موضحا أن العقل المسيحي اللاهوتي متفلسف مقابل عقل مسلم منشطرإلى ثلاثة عقولالتي تتلخص في الفيلسوف والفقيه والصوفي) بعد اندحار المعتزلة(، كما بين أسباب الموقف السلبي عموما للفقهاء اتجاه الموسيقى وهي: الخوف من الموسيقى بحد ذاتها ضمن ثنائية الحلال والحرام، وغياب النظرة الفلسفية في هوية الفقيه بما في ذلك اتجاه الموسيقى.

بعدها أشار إلى المتصوفة واستفرادهم بالتنظير الجمالي للموسيقى متمثلا بابن عربي (1165-1240)، وجلال الدين الرومي (1207-1273)، كما انتقل إلى مقارنة مع آباء الكنيسة الأوائل من النهضة الأوربية إلى القرن 18 بالرجوع إلى الصورة المثالية للمسرح الإغريقي في الأوبرا، وبقاء النفس الأفلاطوني على مستوى أهمية النص الشعري، وتفوق الشعر على الموسيقى عند كبار الفلاسفة إلى حدود، وشوبنهاور و نيتشه مبينا عدم الانتباه إلى تطور الموسيقى الآلية الصرفة المتزايد، بالإضافة إلى تأخر الفلاسفة بالنسبة لتطور الموسيقى (جوليوس بورتنوي و هيغل).

واختتم الدكتور نبيل عبد الجليل ورقته بنيتشه الذي أوضح أنه أعاد قراءة التراجيديا الإغريقية من منطلقين بتفوق الموسيقى على العقلانية وأهمية الديونيزية، والموسيقى بين المسيحية و الفلسفة متمثلا بالخلاص في الموسيقى بدل الخلاص في المسيح.

وفي ختام الأمسية قدمت فرقة مركز عمان للموسيقى التقليدية وصلة موسيقية.