1376743
1376743
الاقتصادية

محاصيل زراعية تقليدية في ولاية طاقة تبحث عن طريـق للعـودة

29 يونيو 2018
29 يونيو 2018

بينها المسيبلي والذرة والفندال -

صلالة - عامر بن غانم الرواس وعوض المغني -

تبلغ مساحة الأرض الزراعية المستغلة في السهل الساحلي لولاية طاقة 180 فدانا، زرعت فيها سابقا أنواع متعددة من المحاصيل الزراعية والتي كانت مصدر غذاء لأهالي الولاية وصدرت كذلك لبقية المناطق.

ومنذ عقود اختفت تلك المحاصيل الزراعية المحلية من مزارع ولاية طاقة ومن أسواقها، وسوف نتناول تلك المحاصيل الزراعية والتي ارتبطت قديما بالذاكرة المحلية.

قال المزارع محمد عازم إنه عندما قدم إلى طاقة قبل 42 سنة كانت تزرع أنواع عديدة من المنتوجات الزراعية كالذرة والمسيبلي (الدخن، وهو من أجود أنواع الحبوب)، والجح والقت وعلى حد قوله كل شيء يمكن زراعته في ولاية طاقة.

ويرجع غياب تلك المنتوجات الزراعية المحلية إلى عدم رغبة المزارعين أنفسهم في زراعتها، فالمواطن تخلى عن زراعة ارضه.

ويعدد محمد عازم أسماء عدد المزارعين القدامى الذين شهدهم إبان قدومه إلى الولاية (عوض باروت ونصيب بن فرج وأخوه مبارك بن فرج، ونصيب مبروك الخ القائمة...)، حيث إن منتوجات الولاية زراعيا كانت تباع خارجها في الولايات المجاورة وهو دليل على وفرة الإنتاج، بينما أصبحت المزارع اليوم تكتفي بزراعة محصول بيليري (شبيه القرع) وهي إحدى الزراعات المنتشرة حاليا في مزارع السهل الساحلي بالولاية.

ويرى محمد أن تغير البذور ومصدرها يعد سببا لتغيير خارطة المنتجات الزراعية محليا، فعلى حد قوله إن البذور سابقا كانت تستورد من مناطق مثل اليمن أو مدينة العين وهو ما أسهم في ملاءمة معظم المحاصيل للبيئة في طاقة.

واعترف انه زرع في سنواته الأخيرة الكوسة فقط ولمرة واحدة في السنة من يونيو وحتى شهر سبتمبر وذلك لانقطاع استيراد نوعية من البذور من الخارج (سبيشل بارك، باك مور) مع ذلك تأثر محصوله على حد قوله بسبب ضعف المبيدات الحشرية وقلة الأمطار الموسمية، منوها في الوقت ذاته بجودة منتوجات الجبل الزراعية بسبب عذوبة المياه وخصوبة التربة.

تغير نمط الحياة

أما محمد بن علي سعيد عتيق صاحب مزرعة في ولاية طاقة يرى أن تبدل نمط الحياة بعد الطفرة النفطية ساهم في ابتعاد المواطنين عن أراضيهم الزراعية والاكتفاء بالراتب المغري من القطاعات الأخرى بالإضافة إلى ضعف تساقط الأمطار وقلة الغطاء النباتي على السهل الساحلي.

واستشهد على وفرة المنتوجات الزراعية المحلية في السابق بزراعة البطاطا الحلوة (الفندال) وتصديرها إلى ولايات أخرى.

وخلال سعينا لتوثيق الحالة الزراعية بآلة التصوير أخبرنا أحد المزارعين الوافدين بوجود مساحة لزراعة البطيخ، وهو ما أثار دهشتنا وفرحتنا بعودة زراعة هذا المحصول الزراعي إلى مزارع الولاية وان كان على سبيل التجريب !!

زراعة فصلية

فيما يؤكد بخيت بن سعد جيزان أحد المزارعين القدامى في ولاية طاقة استمراره في مهنة الزراعة لأكثر من خمسين سنة، حيث يذكر انه زرع خلالها البرسيم وعلس (صنف من القمح يطلق عليه القمح الرومي).

