الاقتصادية

مخاطر محتملة بسبب خطة الإنفاق الإيطالية وسياسات الرئيس الأمريكي الخاصة بالرسوم الجمركية

26 يوليو 2018
26 يوليو 2018

التغير في سياسات البنوك المركزية أهم العوامل التي ينبغي للمستثمرين مراقبتها هذا الصيف -

عمان: شهد هذا الأسبوع طقسا صيفيا حارّا لم تنجُ منه حتى أكثر المناطق برودة في العالم، لكن الأسواق المالية تواصل أعمالها بنشاط دون التأثر بموجة الحرّ الصيفية. وقال التقرير الأسبوعي الصادر عن “ساكسو بنك” إنه ليس من المتوقع حصول الكثير من التقلبات خلال الأسابيع القليلة المقبلة، وسوف يستأنف السياسيون والبنوك المركزية جداول أعمالهم المعتادة.

وأشار التقرير إلى أن أكثر العوامل التي ينبغي مراقبتها في الأسواق هذا الصيف، هي سياسات البنوك المركزية من التسهيلات إلى التشدّد على خلفية الشائعات التي تتوقع اتجاه بنك اليابان نحو تغيير سياسته في نهاية الشهر، يبدأ المستثمرون بإدراك أن السياسات النقدية للبنوك المركزية حول العالم ستبقى واحدة من أكثر الموضوعات أهمية لما تبقى من هذا العام والعام المقبل. وعلى الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، تتضح الضغوطات الدافعة لتشديد الاقتصاد، فيما يواصل جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي، رؤيته المتفائلة بشأن النمو والمخاوف من خروج التضخّم عن زمام السيطرة.

وخلال هذا العام، رفع بنك الاحتياطي الفدرالي أسعار الفائدة مرتين، ومن المتوقع حدوث ارتفاع جديد قبل نهاية العام، مما سيحدث ضغوطات تصاعدية على الواجهة الأمامية لمنحنى العائدات ويتسبب بارتفاعه في جزئه القصير بوتيرة أسرع قياسا بالعائدات في الجزء الطويل من المنحنى.

وأثّرت سياسات البنك المركزي بشدة على أداء السندات الأمريكية هذا العام، حيث بدأ عام 2018 مع عائد سندات الخزانة المستحقة بعد عامين بنسبة 1.87%، فيما يتم تداولها الآن على نطاق أوسع مع +75 نقطة أساس عند 2.62%. وفي الوقت نفسه، تحركت عائدات الخزينة المستحقة لأجل عشر سنوات بمقدار 50 نقطة أساس فقط، مما أدى إلى ثبات عام في منحنى العائدات الأمريكية. وبالرغم من أن البنك المركزي الأوروبي وبنك اليابان ليسا في وضع تشدّد حتى الآن، إلا أنهما بدآ بالفعل بخفض مشترياتهما، مما يشير عموما إلى التناقص التدريجي في الأموال ضمن النظام المالي العالمي قياسا بالسنوات العشر الماضية. وفي حال استمر انحسار توجه البنوك المركزية، وتحركت تدريجيا نحو التشديد، يمكننا توقع افتقار أسعار السندات إلى الدعم، مما سيتسبب بوقوع تقلبات من حيث الدخل الثابت، لا سيما في الأسواق الناشئة. ولهذا السبب، من المهم ألا تغيب عن البال السياسات النقدية للبنك المركزي، خاصة وأن السوق أصبحت أكثر حساسية، وما يمكن أن يعنيه تغيير بنك اليابان لسياساته من إمكانية حدوث إعادة تسعير كبيرة للسندات السيادية حول العالم. وينبغي الاحتراس من تواريخ عدة هذا العام، إذ سيعقد البنك المركزي الأوروبي في وقت لاحق من اليوم، ومن المنتظر أن تعقد لجنة السوق المفتوحة الفدرالية اجتماعا في أول أغسطس المقبل يليه اجتماع بنك اليابان في 31 أغسطس القادم.

