1400431
1400431
مرايا

نظــريـة الذكــاءات المتعــــددة وعــــلاقتها بالتوجيه المهني

01 أغسطس 2018
01 أغسطس 2018

مساعدة الأبناء في اختيار التخصص الملائم -

إعداد- مطر بن سالم الريامي -

بعد ظهور نتائج الدبلوم العام جميعنا يدرك أن هناك عوامل عدة قد تؤثر في رسم ملامح خيارات الطالب للتخصصات فيما بعد التعليم العام، لعل أهمها ميول ورغبة الطالب نفسه، وأخطرها هو تأثير الأهل والأصدقاء.

التحدي هنا يظهر مبكرا في تقبل الطالب لما يطرح عليه من مواد في الصفين الحادي عشر والثاني عشر أو عدم تقبلها، وبالتالي تأثر تحصيله الدراسي كنتيجة حتمية، والخطورة تكمن في حيرة طالب الصف العاشر لما يناسبه من خيارات وذلك لعدم إدراكه لميوله وعدم تمكنه في كثير من الأحيان من اكتشاف قدراته ومواهبه مبكرا، فيقع الطالب حينها في فخ الاختيارات العشوائية الموجهة، والذي بدوره ينعكس في عدم رضاه الداخلي وإقناع ذاته حتى وإن أعطي فرصة لتغيير هذه الخيارات، ويبقى سؤال دائما يحيره ماذا أود أن أكون في المستقبل؟ وتزداد حيرته في عدم معرفته لقدراته من امتلاك مقومات لما يرغب أن يكون.

هنا في هذا الطرح سأضع بين يديكم تصور حل لهذه الإشكالية فحواه بحث العلاقة بين الذكاءات المتعددة والتوجيه المهني، ومدى أثر هذه النظرية على التوجيه والإرشاد المهني. حيث إني أرى أنه وباطلاع الطالب على شرح لنظرية الذكاءات المتعددة ووصف كل ذكاء، وما يميز صاحبه والمهن المناسبة له والتمارين المقوية له، سيدرك إلى أين توجهه مبكرا وسيظهر له ملامح مستقبله.

ودورنا كتربويين وأولياء أمور في التطرق للنظرية وشرحها للطالب يعتبر عاملا مساعدا في التوجيه المهني وعدم الاكتفاء بتوضيح أهمية هذه الخيارات عن غيرها أو الاكتفاء بتحديد مسار هذا الاختيار لما بعد التعليم العام. دعونا نثق بقدرة الطالب على اختيار ما يتناسب مع ميوله وقدراته، من خلال اعتبار أن ذكاءه يناسب هذا التوجه عن غيره من مبدأ لا يوجد طالب ليس ذكيا، لكن هناك طالب ذكي في مجال وعادي في آخر.

ماذا نعرف عن التوجيه والإرشاد المهني؟

يعد التوجيه والإرشاد المهني من الدعائم الأساسية في حياة المجتمعات المعاصرة، ولقد برز الاهتمام بالتوجيه المهني المدرسي منذ أواخر القرن العشرين في البلدان الصناعية، وقد كان العالم الأمريكي بارسونز من المؤسسين الحقيقيين للتوجيه المهني.

إن عملية التوجيه المهني تبقى مستمرة في عملها على مدار حياة الفرد فتبدأ مع التحاقه بمقاعد الدراسة في مرحلة الروضة وانتقائه للمراحل اللاحقة إلى أن يتخرج من مراحل التعليم العالي، وأيضا في أثناء ممارسته لحياته العملية، وحتى بعد تقاعده، إن هذه العملية لها الأثر المهم والبناء في حياة الفرد حيث تحقق له الانسجام والتوافق بين عناصر شخصيته المختلفة وميوله واستعداداته وواقع ما يمارسه من أعمال مما يجعله سعيدا راضيا قانعا بهذه الحياة، فيؤدي ذلك إلى تطويره ونموه على مختلف الصعد النفسية والاجتماعية والاقتصادية، وكل هذا ينعكس بدوره على ازدهاره وتقدم المجتمع الذي يعيش فيه.

