982135
982135
تقارير

حكاية بيت.. من المستفيد من انهيار سوق الرهـونـاتالعقارية الأمريكية؟

13 سبتمبر 2018
13 سبتمبر 2018

وول ستريت قضت على الحلم الأمريكي.. وشركة واحدة اشترت آلاف المساكن المتأثرة -

موجة الحجز العقاري على المنازل المرهونة شهدت تشريد 7.8 مليون أسرة منذ بداية الأزمة المالية -

مارك فانديفيلد وآخرون - الفاينانشال تايمز -

ترجمة قاسم مكي -

بيت يتحول إلى ورقة مالية

كان المنزل الكائن في القطعة رقم 418 هومبليس درايف ببلدة ستوكبريدج يعني لمدرب اللياقة البدنية الخصوصي بيس تريفور «كل شيء حلمنا به»، حسبما قال. ففي عام 2001 انتقل بيس مع زوجته كولين وطفليهما إلى هذا المنزل، لقد كان أول مكان يصفانه بأنه بيتهما. لكن بعد خمسة أعوام لاحقا اشترى بنك فرنسي ورقة مالية كانت في الواقع رهانا على أن بيس وزوجته سيعجزان عن سداد القرض الذي حصلا عليه لشراء منزلهما. وسيجبران على ترك هذا البيت المريح في طرف البلدة. فدون أن يعلم آل بيس صار المنزل رقم «418 هومبلَيس درايف» جزءا من الآلة (الماكينة) المالية التي أوجدتها وول ستريت وقضت بها على الحلم الأمريكي للملايين من الناس وأوشكت على هدم الاقتصاد العالمي. لقد شهدت بلدة ستوكبريدج التي تقع جنوب آتلانتا مباشرة تحولات اجتماعية هامة أخرى في الماضي. فقبل أكثر من قرن ولد بها والد مارتن لوثر كنج (داعية حقوق الأمريكيين السود). وبحلول أعوام الستينيات من القرن الماضي أغلقت البلدة متنزهاتها العامة لأنه لم يعد هنالك حظر على ارتيادها من جانب الأمريكيين من أصول إفريقية. وفي أثناء العقدين الماضيين صار المنزل المقام في هومبليس درايف يمثل فترة أخرى من حقب التاريخ الأمريكي. ففي السنوات التي سبقت الأزمة المالية تحول هذا المنزل وأمثاله من استثمار مضمون إلى جزء من ورقة مالية سيبيعها المتعاملون في وول ستريت (شارع المال والأعمال في الولايات المتحدة) إلى مستثمرين سُذَّج حول العالم. ثم لاحقا زلزلت هذه الورقة المالية العالم بعدما أخفقت في طرح ثمارها. ومنذ حلول الأزمة ظل هذا المنزل (أو بالدقة حق امتلاكه) رابضا في دفاتر حسابات واحدة من أكبر شركات رأس المال المساهم الخاص التي حلَّت في هدوء محل بنوك الاستثمار كلاعبة مهيمنة في العالم المالي. باختصار يمثل هذا المنزل «المزيف» نموذجا مصغَّرَا للطيش الذي تسبب في الأزمة المالية والاستقرار الهش الذي أعقبها.

