1378154
1378154
المنوعات

4 سنوات من العمل حسمت دخول «قلهات» في التراث العالمي

30 يونيو 2018
30 يونيو 2018

«عمان» تنشر تفاصيل إدراجها في قائمة التراث العالمي -

متابعـة: عاصم الشيدي -

لم يكن المقيم البريطاني في مسقط خلال نهايات القرن التاسع عشر س . ب مايلز قد رأى مدينة قلهات في عز مجدها، يوم كانت حاضرة من حواضر عُمان وعواصمها التاريخية الأولى، لكنه وصفها كما رأها عندما زارها عام 1874 «بقايا حضارة اندثرت معالمها ولم يبق منها غير أطلال وبقايا آثار جراء الزلزال الذي سوى بها التراب» وفق ما جاء في كتابه «الخليج بلدانه وقبائله»، لكن تلك الآثار المندثرة والأطلال الباقية كانت حديث العالم مساء أمس الأول حينما أعلنت لجنة التراث العالمي في اليونسكو من العاصمة البحرينية المنامة ضم مدينة قلهات التاريخية إلى قائمة التراث العالمي لتكون الموقع العماني الخامس على قائمة التراث العالمي إضافة إلى قلعة بهلا «1987»، وموقع بات والخطم والعين «1988» ومواقع أرض اللبان «2000»، ونظام الري بالأفلاج «2006» والذي يشمل خمسة أفلاج هي فلج دارس وفلج الخطمين وفلج الملكي وفلج الميسر وفلج الجيلة.

وتناقلت وسائل الإعلام في العالم خبر مدينة قلهات التاريخية وأطلالها التي يليق بها أن تكون ضمن الآثار الإنسانية العالمية الخالدة.

وكلل قرار لجنة التراث العالمي الجهود الكبيرة التي بذلتها وزارة التراث والثقافة لتجهيز ملف متكامل للمدينة ضم عشرة معايير تؤهل المدينة لتكون ضمن قائمة التراث العالمي، إلا أن لجنة التراث العالمي استوقفها معياران من بين المعايير العشرة وفق ما أكدته ابتسام بنت عبدالله المعمرية رئيسة قسم القائمة الوطنية التمهيدية بوزارة التراث وهما المعياران الثاني والثالث.

واعتبر المعيار الثاني مدينة قلهات إنها تمثل «إحدى القيم الإنسانية الهامة والمشتركة لفترة من الزمن أو في المجال الثقافي للعالم، سواء في تطور الهندسة المعمارية أو التقنية، أو الفنون الأثرية، أو تخطيط المدن، أو تصميم المناظر الطبيعية.

وقالت المعمرية: تُقدم قلهات أدلة مادية استثنائية على تبادل القيم الثقافية والتجارية في ظل تجارة مملكة هرمز، والتي امتدت إلى الهند والصين وجنوب شرق آسيا، حيث أشارت الأدلة المعمارية إلى المنتجات الخاصة بالمدينة والتي يتم تصديرها كالتمر، والخيول العربية، فضلا عن التوابل واللآلئ، كما تدمج المدينة سمات الثقافات المتعددة العالمية من القرون الوسطى، وذلك من خلال النمط المعماري المختلف للمباني نظرا للأصول الثقافية المختلفة لسكانها. وتضم المدينة القديمة أيضا عددا من المباني والنماذج المعمارية ذات التمثيل الفريد، والتي تمت الإشارة إليها في مقالات وقصص الرحالة والمؤرخين».

أما المعيار الثالث الذي لفت انتباه لجنة التراث العالمي فيتمثل في كون موقع قلهات الأثرية «يمثل شهادة فريدة لمملكة هرمز، التي ازدهرت في الفترة بين القرنين الحادي عشر والخامس عشر. وتقدم المدينة دليلا استثنائيا على مكانتها ممركز تجاري حيوي ورئيسي تحت حكم أمراء هرمز، والذين استفادوا من أهميتها السياسية التي اكتسبتها من موقعها الجغرافي الهام. وكانت المدينة مقر الإقامة الموسمية والملجأ لأمراء هرمز في حالة نشوب أي خلاف أو نزاع، والتي أعطتها لقب عاصمة ثانية لمملكة هرمز. ويُظهر التخطيط العمراني وتوزيع المباني في المدينة ميزات وخصائص خاصة بمملكة هرمز، واحتفظت الآثار المتبقية من المدينة بأصالتها وبنيتها شبه المكتملة، والتي توفر إمكانات إضافية لفهم أكثر تفصيلاً لأنماط الحياة والتجارة فيها».

