1385173
1385173
المنوعات

بط العيدر البحري بجزيرة لانان النرويجية يجذب السياح بغرائبه وريشه الثمين

08 يوليو 2018
08 يوليو 2018

(النرويج)، (د ب أ): لا يستطيع إريك نوردم أن يمنع نفسه من الضحك وهو يشير إلى صف من الصناديق الخشبية الملتوية والقابعة وسط حشائش طويلة، ويقول: «إننا نطلق على هذه الصناديق اسم جيتو البط في لانان». وتعد هذه الأعشاش المصنوعة من مواد بسيطة مثالا لظاهرة مألوفة يمكن مشاهدتها في جميع أنحاء جزيرة لانان النرويجية الصغيرة، والكائنة قبالة ساحل النرويج الشمالي المطل على المحيط الأطلسي، وهي بمثابة منازل لتكاثر بط العيدر البحري كبير الحجم والذي يتميز بريشه الناعم.وحتى الستينات من القرن الماضي كان نحو 50 شخصا فقط هم سكان جزيرة لانان، والتي تبلغ مساحتها 400 ألف متر مربع، وتعد جزءا من أرخبيل فيجا الكائن جنوب الدائرة القطبية الشمالية.

ولكن لا يعيش أحد في هذه الجزيرة بشكل دائم اليوم، وإن كان سكان الأرخبيل لا يزالون يعودون إليها كل عام خلال فصل الربيع لبناء أعشاش للبط وتوفير الرعاية له، وهذه الأعشاش تتباين بين الأقفاص الخشبية إلى بيوت الكلاب ذات الشكل الثلاثي الأبعاد.وبعدما يغادر بط العيدر الجزيرة، يتم جمع ريشه الناعم الثمين من الأعشاش ويتم تصنيع الألحفة والأغطية خفيفة الوزن منه.

ويبدأ سكان الأرخبيل في الاستعداد لإقامة أعشاش البط في شهر مارس حيث تأتي هذه الطيور عادة في أبريل، وتضع أنثى البط ما يصل إلى ست بيضات، وتستغرق عملية الفقس حوالي 28 يوما. ثم تقوم الأمهات من البط برعاية صغارهم خلال الأسابيع السبعة الأولى بعد خروجها إلى الحياة، ويرعى السكان بشكل مستمر أسر البط ويفحصون الأعشاش مرتين يوميا، وتعد طيور النورس وثعالب الماء العدو المفترس الطبيعي للبط.وبحلول منتصف فصل الصيف تغادر طيور العيدر الجزيرة الصخرية مرة أخرى.

ويقول هيلديجان نوردوم: «كان لدينا قرابة 800 من طيور البط العام الماضي، وتعد أعدادها مستقرة نسبيا»، وتتعيش عائلة نوردوم - الذي يبلغ من العمر 61 عاما - على طيور العيدر البرية لعدة أجيال.وتعود الشراكة بين طيور البط والبشر إلى أكثر من ألف عام، وهذا هو أحد الأسباب التي أدت إلى إدراج منظمة اليونسكو أرخبيل فيجا في قائمة التراث الطبيعي العالمي عام.2004ويضيف نوردوم: «بط العيدر صعب الإرضاء بشكل لا يمكن تصديقه، فأحيانا يستغرق الأمر مع هذه الطيور عشر سنوات لكي تقبل بيتا جديدا لها»، ولا يعرف أحد هنا على وجه الدقة السبب في ذلك، كما أنه من الألغاز التي لا يعرف سرها أحد أن بعض أزواج البط تختار أن تعيش بمعزل عن الآخرين أثناء موسم التوالد، بينما تفضل أزواج أخرى أن تشارك جماعات البط في الإقامة. وعندما تغادر طيور البط جزيرة لانان مع صغارها يمكن أن يبدأ الموسم السياحي، وتبدأ الزوارق المليئة بالسياح في القيام برحلاتها إلى لانان انطلاقا من جزيرة فيجا اعتبارا من شهري يوليو وأغسطس.