أصل الحكاية

يقضي بيس الذي يعمل لحسابه الخاص كمدرب لياقة بدنية كل وقته بعد استيقاظه في تدريباته الرياضية مع زبائن مهنته أو«خدمة التحويل الشامل للجسم» التي يقدمها لهم. وعند اتصالهم به هاتفيا تستقبلهم منه تحية مسجلة يقول فيها «تذكروا أن أبدانكم هي أعظم مخلوق تملكونه على الإطلاق». بدأ بيس عمله في عام 1991 حينما عاد إلى آتلانتا بعد أن قضى طفولته في قواعد عسكرية (مع والديه). في ذلك الوقت كانت المنطقة تشهد تحولا ضخما. ففي كل يوم ينتقل ثلاثمائة مقيم إلى البلدة وضواحيها. وفي كل أسبوع ينظف المتعاقدون الذين يتسابقون لتشييد المنازل موقعا جديدا في الغابة بحجم 63 ميدان كرة بيسبول. أحد هذه المواقع اسمه «ذا ليجيندز آت ليك سبيفي». وهو مجمع سكني يبعد 20 ميلا تقريبا جنوب شرق آتلانتا في بلدة ستوكبيريدج بولاية جورجيا. يضم المجمع 101 منزل مزودة بصناديق بريد ومقامة حول شوارع متفرعة تحمل أسماء مثل «تايم ليس وول» و«ميموري لين» و«هوم بليس درايف». وفي هذا الشارع الأخير يقع المنزل رقم 418. كانت امرأة اسمها فيكي إيرل أول مشترية لهذا المنزل الذي انتقلت إليه بعد فترة قصيرة من اكتمال بنائه في عام 1999. يوجد بالمجمع مسبح جماعي وناد تنظم به رابطة الحي حفلات آيس كريم للسكان. أقامت إيرل لمدة سنتين قبل أن تتخلى عن وظيفتها الإدارية بشركة دلتا أيرلاينز وتبيع المنزل بمبلغ يزيد بحوالي 10 ألف دولار عن الثمن الذي دفعته لشرائه (189 ألف دولارا). تقاعدت ايرل في فلوريدا قائلة لمعارفها أنها تخطط لمراقبة السفن الفضائية أثناء انطلاقها من قاعدة كيب كانافيرال. كانت أسعار المساكن وقتها لاتزال تشهد ارتفاعا حادا حتى مع انفجار فقاعة «دوتكوم» والانكماش الذي دخل فيه اقتصاد الولايات المتحدة. أحد أسباب ذلك الارتفاع في الأسعار انتشار قروض الرهونات العقارية والشروط غير المسبوقة التي تُعرَض للمتقدمين لشراء منازل لأول مرة أو الأشخاص الذين سبق لهم أن واجهوا صعوبة في الحصول على قروض سكنية (لضعف قدراتهم الائتمانية). وكان من بين هؤلاء بيس المدرب الرياضي الذي يعمل لحسابه الخاص. انتقل بيس وأسرته إلى منزل إيرل القديم بعد أن اقترض كامل قيمة شرائه (200 ألف دولار) حسبما هو مذكور في سجلات المقاطعة التي يقيم فيها. يقول بيس وهو يستعيد بهجة انتقالهم إلى الحي الجديد «في الحقيقة زوجتي هي التي وجدت المنزل». ليس ذلك فقط بل بعد سنوات لاحقا حصل بيس وزوجته على قرض أكبر (إعادة تدوير لقرضه السابق- المترجم) يُسَدَّد على أقساط شهرية أصغر في السنوات القليلة الأولى من فترة سداده. ثم انهار كل شيء. ولو أن الزمان كان غير الزمان والمكان غير المكان لم يكن سداد قرض بيس وزوجته ليشكل هَمّا لأي أحد آخر سوى مدير البنك المقرض. لكن ذلك لم يكن كذلك في الأسواق المالية المعولمة عام 2007 . فقد وجد قرض بيس طريقه إلى ماكينة (آلة) توريق ضخمة في وول ستريت.

