997407
997407
الاقتصادية

اقتصاديون لـ« عمان »: من المهم تسخير الإيرادات النفطية لإيجاد طاقات إنتاجية ومواصلة السياسات الاقتصادية

30 سبتمبر 2018
30 سبتمبر 2018

تعظيم الاستفادة من الموارد الطبيعية والبنية الأساسية والموارد البشرية -

كتب ـ ماجد الهطالي -

في الفترة الأخيرة تجاوزت أسعار النفط سعر التعادل والبالغ نحو 79 دولارا للبرميل، فقد تخطت 80 دولارا وهو ما يعني أن الإيرادات النفطية تجاوزت النفقات المخططة في ميزانية العام الحالي. يأتي ذلك في الوقت الذي تكثف فيه الحكومة جهودها لتعزيز الإيرادات غير النفطية، وضبط الإنفاق للتجاوب مع الوضع. وهو ما أثمر عن الكثير من النتائج الإيجابية للاقتصاد الوطني.

ويؤكد خبراء اقتصاديون على ضرورة مواصلة ترجمة السياسات الاقتصادية التي وضعتها الحكومة بتعزيز الإيرادات غير النفطية والاستفادة من الإيرادات النفطية وتسخيرها لخدمة التنمية في الأجل المتوسط والطويل من خلال إيجاد طاقات إنتاجية بالشراكة مع القطاع الخاص المحلي والعالمي تعمل على تعظيم الاستفادة من الموارد الطبيعية التي تزخر بها السلطنة والجاهزية الكبيرة في البنية الأساسية والموارد البشرية الوطنية. ودعوا في استطلاع لـ «عمان الاقتصادي» الى الاستمرار في النهج الحالي والمتمثل في ضبط الإنفاق، وتعزيز مختلف القطاعات المستهدفة في برنامج «تنفيذ»، وإيجاد شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص، واتباع سياسات مالية بعيدة المدى تدرك طبيعة التغيرات المتسارعة في أسعار النفط.

اختبار حقيقي

وقال الدكتور يوسف بن حمد البلوشي خبير اقتصادي بمكتب رؤية عُمان 2040: إن ارتفاع أسعار النفط يمثل اختبارا حقيقيا لرصانة وثبات سياسات الدول النفطية الرامية لتنويع مصادر الدخل وتعزيز الطاقات الإنتاجية في الأنشطة غير النفطية .. موضحا أنه ينبغي على السلطنة وغيرها من الدول النفطية أن تفكر بالحقبة ما بعد النفطية، حيث يوفر ارتفاع الأسعار فرصة لتنفيذ سياسات التحول والانتقال إلى نموذج جديد للتنمية قوامه الإنتاج وتعزيز القيمة المضافة المحلية المتحققة من القطاعات النفطية وضرورة اتباع سياسات مالية بعيدة المدى تدرك طبيعة التغيرات المتسارعة في أسعار هذا المورد الناضب.

وأضاف البلوشي إن أسعار النفط تشهد تذبذبات كبيرة في الاتجاهين للعديد من الأسباب المتداخلة منها السياسية والاقتصادية والفنية ولذلك سيظل مستقبل أسعار النفط تكتنفه حالة كبيرة من عدم اليقين ويصعب التكهن بها. وأيا ما كان الأمر يجب عدم أغفال التحديات الجوهرية التي يتعرض لها النفط سواء كان في جانب العرض المتمثل في تحسن التقنية المرتبطة بإنتاج النفط الصخري وكذلك التقنية المرتبطة بإنتاج الطاقة من مصادر متجددة كالشمس والريح. وكذلك التحديات في جانب الطلب وتغيير أنماط الاستهلاك وخاصة في قطاع النقل اكبر مستهلكي النفط وتزايد وتيرة استخدام السيارات الكهربائية والمحركات التي تعتمد على مصادر طاقة متجددة.

