المنوعات

«كل شيء بقدر» تناقش قضايا اجتماعية بمنطلق إسلامي

21 سبتمبر 2018
21 سبتمبر 2018

عرض: خلود الفزارية -

لأول مرة في حياتي أقرأ رواية بهذا الشكل، فهي مختلفة عن كل الروايات في خلفية كاتبها وتوجهه ومحاولة نثر مفرداته، الكاتب هو إسلام باكلي روائي جزائري شاب، له عدد من الروايات الأدبية، ومن أجل التنويع في القراءة قررت أن أجرب روايته التي لفتت انتباهي في لغتها وأسلوبها منذ أول فصل؛ فهي رواية تناقش قضية مجتمعية تتكرر في مختلف الشعوب، وهي قضية الاغتصاب، حيث تعرضت الفتاة الجميلة والعفيفة الطالبة المراهقة للاغتصاب في مرحلة الدراسة، مما جعلها تحت ألسنة القيل والقال، وما زاد الأمر سوءا أن الضحية «أناييس» حملت من تلك الحادثة، فيهب أهلها في مواجهة المجتمع لخوفهم من الله، فالناس تريد منهم التخلص من الفضيحة، إلا أنهم يتمسكون بالطفلة الصغيرة التي أطلقوا عليها اسم «قدر»، لأنها دخلت حياتهم بأمر الله وهم مؤمنون بقضائه وقدره.

ومع تحدي المجتمع تجد هذه العائلة نفسها تحت المقاطعة من كل الأهل والأصدقاء، وتبقى الضحية حبيسة البيت، لولا تفهم والديها وتدينهما لما استطاعت أن تعيش بسبب سوء معاملة الناس وكلامهم، وتتربى الطفلة «قدر» مع والدتها في عزلة من المجتمع في كنف أسرة محبة متدينة تخاف الله في كل أفعالها.

من جهة أخرى يعكس الكاتب قضية الحسد في المجتمع في بلدة أخرى؛ حيث تنتقل أسرة جديدة مع ابنهم المتفوق إلى بيت جديد، ولم تسلم الأسرة الجديدة من مضايقة الجيران، وكرههم لولدهم المميز المحب للقراءة والخلوق، وإذا بهم يلفقون فيه الكذب والصفات السيئة ليعيش «سراج الدين» معزولا عنهم وعن أبنائهم المجاهرين بالأعمال السيئة، إلا أنه لم يسلم ويتعرض للضرب المبرح الذي أفقده خصوبته وأصبح عقيما، وإذ بهذه العائلة تتعرف على فرد آخر منبوذ من بلدته بل ومطرود من أسرته لصفات سيئة، ولأنهم لم يوجهوا له النصح بالطريقة الصحيحة أصبح يغرق في وحل شرب الكحول أكثر فأكثر، فتسعفه العائلة بالحب والنصيحة، وإذ به يتغير.

بعد وفاة والدي «سراج الدين» يحزن قلبه عليهما ويفقد حبه للحياة؛ لأنه كان يشعر بأنه يعيش لأجلهما، ويسجل بيته باسم ذلك السكير الذي تاب وأصبح إماما للمسجد، ويطلب من يستدعي عائلته بعد توبته، وأن يفتتح مطعما في ملحق البيت ليعيلهم به، ويقرر هو الالتحاق بوظيفة ذات دخل متدن في صالة رياضية؛ لأن مؤهلاته لم تدخله أي مكان، واتفق أن يعيش في بيت ذلك الرجل صاحب العمل «عبدالله»، ويتأثر بتدين البيت حتى الطفلة الصغيرة «قدر» ذات الأعوام السبعة، ذات خلق متدين وجمال رائع أسر قلب «سراج الدين» الذي قدر له أن يكون عقيما، وإذ به يتعلق بالأسرة كاملة من صغيرها إلى كبيرها، ويساعدهم في أمور حياتهم، ويحاول إخراج ابنتهم «أناييس» من عزلتها، لتتم مصارحته في آخر القصة بقصة اغتصابها، فيقبل بها زوجة ويعيش مع الصغيرة التي تعلقت به كأب، ليكون حاضنا لهما، ويعيش الجميع في ألفة وحب وسلام.

القصة بشكل عام تناقش مشاكل اجتماعية عامة، وتعكس توجه الكاتب إسلامي، حيث يناقش بشكل مباشر النقاب وأهميته ومقارنته بالعري، وتأثير الفتاة على من حولها ليلبسن النقاب بعد إقناعهن به، كما يشير الكاتب إلى خروج الأهل إلى الشاطئ في وقت مغيب الشمس وخلوه من الناس للاستمتاع بالبحر في وقت الهدوء مع العائلة بعيدا عن مشاهد العري والفساد، ويعرج على الراحة النفسية التي تصيب الإنسان مع الالتزام والتقرب من الله، بالإشارة إلى استجابة الدعاء للناس الصالحين، واجتماعهم أو فراقهم في الآخرة، حيث ناقش مسألة الأعمال الصالحة والجنة والنار، والحياة القصيرة التي هي معبر للوصول إلى الحياة الأبدية بسلام.