هناك عدة تعريفات للتوجيه والإرشاد المهني نورد منها:

- تقديم المعلومات والخبرات والنصائح المتعلقة باختيار المهنة والإعداد لها والالتحاق بها ومن ثم التقدم فيها وبها.

- عبارة عن خدمة تربوية تقدم للطلبة لتساعدهم على فهم قدراتهم واستعداداتهم وإمكاناتهم وبيئتهم وتوجيههم توجيها صحيحا بهدف مساعدتهم في اتخاذ القرار الذي يقودهم إلى اختيار مهنة المستقبل.

- هو إحدى العمليات التعليمية التربوية المخططة والممنهجة التي تعين الطلبة على رسم الملامح الكبرى لمستقبلهم الدراسي والمهني وتحديد آفاقهم بما يساعدهم على التكيف مع أنفسهم وبيئتهم المهنية ومجتمعهم وبما يحقق لهم السعادة والطمأنينة في حياتهم.

أهم خصائص ومميزات عملية التوجيه المهني:

- عملية مدروسة ومخططة تتضمن المعرفة الشاملة والبعد المهني والتدريبي حيث تهدف هذه العملية إلى بناء الإنسان كما ونوعا.

- وحتى تكون عملية التوجيه والإرشاد المهني ناجحة لا بد للمرشد المهني من أن يكون على دراية وعلم وتأهيل من أجل نجاح هذه العملية.

- لا بد أن تتضمن التمييز بين الأفراد ومراعاة الفروق الفردية.

- عملية مستمرة مدى الحياة لا تنتهي في مرحلة من المراحل.

الاستراتيجيات التي يبنى عليها برنامج التوجيه المهني المدرسي:

- بناء قاعدة معلوماتية في المدرسة.

- تنمية روح التقبل عند الطلبة لجميع احتياجات المجتمع من المهن.

- التوجيه والإرشاد التعليمي المهني.

- متابعة المستجدات التعليمية والمهنية.

- تطوير الإيجابيات وتقويتها في العمل وتصحيح السلبيات.

نظرية الذكاءات المتعددة

لقد تميزت المنظومة التربوية في العقود الأخيرة من القرن العشرين في العديد من دول العالم بالرهان على التربية المتسمة بالجودة حيث ركز الاهتمام على تنمية إمكانات المتعلمين وقدراتهم الذهنية على أفضل وجه ممكن بعد أن تأكد ما للثروة البشرية من أهمية في تطوير المجتمع وتقدمه على اعتبار أنها أهم مورد تنموي على الإطلاق.

ولقد أحدثت نظرية الذكاءات المتعددة ما يشبه بالثورة الهادئة على الساحة التربوية خلال السنوات الأخيرة وعملت على نسف المفاهيم التقليدية التي تنظر إلى قدرات المتعلمين نظرة ضيقة الأفق، والتي تعتقد بوجود ذكاء واحد وقابل للقياس بالطرق التقليدية ، وتصنف المتعلمين إلى أذكياء أو أغبياء، وفقا لدرجاتهم في اختبارات الذكاء المعروفة التي تركز على عدد محدود من القدرات اللفظية والرياضية المنطقية والأدائية.

وأهملت النظرة التقليدية للذكاء القدرات الأخرى التي تكشف عن مكامن الإبداع والتفوق لدى المتعلمين والتي تتسم بالتعدد والتنوع كالقدرات الموسيقية والفضائية والجسمية الحركية والاجتماعية، أو الشخصية والطبيعية والفنية والوجودية والروحية والتي يمكن أن تكون روافد جديدة لإثراء عملية التعلم وأساليب مختلفة لتحقيق أهدافه.

فمنذ نشأة نظريات الذكاء كانت النظرة السائدة في مجال علم النفس أن الذكاء يشمل عددا محدودا من القدرات العقلية تدور حول القدرات اللفظية واللغوية والأدائية، وتم إهمال القدرات المتعلقة بالأبعاد الإنسانية والروحية والجسمية، حيث كانت الممارسات التربوية والتعليمية قبل ظهور هذه النظرية (نظرية الذكاءات المتعددة) تستخدم أسلوبا واحدا في التعليم لاعتقادها بوجود صنف واحد من الذكاء لدى كل المتعلمين الشيء الذي يفوت على أغلبهم فرص التعلم الفعال.