كيف حدث ذلك؟

باستخدام تفاصيل أحد الرهونات العقارية المنشورة بمجلة بلومبيرج وتتطابق مع تفاصيل «صك ملكية» وقع عليه بيس وزوجته ومودع في محكمة جورجيا من الممكن تعقب رحلة القرض العقاري (قرضهما، كما يبدو) عبر النظام المالي. كانت قيمة القرض المؤرخ في يونيو 2005 أكبر بحوالي 14 ألف دولار من المبلغ الذي اقترضاه حين انتقلا إلى المنزل أول مرة قبل أربعة أعوام. ذلك على الرغم من أن بيس لا يتذكر استلامه أي مبلغ من جملة قرض إعادة التمويل هذا . كان القرض العقاري (الجديد) بمعدل متغير (سعر فائدة غير ثابت) مع معدل ترويجي (منخفض) وإعفاء عن سداد المبلغ الأساسي للقرض (لكن ليس للفوائد) خلال السنوات الثلاث الأولى من مدة السداد. أما الجهة المقرضة فشركة صغيرة اسمها (يور بيست ريت) تأسست في آتلانتا بواسطة بائع قروض عقارية اسمه جيف كتلر قام على الفور ببيع القرض (الرهن) إلى شركة كنتري وايد فاينانشال. يشرح كتلر عمله بقوله « نحن نبحث عن المقترض ونضمنه على أساس جدارته في الحصول على القرض ونقوم بإتمام القرض». وأضاف « شركة كنتري وايد اشترت عقد الرهن العقاري وهو مكتمل. ويتحدث آخرون شاركوا في هذه التجارة المالية بصراحة شديدة». يقول كريستوفر كروز « لا يوجد لديك أي حافز مهما كان كي تهتم بنوعية القرض وهل هو مناسب للمقترض أو أن أقساطه تسدد بانتظام ». وينظم كروز دورات تعليمية عن إجراءات التقديم لقروض الرهونات العقارية وإتمامها ويحضرها 10 آلاف موظف مبيعات سنويا. وإذا لم يكن على شركة (يور بيست ريت) أن تقلق كثيرا بشأن قدرة بيس وزوجته على سداد قرضهما فكذلك أيضا شركة كنتري وايد. فقد كدَّسَت هذه الشركة الأخيرة آلاف القروض العقارية كان العديد منها، حسبما أقرَّت، مطعونا في جدارتها الائتمانية. ثم باعتها بالجملة. وكان بيس وزوجته من بين10507 مقترضين جمعت شركة كنتري وايد قروضهم في حِزَم من الأوراق المالية المضمونة بقروضهم العقارية في كيان استثماري تحت مُسَمَّى (CWABS Asset-Backed Certificates Trust 2005-11) . ولم يكن من الضروري أن تكون نوعية المقترضين ممتازة. وكان يمكن للراغبين في شراء المنازل أن «يتأهلوا» للحصول على القروض إذا كانوا خارج الفصل السابع من إجراءات الإفلاس «ليوم واحد على الأقل». وفي حين أن التصنيف الائتماني الشخصي لمقترضين عديدين كان مشكوكا فيه إلا أن حِزَم الأوراق الاستثمارية لشركة كنتري وايد اعتبرت أكثر أمانا. وحتى سندات هذه الأوراق الأقل أسبقية من الناحية القانونية في الحصول على الدين والتي ستكون أول فئة سندات متضررة في حالة العجز عن السداد وتستحق فائدة بنسبة 1.8% فوق معدل الإقراض بين البنوك (الليبور) حصلت على تصنيف يجعلها مؤهلة للاستثمار. كما أن ما يزيد عن نصف السندات حاصل على التصنيف (ِAAA) وهو التصنيف نفسه الذي تحظى به سندات الحكومة الأمريكية. أما السندات الممتازة فيدفع عليها عائد أعلى بنسبة 0.16% فقط من معدل الليبور. لكن الافتراضات المتعلقة بسوق المنازل الأمريكية التي ارتكز عليها هذا التقييم الممتاز انهارت بسرعة عام 2007 مع بداية عجز الأمريكيين عن سداد قروض الرهن العقاري بأعداد غير مسبوقة. أدى ذلك العجز إلى هبوط «حر» في أسعار سندات الرهن العقاري مثل الأوراق المالية التي «حزمتها» شركة كنتري وايد. وكان ذلك يعني أنه لم تكن هنالك رغبة لأي أحد في شراء أية ديون أخرى من الجهات المصدرة لقروض الرهن العقاري. وتخلت شركة يور بيست ريت عن ضمان رهوناتها العقارية. ثم في عام 2010 حلَّت نفسها. لقد واجه الآن بيس ارتفاعا حادا في قيمة الأقساط التي لزمه دفعها بعد انتهاء سريان فترة خفض أقساط قرضه (الثاني). ويقول إنه أينما ذهب لإعادة تمويل قرضه (تدويره أو سداده بقرض جديد) كانوا يقولون له أن ذلك غير ممكن. وفي أغسطس 2008 ارتفعت الأقساط الشهرية التي سجلتها بلومبيرج وكان يلزمه دفعها من ما يزيد قليلا عن 1200 دولار إلى ما يقرب من 1900 دولار. لكن بيس لم يدفع القسط على الإطلاق. ووافقت شركة كنتري وايد على إضافة متأخرات الأقساط إلى نهاية القرض. فهي كانت ماتزال مسؤولة عن استلام المدفوعات (الأقساط) على الرغم من أنها باعت كل الدَّين تقريبا. ولكن ذلك لم يَفِد في شيء. ففي يناير توقف بيس عن السداد نهائيا. يقول «تلك كانت فترة مؤلمة جدا، وكانت كلها ركض إلى هنا وهناك».