ويمكن للزوار القيام بجولات في أنحاء الجزيرة، والمرور سيرا على الأقدام عبر أعشاش التفريخ، والحصول على معلومات من المرشد السياحي حول الحياة مع بط العيدر البري، ويتم تقديم مشروب القهوة مع قطع الكعك في نهاية الجولة في متحف بط العيدر الصغير المقام على الجزيرة داخل حظيرة.

أما زوار جزيرة فيجا ذاتها فليس بإمكانهم رؤية أي طائر من بط العيدر، ولإيضاح السبب في ذلك يقول تور كريستيان ليندروبسن مدير متحف إي-هوست للبط، ويبلغ عمره 34 عاما: «إن البط اختفى من فيجا منذ العشرينات من القرن الماضي»، وفي ذلك الوقت هاجرت ثعالب الماء الأمريكية إلى فيجا والتهمت أعداد البط بالكامل.وبدلا من مشاهدة طيور البط الحية فإن زوار المتحف بقرية نيس الصغيرة التي تزاول نشاط صيد الأسماك، يمكنهم رؤية صور ووثائق ومعدات تتعلق بهذه الطيور.وبالنسبة لأولئك الذين ليس لديهم الوقت أو الرغبة في القيام برحلة الزورق إلى لانان، يتيح المتحف معرضا يسمى «لانان الصغيرة»، وهو مكرس لتاريخ هذه الجزيرة والصناعة القائمة على ريش البط الوثير.

كما يستطيع زوار متحف إي-هوست للبط أن يتعرفوا على مزيد من المعلومات حول النباتات البرية، التي يتم الحفاظ عليها وحمايتها بشكل صارم داخل الجزر التي يتشكل منها أرخبيل فيجا والبالغ عدده 6500 جزيرة، وهناك 80 جزيرة منها فقط مأهولة بالسكان، وبعضها مثل لانان يتواجد بها السكان خلال أشهر الصيف فقط.

وتعد فيجا هي الجزيرة الرئيسية في أرخبيل فيجا الذي تبلغ مساحته 1037 كيلومترا، ويقع قبالة بلدتين ساحليتين هما برونويسوند وساندنسيون وعلى مسافة نحو 900 كيلومتر شمالي العاصمة النرويجية أوسلو، ويبلغ عدد سكان جزر الأرخبيل نحو 1200 نسمة فقط، معظمهم من المزارعين الذين يعملون بنشاط الألبان ومنتجاتها، وبتربية الخنازير وصيد الأسماك. وتقول هيلدا فيكا مديرة السياحة بالأرخبيل «إنه مع إدراج الأرخبيل في قائمة اليونسكو للتراث العالمي في يوليو 2004، صارت الجزيرة معروفة فجأة. وعندما تصل إلى جزيرة فيجا الرئيسية يمكنك أن تقضي ليلتك داخل غرف تتسم بالخصوصية أو داخل مخيمات، ويعد فندق «هافوتيل» هو الوحيد في الجزيرة، ويتم حجزه مقدما بالكامل في فصل الصيف قبل أسابيع من بدء الزيارة.

وتشعر فيكا بالقلق من تزايد أعداد الزوار لفيجا، حيث تخشى من عدم إمكانية الحفاظ على التوازن الدقيق بين الطبيعة والسياحة.

وأدى تدفق الزوار إلى ظهور مشكلات، مثل المنازل التي تجرها سيارات حيث تترك أحيانا وراءها مخلفات في أجمل المواقع في فيجا.

ومن المتعذر إبعاد الزوار عن فيجا بالطبع، فجزرها تتيح أنشطة جذابة للترفيه مثل ركوب الدراجات وقطع مسافات سيرا على الأقدام وسط المناظر الطبيعية، وصيد الأسماك في المياه العميقة وركوب الزوارق المصنوعة من الجلود.

وعودة إلى المتحف المقام داخل حظيرة بجزيرة لانان نجد أن تور كريستيان ليندروبسن قد أكمل جولته، ووجه سؤالا إلى مجموعة السياح حول ما إذا كانوا يعرفون السعر الحقيقي لمجموعة من ريش بط العيدر.ولا يعلم أحد منهم الإجابة على السؤال، وهنا يقول لهم مدير المتحف: «إن سعرها يبدأ من حوالي أربعة آلاف يورو، وعليكم البدء في الادخار من الآن إذا كنتم تودون الشراء».