tunis
tunis
أعمدة

تواصل: «رسمية والباطن سلطة»

25 سبتمبر 2018
25 سبتمبر 2018

تونس المحروقية -

hlaa202020 @ -

مشهد أول :

أحد المؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي يواجه قصورا ما في الخدمة المقدمة له من مؤسسة معينة لها حسابات في وسائل التواصل الاجتماعي يكتب منشورا عن تجربته السيئة ويضع نسخة من منشوره لحساب تلك المؤسسة، يدعمه متابعوه بالتعليق على ذلك المنشور فتضطر المؤسسة المعنية بعد أيام لإصدار بيان يوضح حقيقة ما حدث وسبب التقصير إن اعترفت به ثم تعد بالتحسين في جودة الخدمة المقدمة مستقبلاً إن كان هناك قصور أو توضح سبب اللبس الذي حصل.

مشهد ثان:

حسابات رسمية في منصات التواصل الاجتماعي لبعض المؤسسات الحكومية لا تتفاعل مع المتابعين مهما كان نوع التساؤلات التي تطرح هناك مكتفية بأن تقوم بنشر الأخبار والإنجازات التي قامت بها المؤسسة من شاكلة: «حققت المؤسسة تميزا دوليا في ....، أو افتتح اليوم ... ، أوتتواصل أعمال الفعالية الفلانية ...، أواختتمت فعاليات الحدث الفلاني»، وغير ذلك لا شيء أبداً !

مشهد ثالث:

حساب رسمي لإحدى المؤسسات في إحدى منصات التواصل الاجتماعي يرد على المتفاعلين من الجمهور أحياناً بأسلوب يشعرك وكأنه حساب شخصي وليس حساب مؤسسة، ترى في الردود نبرات انفعالية واستفزازية للجمهور ! تستغرب وأنت تشاهد ذلك وتقول: أحياناً من الأفضل لبعض المؤسسات أن تكتفي بنشر إنجازاتها التي ترغب في استعراضها في الصحف والابتعاد تماما عن منصات التواصل الاجتماعي التي قد تضعها وجها لوجه أمام قصورها الذي لا تستطيع إخفاءه، فتظهر حساباتها هناك محاولات مستميتة في الدفاع عن المؤسسة في عبارات قد تظهر استفزازية أو منفعلة !

تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دورا كبيرا في التقريب بين المؤسسات التي تقدم خدماتها للجمهور والجمهور المستفيد من تلك الخدمات أو المنتجات، إذ يسهل على المؤسسة إمكانية نشر ما ترغب به في الوقت الذي تحدده في حساباتها في منصات التواصل الاجتماعي بحيث تحصل على رد الفعل مباشرة من خلال تفاعل الجمهور هناك، كما تمنح هذه الوسائل الجمهور المستفيد فرصة أن يعبر عن رأيه بطريقة مباشرة وآنية عن الخدمة المقدمة دون الحاجة لمقابلة المسؤول في المؤسسة بانتظار موعد قد يتأخر توقيته وقد لا يتحقق، كما يمنحه إمكانية أن يقترح لتطوير الخدمة بأن يشارك مثلاً المؤسسة تجاربه التي رآها في دول أخرى أو قراءاته ومعارفه في الجانب المعني بعمل المؤسسة.

هناك الكثير من المؤسسات الحكومية والخاصة التي قررت أن يكون لها حسابات في تلك المنصات وهناك بالفعل من أجادت منهم قواعد اللعبة واستطاعت الاستفادة من وجودها هناك في تحسين وتجويد خدماتها والاستماع لوجهات نظر المجتمع بل إن هناك من المؤسسات من أصبح يشاور جمهوره المستفيد في بعض الخدمات وطرق وآلية تقديمها قبل طرحها ضمن خدمات المؤسسة وهذا يحسب لتلك المؤسسات التي استطاعت أن تستفيد من حضورها في تلك المنصات فبنت مستوى من الثقة بينها وجمهورها أصبح معه ذلك الجمهور هو من يتفهم التأخر الذي قد يحصل لبعض مشاريع تلك المؤسسة لأنها دائما شفافة وواضحة مع المجتمع والجمهور المستفيد، وفي المقابل هناك العديد من المؤسسات الحكومية والخاصة التي لديها جمهور عريض من المهتمين بخدماتها ومنتجاتها لكن يظهر من طريقة إدارتها لحساباتها في منصات التواصل الاجتماعي وكأن هناك من أجبرها على هذه الخطوة أو أنها لم تكن مستعدة لها، فكل ما يكتب هناك عبارة عن ما نفذته من أنشطة وفعاليات دون تفاعل مع المتابعين، كما قد تقوم بإعادة نشر كل المنشورات التي تشيد بجهودها من قبل المتابعين، لكن ماذا عمن ينتقدها؟ تكتفي هنا بعدم الرد وكأنها لا ترى تلك المنشورات، كما أن محتوى هذه الحسابات هو نفسه بالضبط محتوى الأخبار التي نشرت في الصحف عن الفعالية الخاصة بتلك المؤسسة مع أن جمهور وسائل التواصل الاجتماعي مختلف عن جمهور الصحف وينبغي أن يكون هنالك اختلاف في المحتوى المقدم في الوسيلتين لكنك فعليا تشعر أن من أرسل الخبر للصحف أخذ نسخة منه لحسابات التواصل الاجتماعي للمؤسسة، تتعجب فتبعث بتعجبك لهم في تساؤلات لكن أيضا لا رد !

تصادف أحيانا أن حسابات بعض المؤسسات تهتم بالرد على أصحاب الحسابات من ذوي المتابعة العالية وتهمل من كان عدد متابعي حساباتهم لا يصلون لعشرات الألوف مهما كانت أهمية طرحهم، ستصدم أيضا من تشنج لغة ردود بعض تلك الحسابات الرسمية وتداول المتابعين لرد مؤسسة معينة على تساؤل أحدهم بطريقة استفزازية غريبة لا توحي أبدا أن الرد من حساب مؤسسة رسمية ستشاهد تعليقات من المتابعين على شاكلة: «هذا بالله عليكم رد مؤسسة رسمية؟، ثم أيقونات استغراب»، ثم لا تجد المؤسسة في نفسها الرغبة في الرد على ذلك الكم الهائل من التهكم من الجمهور على أسلوب تفاعلها مع المتابعين.

ستشاهد الكثير من الغرائب في طرق إدارة الحسابات الرسمية، ونوع المحتوى المقدم في تلك الحسابات وستقف لتسأل نفسك طويلا: هل يوجد من أهل تلك المؤسسات لإدارة حساباتها وتحديد نوع المحتوى المقدم وطريقة التفاعل مع الجمهور أم أن الأمر لا يعدو فكرة الرغبة في الحضور في تلك المنصات دون فهم حقيقي لنوع الحضور؟ ليكون ظاهر الحسابات رسمية والباطن سلطة !!