hamed
hamed
أعمدة

عين على الثقافة المرورية .. النهضة المباركة

21 يوليو 2018
21 يوليو 2018

حمد بن سالم العلوي -

خبير مروري -

[email protected] -

لقد عَرفت مسقط «العاصمة» دون غيرها الطرق المرصوفة في زمن مبكر من القرن الماضي، حيث قام الجيش العُماني بشق أول طريق في السلطنة لمسافة أربعة كيلومترات، ليربط بين مسقط ومطرح عبر عقبة ريام، وقد تم فتحه في 29 أكتوبر عام 1929م، ولولا الضرورة لما تم رصفه بالأسمنت، وذلك لعدم توفر مادة “القار” وقتذاك في السلطنة، وكانت الضرورة التي حتمت الرصف، هو بالنظر إلى صعوبة تجاوز عقبة ريام بغير ذلك الأسلوب، والدليل الآخر على هذه الضرورة إنه لم ترصف طرق أخرى بعده، وذلك خلال الـ (41) سنة اللاحقة، وكان يعترينا العجب عندما كان يعود أهلنا من السفر، ويقصون علينا أخبار الدول الأخرى، وكيف فيها طرقات مرصوفة بالقار لتسير عليها السيارات، وكنَّا في القرى البعيدة لا نعرف السيارات، ولا الطرق قبل عام سبعين إلا سماعياً، ولا نعرف من وسائل النقل إلا الجمال، وبقية الدواب المعروفة في ذلك الزمان.

لقد كنّا في المناطق الجبلية، نعيش في عزلة داخل عزلة، أي أن السلطنة تعيش في عزلة عن العالم، ونحن سكان القرى والمناطق البعيدة، نعيش في عزلة داخل الوطن الواحد، لأن التواصل كان يحتاج إلى نية للسفر، واستعداد نفسي لقطع مسافات بعيدة، إما سيراً على الأقدام، أو ركوب الدواب، ولكن بدون حقائب سفر وأدوات حلاقة ومعجون أسنان، ولا أطقم من الملابس للتغير أثناء السفر، ولا مراتب وأسرة للنوم عليها، ولا تشكيلة من الأجبان لفطور الصباح، فقد كان المسافر يحمل معه هبَّان من الطحين، وهبَّان من التمر، وعِكِّة من السّمن، وقربة ماء أو سِعن إذا كان عدد المسافرين قليلا، وكان طموح فئة الصِّبية من بين مكتشفات السفر، رؤية السيارة التي كان مرتعها المدن الساحلية قبل عام 1970م، ورؤيتها تحتاج إلى حظ كبير لتصادف مرورها في السويعات القليلة التي تتكحل العين فيها، برؤية البحر والساحل، وهي محصورة بين نوعين، سيارة الجيب “لاندروفر” أو البيدفورد وتسمى كذلك “عربيا”.

إذن لا أبالغ إذا قلت، إن إنبلاج فجر 23 يوليو، كان يشبه تغير الليل المظلم الطويل، بالنهار المبصر المضيء، فمن أربعة كيلومترات من الطرق المرصوفة، إلى آلاف الكيلومترات من الطرق المسفلتة بالقار، والتي تسير عليها مئات الآلاف من مختلف السيارات، ومختلف الأحجام والأنواع، وهذه الطرق تربط أرجاء السلطنة ببعضها البعض وبالعالم، فمنها ما يتسلق الجبال صعوداً، ومنها ما يخترقها فينفذ إلى الجانب الآخر، ومنها ما يمرُّ على الجسور المعلقة، فأين ذلك الزمن القريب - ولكنه موغل في القرون الوسطى بأدوات وأسبابه- وهذا الزمان الذي طار بنا ليواكب معاصرة القرن الحادي والعشرين.

إن عبارات الشكر والثناء، لا تفي قائد النهضة العُمانية حقه، فألف شكر وشكر لكم مولانا جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظكم الله وأبقاكم- باني عُمان الحديثة، فلقد وعدتم وأوفيتم بالوعد، فأعدتم عُمان إلى سابق أمجادها، وبأفضل ما يكون عليه العطاء، وهنيئا لعُمان وأهلها هذا التقدم والتطور والرقيِّ، وإلى المزيد - بإذن الله العزيز الحميد – من الرفاهية والازدهار.

(*) - خبير جدول معتمد في تخطيط حوادث المرور مؤسس مركز طريق الأمانة لخدمة السلامة المرورية.