المخاوف بشأن توجه بنك الاحتياطي الفدرالي نحو مزيد من التشدد ورفع الفائدة تثير المخاوف ويمكن أن تؤدي إلى وقوع انعكاس لمنحنى العائدات الأمريكية، والذي قد يؤدي بالتالي إلى بدء حالة من الركود. وفي الماضي، كان منحنى العائد المُنعكس يسبق الركود، وتشهد الأسواق حالة حذر متزايدة فيما يبدو فرق السعر الآن بين سندات الخزينة المستحقة لأجل عشر سنوات وتلك المستحقة لأجل عامين حول +30 نقطة أساس. وكما أوضحت توقعات ساكسو بنك عن الربع الثالث، من المرجح حدوث انعكاس لمنحنى العائدات بنهاية هذا العام وبداية العام المقبل، ومع ذلك، قد لا ندخل في حالة الركود حتى النصف الثاني من عام 2019. ويشكل ذلك موضوعا رئيسيا ينبغي على حملة السندات مراقبته.

وبينما نرى في انعكاس منحنى العائدات إشارة سلبية، يمكن أن نشهد بعض الفرص لا سيما في الجزء القصير من المنحنى. وتجدر الإشارة إلى أن سياسات البنك المركزي حول العالم تؤثر بشدة على اتجاه منحنى العائدات في الولايات المتحدة الأمريكية. وقد يتسبب تغيير سياسات بنك اليابان المركزي بزيادة انحدار منحنى العائدات الأمريكية.

ومن أهم العوامل التي ينبغي مراقبتها أيضا النهج السياسي للرئيس ترامب، وللأسواق كل الحق في الخشية من التصعيد نحو حرب تجارية غير ضرورية مع شركاء أمريكا التجاريين مثل كندا والمكسيك والصين والاتحاد الأوروبي، ويمكن للأخبار ذات الصلة أن تحدث تغييرا كبيرا في أداء المحافظ الاستثمارية. ومع ذلك، ومن حيث الدخل الثابت، قد تبدأ مشكلة أكبر بالظهور، والتي تتمثل في الاهتمام المتزايد الذي يوليه الرئيس الأمريكي لسياسات بنك الاحتياطي الفدرالي. وفي واقع الأمر، أصدر ترامب مؤخرا تصريحات سلبية بشأن قرار بنك الاحتياطي الفدرالي المتعلق برفع أسعار الفائدة. وبالرغم من عدم امتلاكه لأي سلطة على السياسة النقدية، فإن تصريحاته ما تزال تثير التقلبات في هذا المجال. ولنكن أكثر حذرا اليوم لما سيخلص إليه اجتماع ترامب مع جان كلود يانكر، رئيس المفوضية الأوروبية، والذي سيتطرق لمسألة الرسوم الجمركية.

وتشمل العوامل التي على المستثمرين متابعتها الحكومة الإيطالية، وبغض النظر عن سياسات ترامب والبنوك المركزية، يتعلق أكبر خطرين يمكن أن نواجههما في أوروبا بمجريات الأحداث في إيطاليا والمملكة المتحدة. وينبغي ملاحظة تحوّل اهتمام الحكومة الإيطالية المشكّلة حديثا نحو خطة الإنفاق. فمن جهة، تود رابطة الشمال طرح معدل ثابت للضريبة بنسبة 20% و30% للشركات والأفراد، ومن جانب آخر، تتطلع حركة “خمس نجوم” نحو زيادة الإنفاق على الفوائد ودعم المواطنين ذوي الدخل المنخفض. وتتباين هذه السياسات مع قواعد الميزانية الأوروبية، حيث تشير زيادة الإنفاق إلى إمكانية ارتفاع مستوى العجز الإيطالي فوق مستوى القيود التي وضعها الاتحاد الأوروبي. ويبدو ماتيو سالفيني، نائب رئيس مجلس الوزراء، مستعدا للدخول في “معركة” مع الاتحاد الأوروبي وفق تصريحاته للصحفيين هذا الأسبوع بأن ذلك “لأجل مصلحة الإيطاليين”، وأنه لن يتردد في تجاوز الحدود التي وضعها الاتحاد الأوروبي. ومع اقترابنا من عرض موازنة عام 2019 في الخريف، نعتقد بأن الشركات والسندات السيادية الإيطالية ستواصل التأثر بالتقلبات، ومن المرجح أن تتأثر آجال الاستحقاق قصيرة الأجل والسندات الثانوية للمؤسسات المالية المحلية.