وعندما أصدر جاردنر كتابه (أطر العقل) عام 1983 أكد أن الذكاء الإنساني يتضمن كفايات أكثر شمولية من تلك التي شاعت من خلال النماذج التقليدية للذكاء. ففي البداية تضمن نموذج جاردنر سبعة أنواع من الذكاء هي: الذكاء اللغوي اللفظي والمنطقي الرياضي والاجتماعي والشخصي والبصري الفضائي والذكاء الموسيقي الإيقاعي والذكاء الجسمي الحركي، وفي عام 1995م أضاف جاردنر نوعا ثامنا من الذكاء وهو الذكاء الطبيعي، ثم أضاف عام 1988م نوعا تاسعا وهو الذكاء الوجودي، وهذه الأنواع التسعة من الذكاء متباينة ومختلفة عن بعضها البعض، كما أنها موجودة لدى الأفراد بدرجات متفاوتة.

ومهمة المعلم هي السعي للكشف عن الأسلوب الأمثل الذي يتعلم الطالب من خلاله وأن يدرك أن هناك ذكاءات متعددة واختلافها لدى المتعلمين يقتضي اتباع مداخل تعليمية متنوعة لتحقيق التواصل مع كل المتعلمين الموجودين في الفصل الدراسي، ثم توظيف هذا الأسلوب في عملية تعلمه حتى يغدو التعلم خبرة ناجعة وتجربة نافعة يمارسها المتعلم وهو يشعر بالثقة والقدرة والكفاية لتحقيق الهدف الأسمى من التعلم، وهو ليس اختبار قدرة الطالب على الفشل أو النجاح بل بناء الإنسان القادر على النمو والتعلم مدى الحياة.

الجوانب التطويرية لهذه النظرية في مجال الممارسة التعليمية - التعلمية:

- تساعد على تحسين المردودية التعليمية التعلمية.

- تساعد على الرفع من أداء المدرسين.

- تراعي طبيعة كل المتعلمين في الفصل الدراسي.

- تنطلق من اهتمامات المتعلمين وتراعي ميولهم وقدراتهم.

- تساعدهم على تنمية قدرات المتعلمين وتطويرها.

- تنصف كل المتعلمين وتعتبر أن كل واحد منهم لديه قدرات معينة.

وفي الختام فإن نظرية الذكاءات المتعددة تسمح للشخص باكتشاف مواقف الحياة المعيشية الخاصة به والنظر إليها وفهمها بوجهات نظر متعددة، فالشخص يمكنه أن يعيد النظر في موقف ما عن طريق معايشته بقدرات مختلفة، إن الكفاءات الذهنية للإنسان يمكن اعتبارها جملة من القدرات والمهارات العقلية التي يطلق عليها «الذكاءات».

وما من شخص سوي إلا ويتمكن إلى حد ما من أحد هذه الذكاءات، ويختلف الأفراد فيما بينهم في طريق الكيفية التي يوظف بها كل واحد منهم كفاءاته لتحديد الطريق الملائم للوصول إلى الأهداف التي يرسمها.

المراجع:

- دراسة /‏‏‏‏ حول الذكاءات المتعددة للطلبة البحرينيين في المرحلة الجامعية وفقا للنوع والتخصص، جيهان أبو راشد العمران، كلية التربية بجامعة البحرين - المجلد 7 العدد 3 سبتمبر 2006 م.

- ورقة عمل بعنوان: التوجيه المهني وسوق العمل، عبد الرحيم خطيب، المديرية العامة للمعايير المهنية وتطوير المناهج، وزارة القوى العاملة بسلطنة عمان.

- ملزمة التوجيه المهني، علي بن راشد العلوي - أخصائي توجيه مهني بمدرسة سلطان بن مرشد - محافظة جنوب الشرقية - 2007 /‏‏‏‏ 2008 م.

- مواقع من الإنترنت.