وكانت مدينة قلهات الأثرية قد وضعت على القائمة التمهيدية عام 1988 تمهيدا لإدراجها في قائمة التراث العالمي. وفي عام 2014 بدأ فريق العمل، بعد أن تلقى التأهيل في كيفية كتابة ملف الترشح، في عملية جمع المعلومات التاريخية والحضارية عن المدينة من مختلف المصادر. وتم تحليل المعلومات ومقارنتها مع مدن أخرى في الخليج أو في المنطقة وأعدت المهندسة هبة قادري تحليلا مقارنا بين الموقع والمواقع الأخرى وهو ما جعل جزءا كبيرا من الملف يكتمل.

وتم التعاقد مع فريق من الخبراء في منظمات عالمية لإعداد خطة لإدارة الموقع سياحيا.

وشملت مرحلة إعداد الملف القيام بزيارات ميدانية لبعض المواقع المشابهة وتجميع المصادر والمعلومات التي من شأنها دعم وتقوية ملف الإدراج بالتعاون مع جميع الجهات المعنية.

وفي عام 2017 تم قبول الملف من قبل مركز التراث العالمي ووضع لمناقشة إدراجه ضمن أعمال اجتماع لجنة التراث العالمي الحالي بمملكة البحرين والذي أسفر عن إدراجه ليكون الموقع العُماني الخامس على قائمة التراث العالمي.

وأكد سلطان المقبالي مدير دائرة مواقع التراث العالمي بوزارة التراث إن أعمال التنقيب في الموقع كانت قد بدأت من قبل وزارة التراث والثقافة عام 2003 بعمليات التنقيب والمسوحات الأثرية لبعض أجزاء المدينة الأثرية حيث تم إجراء مسح أثرى بالتصوير الجوي ووضع الرسومات لإظهار المعالم البارزة في المدينة مثل المقبرة الإسلامية الواقعة إلى الجنوب من ضريح بيبي مريم. وأظهرت عمليات التنقيب الجامع الكبير إضافة إلى بعض المرافق مثل أسوار المدينة التاريخية وكذلك إظهار الطرق والممرات التي تخترق البيوت والمرافق الأخرى التي تحويها المدينة كما تم التنقيب والاستكشاف عن الجدار المواجه للشارع العام والأبراج التي تتخلل بعض أجزائه وفق البيان الإعلامي الذي وزعته وزارة التراث والثقافة. كما كشفت المسوحات البحرية أمام المدينة إلى اكتشاف آثار غارقة لبقايا سفن ولقى حجرية.

وكانت بعثة أثرية فرنسية قد بدأت أعمال تنقيب في موقع قلهات عام 2008 وخلال مواسم التنقيبات المتتالية تم الكشف عن أبرز عناصر المدينة الأثرية مثل المسجد الكبير والجدران الشمالية وعدد من المباني السكنية بالإضافة إلى العديد من المساجد والمرافق الأخرى للمدينة. وقد ركزت البعثة خلال موسم 2010 /‏‏‏‏2011 على استكمال العمل في المسجد الجامع ومواصلة توثيق الشواهد الأثرية في المدينة التاريخية. ووضعت خطة لإدارة المدينة الأثرية بهدف حماية الموقع والحفاظ عليه بالإضافة إلى استدامت الموقع من خلال الاستثمار السياحي ونشر الوعي المجتمعي بأهمية المدينة الأثرية ومراقبة الموقع لضمان عدم التعدي عليه وتنفيذ القوانين المعتمدة لحماية المواقع التاريخية.

وتقع مدينة قلهات على سهل ساحلي وجروف صغيرة، وتبعد عن مدينة صور بحوالي 20 كم باتجاه الشمال الشرقي، كما تبعد عن مدينة مسقط بحوالي 150 كم.

من جانبه قال محمد العيسائي إن «مساحة الموقع تبلغ 35 هكتارا محاطا من جوانبه الثلاثة بالمعالم الطبيعية فمن جهتي الغرب والشرق تحيط به الجبال والبحر وفي الشمال يوجد خور قلهات الذي كان ميناء في العهود السابقة، ومن الناحية الجنوبية توجد بقايا سور دفاعي ضخم يمتد من الشاطئ عبر محيط المدينة حتى أعلى السلسلة الجبلية»

وبين أشهر المباني الباقية من معالم مدينة قلهات الأثرية يطل ضريح «بيبي مريم» التي كانت حاكمة لقلهات، وهو المبنى الذي ما زال يحتفظ بطابعه «الملوكي الفخم حيث تعلوه قبة تهاوت أجزاؤها العلوية». وفق العيسائي. ووفق كتابات التاريخ العماني فإن مالك بن فهم كان قد اتخذ من مدينة قلهات عاصمة له، وهذا ما يعطي الموقع أهمية في دراسات التاريخ العماني.