الأزمة تتشكل

قَدَّم عقد من التقاضي بعد الأزمة المالية جزءا من صورة ما حدث للعديد من اللاعبين في سلسلة امتدت من مدرب التربية البدنية بيس إلى النظام المالي العالمي. فصناديق التقاعد في ولايات كاليفورنيا ومين ونيفادا وفيرمونت وواشنطن كلها قاضت المالك الجديد لشركة كنتري وايد بدعوى أن العديد من وثائق المبيعات الخاصة بصفقات توريقها لم تكن واضحة بما فيه الكفاية حول مخاطرها. كما زعمت دعوى أخرى رفعت بواسطة 22 جهة كبيرة استثمرت في السندات من بينها بلاك روك وميت لايف أن قروض شركة كنتري وايد فشلت في الوفاء بالموجهات المقررة للضمان. واضطر مصرف بانك أميركا الذي اشترى كنتري وايد في يناير 2008 بحوالي 4 بلايين دولار إلى دفع أكثر من 20 بليون دولار لتسوية هذه القضايا وقضايا أخرى تخص الشركة. (وصفت صحيفة وول ستريت جورنال وقتها شراء البنك للشركة بأنه أفشل صفقة في التاريخ- المترجم). لكن خسائر الأوراق المالية المضمونة بقروض الرهن العقاري التي أصدرتها كنتري وايد كانت جانبا واحدا فقط من الحكاية. ففي عام 2006 اشترت شركة تابعة لمصرف جولدن ساكس سندات تزيد قيمتها عن بليوني دولار كان العديد منها مضمونا بقروض عقارية في ذمة مقترضين تصنيفهم الائتماني ضعيف أو متوسط. وكان من بينها قروض بقيمة مئات الملايين من الدولارات أصدرتها شركة كنتري وايد بما في ذلك القرض الذي حصل عليه بيس وزوجته. جمع بنك جولدمان ساكس هذه القروض وحوَّلَها إلى حِزَم «أوراق مالية مضمونة بديون مضمونة بقروض عقارية» تحت مسمَّى «ديفيز سكواير 6». وكانت الأوراق المالية التي اشتراها جولدمان ساكس من بين أولى السندات التي ستواجه خسائر إذا حدث عجز عن سداد القروض التي تضمنها. فقد حصل 4% منها فقط على التصنيف الائتماني الأعلى AAA من وكالات الائتمان، بحسب كتيب التسويق الذي نشره البنك قبل إصدار الأوراق المالية. لكن من خلال ما يشبه أعمال الحواة في عملية جمع وحزم الأوراق المالية في سندات ديفيز سكواير والوعد بأن يقتصر تحميل الخسائر المبكرة على مستثمري الدرجة الثانية فقط منحت وكالات الائتمان التصنيف AAA لما يزيد عن 91% منها. وعندما كف بيس والملايين من الأمريكيين الآخرين عن سداد ديونهم من قروض الرهن العقاري انتقل أثر ذلك عبر أوراق كنتري وايد المضمونة بهذه القروض إلى أدوات مالية أخرى بما في ذلك عقود ديفيز سكوير. وامتدت الخسائر إلى خارج أمريكا. فمصرف الادخار «لانديسبانك بادين فوررتيمبرج» ومقره في شتوتجارت شكا في دعوى قضائية رفعها ضد بنك جولدمان من أنه خسر 37 مليون دولار. كما تضررت عشرات البنوك الأوروبية الأخرى من استثمارات مماثلة.

