hamda
hamda
أعمدة

أنا أخاف

01 يوليو 2018
01 يوليو 2018

حمدة بنت سعيد الشامسية -

[email protected] -

يغبطني الكثيرون على ما يبدو لهم شجاعة، سواء في الخيارات التي اتخذتها في حياتي، أم القرارات التي يرى البعض أنها تتطلب شجاعة نادرة، ولا أنفي أنني أمتلك قدرا كبيرا من الشجاعة التي مكنتني من أن أحيا هذه الحياة الثرية، ولكن هذا لا يعني أنني لا أخاف كما يعتقد من حولي، فالشجاعة بالنسبة لي ليست في انعدام الخوف و إنما بالتصرف رغما عنه، فأنا كغيري مسكونة بعدد لا نهائي من المخاوف التي لا تنتهي لكن تعلمت على مر السنين أن كثيرا من هذه المخاوف هي أوهام صنعتها بنفسي، و أن 80% مما نخافه لا يحدث فعلا.

الخوف في الواقع شعور فطري في غاية الأهمية، تعلمت على مدى سنوات عمري أن أحمد ربي عليه كثيرا، فالخوف شعور وجد لحماية حياتنا من الخطر، فلولا الخوف لكنا وضعنا أنفسنا في مواقف قد تؤدي بنا إلى فقدان حياتنا وربما حيوات من حولنا، ولولا الخوف من الفضيحة و كلام الناس لربما كنا تصرفنا بطيش و لا مبالاة تؤدي بنا إلى خسارة ذواتنا.

إلا أن وجود مثل هذا الشعور الجميل يجعلنا أكثر حذرا مع البيئة المحيطة بنا، ويجعلنا نحاسب كثيرا على تصرفاتنا مع الأخرين، الخوف يجعلنا نتخذ كثير من التدابير لحماية اموالنا ممتلكاتنا من التعرض للضرر والتلف و ربما السرقة.

لكن الخوف مثله مثل اي شعور آخر يمكن أن يصبح عائقا أمام تقدمنا، وسجنا مؤبدا نختار أن نسجن فيه، ونحرم ذواتنا من كثير من متع الحياة، أعرف كثيرا من الأصدقاء حرموا من متعة السفر وما تحمل من فوائد بسبب الخوف من الطيران، فضاعت عليهم فرص وظيفية هم أجدر بها من غيرهم رفضوها خوفا من الفشل، وآخرين ظلوا حبيسي وظيفة مملة قاتلة، خوفا من التجربة والمحاولة في مكان آخر.

رغم أن كل هذا لا يتطلب سوى التصالح مع هذا الشعور الفطري الجميل، والاعتراف به والسماح لأنفسنا أن نستشعره ومن ثم نتصرف رغما عنه، ومتى ما فعلنا وأدركنا بأن الإقدام على خطوة نخشاها لم يقتلنا بل اصبحنا أكثر شجاعة في تجربة المزيد، خطوة صغيرة هي كل ما يتطلبه الأمر.