تعظيم الاستفادة

وأشار الدكتور يوسف البلوشي إلى أن السياسات الواجب اتباعها في هذا الشأن تتمثل في الاستفادة من الإيرادات النفطية وتسخيرها لخدمة التنمية في الأجل المتوسط والطويل من خلال إيجاد طاقات إنتاجية بالشراكة مع القطاع الخاص المحلي والعالمي تعمل على تعظيم الاستفادة من الموارد الطبيعية التي تزخر بها السلطنة والجاهزية الكبيرة في البنية الأساسية والموارد البشرية الوطنية. الأمر الذي من شأنه أن يوجد فرص عمل منتجة للباحثين عن عمل ويمكن من الإنتاج لغرض سد حاجة الطلب المحلي من السلع والخدمات وكذلك يمكن من التصدير للاستفادة من مكانة السلطنة بين الأمم.

وبيّن الخبير الاقتصادي بمكتب رؤية عُمان 2040 أن المرحلة المقبلة تتطلب الاستمرار في سياسة الضبط المالي الحالية ومحاولة تقليص النفقات العامة الجارية المرتفعة والتي تتعارض مع مبدأ تعزيز دور القطاع الخاص. ولذلك يجب التحوط في إدارة الفوائض المتحققة من ارتفاع الأسعار وتحييدها.

وأوضح البلوشي أن الأداء الاقتصادي في السلطنة يعتمد على النفط الذي لا نتحكم في أسعاره ولا كميات إنتاجه ولا التكنولوجيا المستخدمة لإنتاجه. ولذلك فإن التحوط والتحول إلى نموذج اقتصادي جديد ليس خيارا وإنما ضرورة تفرضها التغيرات في مختلف الأصعدة ومرحلة النمو التي تمر بها السلطنة وتحقيق التحول المنشود يتطلب نظرة شاملة وبذل جهود حثيثة واستخدام آليات متعددة يتيح التعامل مع التحديات واقتناص الفرص المتاحة من الارتفاع المؤقت لأسعار النفط. بيد أن تحقيق ذلك يحتاج إلى فهم عميق للمتغيرات المختلفة وبذل جهود من قِبل الجهات المعنية بالتنفيذ، والتي قد تواجه صعوبة بالغة بسبب سرعة تجدد الأولويات.

درس مفيد

وأوضح الدكتور سعيد بن محمد الصقري رئيس الجمعية الاقتصادية العمانية أن من بين أهم الأسباب التي أدت إلى ارتفاع أسعار النفط هي تعرض صادرات الخام الإيرانية لضغوط من عقوبات أمريكية، الأمر الذي يثير مخاوف من شح في الإمدادات، بالإضافة إلى التحسن المستمر الذي يشهده الوضع الاقتصادي العالمي والذي ينعكس إيجابيا على الأسعار، نظرا إلى العلاقة الطردية بين النمو العالمي وطلب الطاقة .. مشيرا إلى أن انتعاش النشاط الاقتصادي العالمي يكتسب قوة متزايدة، فبعد أن بلغ النمو العالمي أدنى مستوياته منذ الأزمة المالية العالمية مسجلا 3.2% في عام 2016،ارتفع إلى 3.8% في العام الماضي، ويتوقع أن ينمو إلى 3.9% العام الجاري.

وأكد الدكتور سعيد الصقري على أن ارتفاع أسعار النفط والتوقعات التي تشير إلى أن الأسعار ستحافظ على الارتفاع خلال العام المقبل بين 65 إلى 80 دولارا للبرميل ستؤدي إلى تحسن الأداء الاقتصادي الكلي حيث إن الأسعار تجاوزت سعر التعادل وأن سعر الإيرادات النفطية تجاوزت النفقات المخططة في الميزانية، مما يعطي أريحية من خلال انخفاض العجز وتحسن الميزان التجاري، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى انخفاض وتيرة الاقتراض سواء من السوق المحلي أو العالمي، وانتعاش الحركة الاستثمارية.

وأشار رئيس الجمعية الاقتصادية العمانية إلى أنه خلال الفترة الماضية ارتفعت تكلفة الاقتراض مما أثر سلبا على أداء القطاع الخاص .. موضحا أن تحسن أداء القطاع الخاص يؤدي إلى انتعاش الحركة الاستثمارية في السلطنة.. مبيّنا أن الأزمة النفطية منذ بدايتها في عام 2014 أعطت درسا مفيدا للقطاعين العام والخاص في انتهاج سياسات اقتصادية لا تعتمد فقط على الإيرادات النفطية منها على سبيل المثال برنامج الوطني للتنويع الاقتصادي «تنفيذ»، والشراكة بين القطاعين العام والخاص، ورفع نسبة الضرائب على الشركات إلى 15% ورفع نسبة الرسوم الحكومية، واستحداث ضريبة القيمة المضافة.

