humdah
humdah
أعمدة

خَلقا وخُلقا

19 أغسطس 2018
19 أغسطس 2018

حمدة بنت سعيد الشامسية -

[email protected] -

كنت قبيل أيام أردد دعاء النظر في المرآة، توقفت لدقائق عند كل كلمة في الدعاء ورددتها بحضور قلب، وأنا أركز على تقاطيع وجهي، استحضرت كل التوكيدات اللغوية التي حفظتها عن ظهر قلب للمعلمة الأشهر في هذا المجال (لويس هاي)، وكتب أشهر المدربين في الوعي الروحي، فوجدت هذا الدعاء يلخصها كلها في كلمتين.

على الرغم من أنني درجت على هذه الأذكار منذ نعومة أظفاري، إلا انه في كثير من الأحيان كما هو الحال مع بقية العبادات، يكتشف المرء أنه كان يؤديها بدون الخشوع الذي تتطلبه العبادة، وبالنسبة لي شخصيا فإن تقنيات التنمية البشرية التي تعلمتها خلال العقدين الماضيين، كان لها أثر كبير على موضوع الحضور الذهني والتركيز والخشوع، بشكل لم أحلم به مطلقا، خاصة تمارين التأمل التي تجبرك على العيش في اللحظة، والتفكر في كلمات الذكر المعتادة بطريقة مذهلة، فكلمات هذا الدعاء على سبيل المثال تجعلني لا شعوريا أركز على الجوانب الإيجابية، على الكمال الذي صنع به الصانع هذه الملامح التي أشاهد في المرآة بدقة رائعة، استوقفتني شعيرات جفوني، ودخلت في نوبة بكاء وكأنني أراها للمرة الأولى، وأدركت بأنني فعلا أراها للمرة الأولى فلم أعطها حقها من التقدير قبل الآن، انتقل بصري إلى شعيرات حواجبي، كيف رسمت بدقة متناهية، وبدأت أتساءل، ما الحكمة من ورائها، وكيف رسمت بهذه الدقة، وهكذا.

عوضا عن التوكيدات اللغوية، هذا التمرين، يساعد على تعزيز الثقة بالنفس، والعيش في اللحظة، والامتنان للخالق لهذا الجسد الرائع بكل تفاصيله، هذا البيت الذي أعيش فيه، والذي يعمل على مدار الساعة بأنظمة فائقة الدقة على إبقائي على قيد الحياة.

وأنتقل للكلمة الثانية منه (خَلقي) فأجدها تشمل كل جوانب حياتي الأخرى، ما بات يسمى ذكائي الاجتماعي والعاطفي، وبناء الشخصية وتقدير الذات، والثقة بالنفس وتطوير الذات باختصار.

ترديد هذا الدعاء بحضور قلب يعمل على برمجة العقل الباطن على الامتنان للخالق، والتركيز على الجوانب الجميلة من أنفسنا، فيعزز الثقة بالنفس ويرفع تقدير الذات، ويجعلنا ننتهج أسلوب حياة متوازن، مبني على قيم ومعان سامية، ولأنه بصلاح الفرد يصلح المجتمع، فهو منهاج تام وشامل تبارك أحسن الخالقين، والذي جعل لنا هذا الدين منهاج حياة.