lama
lama
أعمدة

ذات: ماذا وراء أسواري ؟

26 سبتمبر 2018
26 سبتمبر 2018

لما مصطفى دعدوش -

قد تستغرب العنوان ولكنه من الحقيقة بمكان، فأنا هنا خلف أسوار وجدران صلبة ولكنها رقيقة شفافة ترى للعيان .

قد ترى العطاء والحب والبهاء وقد ترى خلفه الكثير من العناء وقد ترى أطنانا من الكبرياء .

أحمل في نفسي روحا تسمو للعلياء.، لكن هل فكرت يوما كيف وصلت إلى ذاك البهاء ؟

ما رأيكم أن ندخل من الأسوار ونعرف الأسرار !

تعالوا معي لنتجاوز أسوارنا سوية ولندخل إلى مدننا لنطل على مساكن لم يسكنها سوانا، ولم يعرفها غيرنا، ولن يعرفها بعدنا أحد .

سنتجول سوية في أزقتنا ونسأل أنفسنا هذا السؤال الساحر :

ماذا خلف أسواري ؟

ذاك السؤال الذي طالما تعرضنا له وطالما سألناه من الناس وطالما أخذ منا الكثير لنجيب عليه .

الآن ندخل في محاولة جريئة منا لنعرف تلك الأسرار العميقة التي تقبع في دواخلنا ولا تقبل الخروج منها .

لعلنا جميعا نملك تلك الأسرار ونفرح عندما يأتي من يميط اللثام عنها ويخبرنا بأدق تفاصيلنا عن أنفسنا فنغدق عليه بالأسئلة وتنهمر الاستفسارات والتحقيقات وكأنه عالم بنا خبير بأحوالنا

وننسى ونتناسى أننا أدرى بأنفسنا من ذاك الخبير إلا أننا قد أخذنا بما يلهينا عن معرفة أنفسنا المعرفة الصحيحة والجوب في دواخلها بتفصيل دقيق بنفس محايد دون فيضان عواطف ورغبة أو كره ، ولا جمود عقل أو تحيز

لفئة أو تعلق بفكرة .

نعم أنا في حاجة ملحة وشديدة لأعرف كل شيء عن نفسي حقا وأدخل من تلك الأسوار واكشف عن أشياء وأشياء لا يستطيع معرفتها غيري ولا اكتشافها غيري ولا تغييرها غيري

في غرف مدينتي ربما سأكشف عن قدرات وصفات وسمات لا يصقلها ويبرزها إلا أنا .

في غرف مدينتي ربما سأرى عفونة وأشم ريحا في زاوية مهملة من سابق حدث مر علي وترك آثاره ورائحته في داخلي ولا تزال تفوح كلما شابهت حدثا مثله في حياتي فتخرج لتقول أنا هنا ، طهرني وتطهر مني، وقد كنت ظننته قد غادرني منذ زمن بعيد ( إلا أن آثاره في حاضري موجودة )

في غرف مدينتي ربما سأرى طيف طموح جميل يضاحكني بصوره الجميلة التي تغزو مخيلتي كل ليلة ليخبرني بأني أستحقه وسأكونه يوما فأنتشي فرحا ويرقص قلبي طربا .

في غرف مدينتي ربما سأكتشف أني كنت معطاء مبذرا مفرطا بحق نفسي التي سلبتها سلامها بسببه وكان لابد من استراتيجية لماحة في سياسة الأخذ والعطاء مع بعض الأشخاص في حياتي لأعلم الآن سر تلك الرسائل الليلية اليومية التي كانت تأتيني في ثوب حزن وألم وخذلان وخيبة أمل من صديق أو أخ أو ابن أو أو أو ، قد راسلتني لتنبهني لكني ما فهمت الرسالة

فهمت أني أتألم فقط .

في غرف مدينتي ربما سأكشف عن روح محبة من روح الله قد ذبلت من العطش في دائرة المادة والدنيا والهوى تنادي كل يوم في ضيق وتعب لتروى بري طاعة أو تقرب أو آية أو ركعة ليل خاشعة .

في غرف مدينتي ربما سأكشف هناك ظلالا لهيئة جميلة، بهية، دافئة، تدعوني أن أمد يدي إليها بعون ومحبة وعطاء حقيقي، يبذل في مكانه وفي وقته وبميزانه الصحيح، أسمع الصوت الرقيق من نفسي إلي، يناديني ويناجيني، إنه ( أنا )

ولكن من داخل الأسوار .

جميل هو اللقاء الحقيقي بما فيه من مشاعر وأشجان وسعادة وامتنان

لقد عرفت بعضا من نفسي الآن ..