وأضاف الصقري أن السلطنة تبنت العديد من الإصلاحات الاقتصادية منها تحسين بيئة الأعمال لتحفيز الاستثمار، وترشيد الإنفاق العام.. مؤكدا على ضرورة الاستمرار على هذا النهج نظرا إلى تذبذب أسعار النفط.

تعزيز العلاقات الاقتصادية

من جانبه قال الدكتور جمعة بن صالح الغيلاني خبير نفطي: إن أسعار النفط عادة ما ترتفع في الموسم الشتوي نظرا إلى زيادة الطلب على الخام أضف إلى ذلك موقع السلطنة المميز بنسبة للأسواق النفطية .. مشيرا إلى أن أسعار النفط متقلبة وتشهد تذبذبات كثيرة بحكم اعتمادها على العرض والطلب وعوامل جيوسياسية، الأمر الذي يتطلب من الحكومة الاستمرار في سياسة الترشيد والاستغلال الأمثل للإيرادات من المنتجات النفطية.

وأضاف الغيلاني أن الفترة القادمة تتطلب تنويع القاعدة الاقتصادية وتحفيز ودعم التنويع الاقتصادي وتقديم حزمة للقطاع الخاص من خلال بنك التنمية العماني من أجل النهوض بالقطاعات الاقتصادية الأخرى كالسياحة والصناعة والتعدين والثروة السمكية واللوجستيات من أجل ترسيخ بنية اقتصادية متينة لا تتأثر بسهولة بالمتغيرات التي يشهدها العالم أجمع.

وأكد الدكتور جمعة الغيلاني على أن السلطنة تتميز بموقعها الاستراتيجي لتنويع مصادر دخلها بالإضافة إلى علاقتها السياسية التي تعتبر من العوامل المهمة لتعزيز علاقاتها الاقتصادية.

ارتفاع متواصل

وكان سعر نفط عُمان تسليم شهر نوفمبر القادم قد بلغ يوم الجمعة الماضي 84.86 دولار أمريكي.

وقد أظهر استطلاع للرأي أجرته رويترز الجمعة الماضي أن من المرجح ارتفاع أسعار النفط على نحو متواصل حتى العام المقبل، حيث يتفوق أثر المخاوف من انخفاض إمدادات دول مثل إيران وفنزويلا على القلق بشأن احتمال أن تقوض الخلافات التجارية العالمية الطلب على الخام.

وأظهر المسح الذي شمل 50 خبيرا اقتصاديا أن خام برنت من المتوقع أن يبلغ في المتوسط 73.48 دولار للبرميل في 2018 ارتفاعا من 72.71 دولار في توقعات أغسطس و72.68 دولار في متوسط هذا العام.ومن المتوقع بلوغ برنت 73.75 دولار للبرميل في المتوسط في 2019. وهذا أعلى سعر متوقع للخام القياسي لعامي 2018 و2019 في استطلاعات الرأي هذا العام.

وارتفعت أسعار خام برنت بما يزيد عن 20 % منذ بداية أبريل.

لكن محللين يقولون إن تصاعد النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين، أكبر مستهلكين للسلع الأولية في العالم، قد يؤثر على نمو الطلب، خصوصا في العام القادم.

وتدخل جولة جديدة من العقوبات الأمريكية على إيران، ثالث أكبر منتج للنفط في منظمة أوبك، حيز التنفيذ في الرابع من نوفمبر.

وتطالب الولايات المتحدة مشتري النفط الإيراني بخفض الواردات إلى الصفر لإرغام طهران على التفاوض على اتفاق نووي جديد وكبح نفوذها في الشرق الأوسط.

وقال محللون إن دولا أخرى في أوبك تزيد إنتاجها من الخام لكن المخزونات العالمية ما زالت تواصل التراجع.