لكن أهمية قلهات تبرز أيضا من خلال وجود ميناء كان يزدحم بالسفن وفق ما وصفه ياقوت الحموي في كتابه معجم البلدان حين وصف مدينة قلهات بقوله «فرضة بلاد عُمان لكثرة ما ترسو فيها السفن القادمة من الهند والمتجهة إليها، وهي من أجمل المدن العُمانية وأهم الموانئ البحرية في منطقة المحيط الهندي».

وهذه الأهمية هي التي تحدث عنها أيضا الرحالة ماركو بولو الذي زار المدينة في القرن الثالث عشر الميلادي في ذروة ازدهارها ووصفها قائلا: «قلهات مدينة عظيمة تقع على خليج يسمى قلهات، وهي مدينة هامة تبعد بستمائة ميل إلى الشمال الغربي لظفار على، ساحل البحر وأهلها عرب يخضعون لهرمز وكلما وجد ملك هرمز نفسه في حرب مع ملك أقوى منه لجأ إلى مدينة قلهات لمناعتها وموقعها الاستراتيجي وتحصيناتها، وأهلها لا يزرعون الحبوب. وإنما يستوردونها من خارج البلاد على متن المراكب التجارية والميناء واسع جدا وجيد، ومن هذه المدينة توزع التوابل والسلع الأخرى على مدن الداخل وهم يصدرون إلى الهند أيضا كثيرا من الخيول العربية الأصيلة».

وتجمع أكثر الدراسات التاريخية حول المدينة إلى أنها هُجرت بالكامل بعد الغزو البرتغالي في مطلع القرن السادس عشر في عام 1508 مما ساعد على أن تحافظ على قيمتها الأثرية حتى يومنا هذا. حيث أصبحت أطلال هذه المدينة بشكل شامل تمثل نموذجا مميزا لمدن الموانئ البحرية لمملكة هرمز والذي بدوره يعكس تراثها وهندستها المعمارية وتصميمها الحضري.

وترى تلك الدراسات إلى أن مدينة قلهات تعكس شكل التبادلات التجاري بين مملكة هرمز وبين شرق الساحل العربي والهند، بل إن الدراسات ترى أن تلك الحركة التجارية امتدت لتصل إلى حدود الصين وجنوب شرق آسيا.

وكان ابن بطوطة قد زار المدينة في القرن الرابع عشر الميلادي وكتب في كتابه تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار: ومدينة قلهات على الساحل، وهي حسنة الأسواق، ولها مسجد من أحسن المساجد، حيطانه بالقاشاني، وهو شبه الزليج، وهو مرتفع، ينظر منه إلى البحر والمرسى، وهو من عمارة الصالحة بيبي مريم، ومعنى بيبي عندهم الحرة. وأكلت «والكلام لابن بطوطة» بهذه المدينة سمكا لم آكل مثله في إقليم من الأقاليم، وكنت أفضله على جميع اللحوم، فلا آكل سواه.. وهم يشوونه على ورق الشجر، ويجعلونه على الأرز ويأكلونه. والأرز يجلب إليهم من أرض الهند، وهم أهل تجارة ومعيشتهم مما يأتي إليهم من البحر الهندي».

وحسب الموسوعة العمانية فإن آثار قلهات تتركز على السفح الواقع جنوب الوادي، ولكنها لا تقتصر على هذا السفح وإنما تتعداه لتظهر على حافة الوادي العلوي حيث الأسس القديمة وبرجان أحدهما دائري والآخر مربع، كما تنتشر مخلفات أثرية مختلفة على مرتفع بامتداد وسط الوادي وبموازاة الخور القديم على امتداد حافة الوادي. وتدل الآثار في قلهات على أنه موقع استوطن منذ القدم، فقد كشفت الأعمال الأثرية الميدانية في قلهات «وفق الموسوعة» عن كميات كبيرة من الأصداف والقواقع المنتشرة على سطح الموقع، وهي دلالة على أنها كانت تمثل الغذاء الرئيسي لسكان المنطقة.

