صحافة

تداعيات زيارة ترامب لبريطانيا

16 يوليو 2018
16 يوليو 2018

كان من المفترض أن تكون بريطانيا المحطة الأولى لزيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عقب انتخابه وتنصيبه رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية قبل أقل من عامين، خاصة وأن رئيسة وزراء بريطانيا تريزا ماي كانت أول المهنئين له في البيت الأبيض عقب تنصيبه مباشرة ووجهت له دعوة لزيارة المملكة المتحدة، لكن الزيارة تأخرت إلى أن تمت خلال الأسبوع الماضي، بسبب تدني العلاقات وتصاعد الاعتراضات على هذه الزيارة التي أثارت كثيرا من الجدل حولها.

الصحف البريطانية تناولت الزيارة بتغطية واسعة وشاملة، بنشر صور الرئيس ترامب على كل الصفحات الأولى، وعلى مدى يومين متتاليين، مع تقارير وتحليلات وآراء مختلفة حول الزيارة. وركزت بالأكثر على التظاهرات والاعتراضات التي لم يسبق لأي رئيس أمريكي أن واجهها من قبل خلال زياراتهم للمملكة المتحدة.  وحسب ما نشرته الصحف فقد خرج الآلاف للمشاركة في مظاهرة ضد ترامب في لندن وجلاسكو منذ وصوله لحين مغادرته بريطانيا، وأقام منظمو التظاهرة عددا من الأكشاك لتوزيع الشعارات المناهضة له ولسياساته ضد المهاجرين والأقليات العرقية.

ومن مظاهر هذه الاحتجاجات مسيرة نسائية حاملة أوعية مطبخ للطرق عليها كلون من الاحتجاج على الزيارة. كما قام متظاهرون في لندن بإطلاق بالون عملاق يبلغ ارتفاعه ستة أمتار بلون برتقالي لافت، يمثل طفلا يضع حفاضات، وله ملامح ترامب فوق ساحة البرلمان في لندن، وكان ذلك بموافقة عمدة لندن، صادق خان، ولعدد معين من الساعات.

ولم ترق التظاهرات والبالون العملاق للبعض ومنهم ليام فوكس، وزير التجارة الدولية في حكومة المحافظين، الذي قال لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»: إن منظمي حملات الاحتجاج ضد ترامب «أحرجوا أنفسهم»، معبرا عن اعتقاده بأن الاحتجاجات واسعة النطاق في لندن والمدن الأخرى «لا تعكس حسن الخلق وحسن الضيافة للشعب البريطاني».

ومن أبرز أحداث الزيارة أيضا اللقاء الذي أجرته صحيفة «الصن» البريطانية الشعبية مع الرئيس ترامب، الذي انتقد فيه رئيسة الوزراء تريزا ماي بأن خطتها لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ستقتل احتمالات اتفاق التجارة الحرة مع الولايات المتحدة. وكتبت الصحيفة في عنوانها الرئيسي تقول: ماي دمرت البريكست ولا اتفاق تجارة مع الولايات المتحدة. كما ذكرت أيضا عن لسان ترامب أنه أخبر ماي عن كيفية إجراءات الخروج من الاتحاد لكنها لم تسمع. غير أنه تراجع عن انتقاده في اليوم التالي في مؤتمر صحفي بوجود ماي نفسها وبقوله إن ما نشرته صحيفة «الصن» بعيدا عن الحقيقة، فهو يعتبر ماي رئيسة وزراء رائعة.

ولما سئلت ماي في برنامج أندرو ما في «بي بي سي» عما نصحها به ترامب للخروج من الاتحاد الأوروبي، أجابت بأنه طلب منها مقاضاة الاتحاد وليس التفاوض، وهو ما رأته أنه أمر مبالغ فيه.

وانتقد ترمب أيضا عمدة لندن، صادق خان، بقوله أنه «قام بمهمة سيئة للغاية في مكافحة الإرهاب ومكافحة الجريمة»، مسترشدا بالجرائم المروعة التي حدثت في لندن. لكن خان رد بقوله: إن ربط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بين ارتفاع معدلات الجريمة في العاصمة البريطانية والهجرة أمر مناف للعقل وعلينا أن ننتقده عندما يفعل ذلك.

وفي الوقت نفسه ألقى الرئيس ترامب بثقله لدعم وزير الخارجية البريطاني المستقيل، بوريس جونسون، معلنا أنه يكنّ له الإعجاب والاحترام، ومعبرا عن أسفه لمغادرته الحكومة، ومتمنيا عودته باعتباره سيكون رئيس وزراء ممتازا، فلديه كل ما هو مطلوب لهذا المنصب.

وجاءت الطامة الكبرى في لقائه بالملكة اليزابيث، فبالرغم من اعتراض الكثيرين، سياسيين وغير سياسيين، على تضمين برنامج الزيارة مقابلة ترامب مع الملكة، غير أن المقابلة جرت، ورصدت وسائل الإعلام البريطانية الأسلوب «الفظ» و«المتعجرف» الذي تعامل به خلال استقبال الملكة له في قلعة وندسور، حيث انتهك، ربما عمدا، البروتوكول الملكي البريطاني مرارا خلال لقائه مع الملكة البالغة من العمر 92 عاما، والتي وقفت في انتظار وصوله لمدة تراوحت بين 12 إلى 15 دقيقة في درجة حرارة بلغت نحو 27 درجة مئوية. بالإضافة إلى كسره التقليد المتبع بالانحناء للملكة، وبدلا من ذلك قام بتحيتها بمصافحة حارة. وقامت زوجته ميلانيا أيضا بمصافحة الملكة بنفس الأسلوب.

وجاء الخطأ الترامبي الأكبر، عندما تمت دعوته للانضمام إلى الملكة لتفقد حرس الشرف، فأدار ظهره للملكة وسبقها في السير أثناء مرورها أمام حرس الشرف، مما يعتبر خرقا جديا للبروتوكول. وهو ما أثار أيضا ردود فعل كثيرة ومتفاوتة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انتقد الكثيرون «عدم احترامه للملكة».

واختتم الرئيس ترامب زيارته بالسفر إلى اسكتلندا، مسقط رأس والدته، وله فيها ملاعب جولف واستثمارات كثيرة، لكنه ووجه أيضا بتظاهرات رافضه لوجوده على الأراضي الإسكتلندية.