الاستفادة من الخراب

لكن هنالك جانب آخر للأوراق المالية «المضمونة بالقروض المضمونة بالعقارات» فالمستثمرون من أصحاب الخبرة الذين رصدوا التصدعات في سوق العقار المنزلي بالولايات المتحدة كانوا يبحثون عن طرق للاستفادة من انهياره الوشيك. بنك سوسيتيه جنرال الفرنسي كان أحد تلك المصارف التي تحوطت ضد انهيار قيمة أوراق ديفيز سكواير بشراء عقود مشتقات غير معهودة ومعقدة من شركة التأمين أيه آي جي. وكانت تلك العقود في جوهرها مراهنة على أن أصحاب منازل عديدين سيعجزون عن سداد قروضهم العقارية. واشترى بنك جولدمان نفسه عقود حماية تأمينية مماثلة لتغطية أوراق مضمونة بالقروض المضمونة بالعقارات كان قد باعها في السابق. وكان في مقدور صناديق التحوط البيع «على المكشوف» في سوق العقار بشراء شهادات تأمين ضد الخسائر في أوراق مضمونة بقروض عقارية لم تكن تملكها. لقد أجبرت شركة أيه أي جي التي كانت مدينة بأموال متزايدة مقابل هذه العقود (عقود مبادلة مخاطر الائتمان أو مقايضة العجز عن السداد) على القبول بإنقاذها من جانب الحكومة الأمريكية. وتدفقت على الفور أموال دافعي الضرائب عبرها إلى البنوك. واتهم بنك لانديسبانك الألماني مصرف جولدمان بارتكاب مخالفة في إنشاء أوراق ديفيز سكواير. لكن المحكمة أسقطت الدعوى. ويقول بنك سوسيتيه جنرال أنه، بدلا عن المراهنة ضد سوق الرهونات العقارية اشترى عقود تأمين لسندات القروض العقارية التي كان يملكها سلفا ولم يتخذ أي موقف حول الوفاء بسداد أي قرض أو العجز عن سداده. وذكر جولدمان أنه واجه خسائر في قروض الرهونات العقارية مرتفعة المخاطر ولجأ أيضا إلى التأمين الائتماني للتحوط من المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها وليس للمراهنة ضد زبائنه.

حجز عقاري

تشبث بيس وزوجته بملكية المنزل رقم «418 هومبليس درايف» لسنوات حيث تقدما بعريضة إشهار إفلاس مرتين تلافيا للحجز العقاري على منزلهما المرهون لمصلحة الشركة الراهنة. وبحلول عام 2011 بلغت متأخراتهما في سداد قرضهما 53 ألف دولار. وكان في ذمتهما مبلغ 218303 دولارات على منزل تساوي قيمته بالكاد 140 ألف دولار أو حوالى ثلاثة أرباع قيمة شرائه من الجهة التي تولت إنشائه قبل 10 سنوات. وكان لدى أسرة بيس 900 دولار فقط في ثلاثة حسابات مصرفية وحوالى 13 ألف دولار مدخرات تقاعد .(لم نتمكن من الوصول إلى زوجة بيس التي انفصلت عنه بغرض الحصول على تعليقها على المعلومات التي تخصهما بهذا التقرير). أخيرا في نوفمبر 2013 استسلم الزوجان والتحقا بموجة الحجز العقاري على المنازل المرهونة التي شهدت تشريد 7.8 مليون أسرة منذ بداية الأزمة المالية. وتم بيع منزلهما في مزاد على درج المحكمة.

هجوم بلاكستون

لكن المالك الجديد لم يكن أسرة شابة مثلهما أو أحد أبناء جيل «البيبي بوومرز» مثل المالكة الأولى للمنزل فيكي أيرل.(البيبي بوومرز مواليد الفترة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية مباشرة التي شهدت ازدهارا في أعداد المواليد بعد حلول السلام -المترجم). كان المالك الجديد صندوق استثمار يديره مموِّل بليونير سيتضح لاحقا أن هذا الخراب العظيم فرصة استثمارية عظيمة له. في مقابلة مع هذا البليونير ستيفن شوارزمان عام 2008 قال «أنا أحب البيوت». وأضاف «لست متأكدا لماذا». كانت شركة رأس المال المساهم الخاص التي يديرها شوارزمان واسمها «بلاكستون» تسيطر على شركات يعمل بها 520 ألف شخص وحققت إيرادات بلغت في جملتها 94 بليون دولار. لكن الشركة رأت في «أنقاض» أسعار المنازل المتهاوية عام 2008 فرصة لعمل شيء جديد وطموح. دخلت بلاكستون منذ الأزمة أسواقا أجبر الآخرون على إخلائها. وتمول ذراعها الائتمانية مؤسسات أعمال كانت في الماضي تقترض من بنوك وول ستريت. لكن لاشيء يبرز صعود شوارزمان بطريقة أوضح من محفظتها الاستثمارية التي تضم ما يزيد عن 80 ألف مسكن عائلي منفصل. لقد جعلت هذه المحفظة شركته واحدة من أكبر ملاك العقارات الخاصة في الولايات المتحدة. ومع وجود أعداد غفيرة من الناس الذين ليس في استطاعتهم امتلاك مساكن خاصة بهم قدرت شركة بلاكستون أن سوق الإيجارات ستكون مربحة جدا.