قلهات في قائمة التراث العالمي.. إبرازا لتراثها الحضاري والإنســاني -

العمانية: تكللت جهود السلطنة ممثلة في وزارة التراث والثقافة والمندوبية الدائمة للسلطنة لدى منظمة اليونسكو في إدراج موقع مدينة «قلهات» الأثرية على قائمة التراث العالمي باليونسكو.

جاء ذلك في إطار الحرص الدائم للسلطنة في إبراز تراثها الحضاري والثقافي والإنساني والتعريف بالقيمة الاستثنائية المتمثلة في أصالته كتراث ثقافي عالمي ترشيح موقع المدينة لإدراجها ضمن القائمة العالمية.

كما جاء إدراج موقع مدينة قلهات التاريخية في قائمة التراث العالمي وهو الموقع العماني الخامس في هذه القائمة خلال الدورة الثانية والأربعين للجنة التراث العالمي المنعقدة حاليًا بالعاصمة البحرينية المنامة خلال الفترة من الرابع والعشرين من يونيو وحتى الرابع من يوليو بمشاركة وفد السلطنة.

وقد ترأس الوفد سعادة حسن بن محمد بن علي اللواتي مستشار صاحب السمو السيد وزير التراث والثقافة لشؤون التراث بحضور سعادة الدكتورة سميرة بنت محمد موسى الموسى المندوبة الدائمة للسلطنة لدى منظمة اليونسكو وعدد من الخبراء في مجال التراث من الجهات المعنية. ويأتي إدراج هذه المدينة التاريخية الهامة على قائمة التراث العالمي تأكيدًا من المجتمع الدولي ومنظمة اليونسكو على أهمية هذه المدينة العريقة التي حافظت على مستوى عالٍ من الأصالة.

وأكد سعادة مستشار صاحب السمو السيد وزير التراث والثقافة لشؤون التراث أن هذا الاعتراف الدولي جاء ليعزز المكانة التاريخية للمدينة وكذلك للدور الهام الذي لعبته في تاريخ المنطقة إذ تعتبر مدينة قلهات الأثرية أول عاصمة اتخذها مالك بن فهم الأزدي مقرًا له وكانت لاحقًا العاصمة الثانية لمملكة هرمز خلال الفترة بين القرنين الحادي عشر والخامس عشر نظرًا لموقعها الاستراتيجي الهام مما أكسبها أهمية تاريخية بسبب الدور الكبير الذي قامت به في تنشيط الحركة التجارية لمملكة هرمز في الخليج العربي والمحيط الهندي إذ تفوقت خلال تلك الحقبة الزمنية على غيرها من المدن المجاورة.

وأوضح سعادته أن هجر المدينة بالكامل بدايات القرن السادس عشر ساهم بشكل أساسي في حفظ أصالة الموقع حيث بقيت جميع عناصر المدينة محفوظة بالكامل وبالتالي فإن المدينة تعتبر نموذجًا مميزًا لعمارة وتخطيط مدن الموانئ التي نشطت في العصور الوسطى.

من جهتها قالت سعادة الدكتورة المندوبة الدائمة لسلطنة عمان لدى منظمة اليونسكو: إن إدراج موقع مدينة قلهات الأثرية على قائمة التراث العالمي باليونسكو يأتي في إطار المساعي التي تبذلها السلطنة في صون تراثها الثقافي الضارب في جذور الحضارة البشرية». وأشادت سعادتها بالجهود المبذولة من قبل الجهات المعنية بصون التراث الثقافي بنوعيه المادي وغير المادي مضيفة «أننا نشعر بالارتياح إزاء الدعم الدولي الذي تحظى به ملفات السلطنة لإدراجها على قوائم التراث العالمي». وتعتبر مدينة قلهات التي تقع بولاية صور بمحافظة جنوب الشرقية إحدى العواصم القديمة لعُمان وتوجد بها آثار مهمة وشواهد بعضها لا يزال باقيًا إلى اليوم من أهمها الجامع الكبير وضريح «بيبي مريم» وبعض الأبنية الأثرية والسور الخارجي.

وقد انتهت وزارة التراث والثقافة مؤخرًا من وضع واعتماد خطة إدارة مدينة قلهات الأثرية التي تهدف إلى حماية الموقع والحفاظ عليه واستدامته من خلال الاستثمار السياحي ونشر الوعي المجتمعي بأهمية المدينة الأثرية ومراقبة الموقع لضمان عدم التعدي عليه وتنفيذ القوانين والتشريعات المحلية والدولية المعتمدة لحماية مواقع التراث العالمي. ويأتي نجاح السلطنة في إدراج مدينة قلهات الأثرية ضمن قائمة اليونسكو بعد نجاحها على مدى ثلاثة عقود في إدراج أربعة مواقع أثرية على القائمة المذكورة وهي: قلعة بهلا (1987م)، وموقع بات والخطم والعين (1988م)، ومواقع أرض اللبان (2000م) ونظام الري بالأفلاج (2006م) الذي يشمل خمسة أفلاج وهي دارس والخطمين والملكي والميسر والجيلة.

وتسعى السلطنة على الدوام للمضي قدمًا في صون تراثها الثقافي بنوعيه المادي وغير المادي من خلال تسجيله لدى اليونسكو والتعريف به.

يقول الدكتور حميد بن سيف النوفلي مدير قطاع دائرة الثقافة باللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم لوكالة الأنباء العمانية «موقع قلهات الأثري يمثل أهمية تاريخية كبيرة لعُمان والمنطقة على حد سواء، ولها قيمة استثنائية عالمية حيث كان البوابة الاقتصادية كميناء بحري للتبادل التجاري بين عُمان وحضارات العالم القديم، ويمثل إدراجها في قائمة التراث العالمي اعترافا من دول العالم والمجتمع الدولي بان هذه المدينة تشكل تراثا ثقافيا للإنسانية». وأضاف «هذا الإدراج توج جهودًا عديدة سبقت في إدارة هذا الموقع وإعداد الخطط اللازمة له وصونه والحفاظ عليه وقد عرض الملف على لجنة التراث العالمي في اجتماعها الحالي في المنامة وبفضل الله تعالى كانت كل الملاحظات إيجابية وكل الدول الأعضاء في اللجنة أيدت إدراج هذا الملف ولم توجد معارضة وهذا يدل على أن الموقع قد استوفى المعايير الفنية المطلوبة للإدراج وأن دول العالم تقدر الجهود والسياسات المعتدلة التي تنتهجها السلطنة بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ أعزه الله ـ». وأوضح أن مدينة قلهات لها تاريخ طويل وكانت إحدى العواصم السياسية لعُمان والمدينة الاقتصادية الثانية بعد صحار باعتبارها ميناءً بحريًا يطل على بحر عُمان والمحيط الهندي ولها خطوط تجارية مع دول آسيا وشرق إفريقيا وإيران والعراق مما فتح الباب أمام التبادل التجاري والحضاري مع أمم وشعوب تلك الدول. وأشار إلى النوفلي إلى أن المدينة اتخذها حاكم هرمز العاصمة الثانية لحكمه وقد توفي ودفن فيها ويؤكد هذا وجود شواهد قائمة حتى الآن إذ أقامت له زوجته «بيبي مريم» ضريحًا وهو من المعالم الباقية يتميز بزخرفته ونقوشه من الداخل..كما يوجد بالموقع بقايا لمسجد كبير ولمبنيين صغيرين على شكل أضرحة صغيرة وبقايا من سور المدينة بالإضافة إلى جزء من الحمامات».

وأشار إلى أن الموقع يقع على مساحة كبيرة على شاطئ البحر ويبعد عن العاصمة مسقط 150 كيلومترًا وعن مدينة صور 22 كيلومترًا، وكانت المدينة ملهمة بموقعها كما أنها كانت محطةً مهمة للرحالة والمستكشفين حيث زارها الرحالة ابن بطوطة ووصف أسواقها بأنها كانت تصدر منها الجياد العربية والبهارات وبعض البضائع كما زارها البوكيرك وماركوبولو وغيرهم». من جانبه قال سلطان بن علي المقبالي مدير دائرة مواقع التراث العالمي بوزارة التراث والثقافة: إن إدراج مدينة قلهات الأثرية على قائمة التراث العالمي يمثل اعترافاً دولياً بأهمية المدينة التاريخية وكذلك استيفاؤها لمعايير القيمة الاستثنائية العالمية واحتفاظها بأصالتها التي نجمت عن هجر سكانها لها في بدايات القرن السادس عشر بعد الغزو البرتغالي». وأشار إلى أنه تم إدراج المدينة على القائمة الوطنية التمهيدية في عام 1988 وبدأ العمل في إعداد الملف عام 2013م حيث تضافرت جهود وزارة التراث والثقافة وجهود بعض الجهات الأخرى من أجل إعداد ملف متكامل لترشيح المدينة لإدراجها على قائمة التراث العالمي لتسليمه لمركز التراث العالمي.