ويفصل بخيت المنتوجات الزراعية في ولاية طاقة سابقا حسب فصول السنة وحسب قياس النجوم والفلك المتعارف عليه في محافظة ظفار، فنجم البطين (أحد منازل نجوم الربيع أو الصرب محليا من 4 إلى 16 نوفمبر) يقال عنه محليا البطين طعام بلا طين « استعارة على وفرة الزراعة والطعام سواء من الزراعة أو البحر.

أما نجم البركان (30 نوفمبر حتى 12 ديسمبر) كما يقول بخيت جيزان « البركان خس ما كان « كناية على قلة المنتوج الزراعي على الرغم انه أحد نجوم فصل الصرب محليا. وهكذا يستطرد في تفصيله الممتع لحسابات النجوم التي استخدمها سابقا في زراعته فقد أوضح انه زرع الفندال (البطاطا الحلوة) مع بزوغ نجم سهيل (أحد أشهر نجوم فصل الخريف محليا) بينما يزرع في نجم الكليل (19 - 31 مايو) الذرة العربية.

مؤكدا في ذات الوقت على ضرورة إعطاء الأرض الزراعية مهلة للراحة بحيث لا تزرع في فترتين متتاليين حتى لا تستهلك، وذلك بقوله لا تعفر الأرض لسنتين متتاليتين ولكي تأخذ المحاصيل كفايتها من السماد وتتغذى بشكل جيد وهو ما كان يقوم به بخلط السماد بسمك السردين لزيادة إنتاجية الأرض.

ويؤكد بخيت الرجل السبعيني أن من المحاصيل الزراعية التي كانت تزرع في ولاية طاقة المسيبلي والبمبي والبر والفندال (يزرع طوال العام) وفي القيظ تزرع الجح (البطيخ).

وهكذا يلقي باللائمة على الأهالي في غياب كل تلك الأصناف الزراعية من المشهد الزراعي في السنوات الأخيرة، فلم تعد توجد بذور وفسائل لتلك المحاصيل محليا لانقطاع زراعتها لفترات طويلة، بالإضافة إلى تسليم الأرض إلى الأيدي العاملة الوافدة والتي كما يرى أنها قدمت مصلحتها على المصلحة العامة، فيما يستذكر مطالباته المتعددة في السابق هو وعدد من المزارعين لمنحهم أراض زراعية كون معظم المزارع التي قاموا بزراعتها بعقود طويلة كانت مستأجرة !! وعندما حملنا تساؤلاتنا إلى دائرة التنمية الزراعية بولاية طاقة أوضح المهندس سعيد بن مسلم النوبي الكثيري مدير الدائرة أن اهم المحاصيل الزراعية حاليا في السهل هي النارجيل والفافاي والطماطم والكوسة بينما يزرع في جبال الولاية الليمون والمانجو والرمان والجوافة والبرتقال والذرة الرفيعة والذرة الشامية والخيار الظفاري واللوبيا.

واستطرد المهندس سعيد الكثيري قائلا إن أثر غياب بعض المحاصيل الزراعية عن المشهد الزراعي في سهل الولاية يعود إلى عدة أسباب منها على سبيل المثال لا الحصر تسليم المزارع إلى الأيدي العاملة الوافدة التي كل همها الكسب السريع، كذلك استبدال المحاصيل التقليدية بمحاصيل ذات الربح السريع، كذلك استغلال الأرض الزراعية بطريقة عشوائية وغير صحيحة، مما أدى إلى ضعف الأرض وزيادة ملوحة التربة والماء بالإضافة إلى تغير نمط المعيشة الاستهلاكية خلال السنوات الماضية. موضحا أن تأثير تبديل المنتوجات الزراعية بأخرى دخيلة على البيئة المحلية يؤدي إلى اختفاء تلك المنتوجات المحلية من الأسواق.

وعن الجانب القانوني الذي يطبق على المخالفين في هذا المجال أوضح المهندس سعيد الكثيري بأنه في حالة وجود أية مخالفة يتم الرجوع إلى نظام الزراعة ولائحته التنفيذية وتكيف هذه المخالفة مع ما ورد في هذا النظام.

ويقول الكثيري: إن وزارة الزراعة والثروة السمكية تبذل جهودا كبيرة في الحفاظ على الموروث التقليدي من خلال تشجيع الزراعات المطرية الموسمية وذلك من خلال برنامج معتمد تحت مسمى التطوير والنهوض بنظم الزراعات التقليدية باعتبارها موروثا زراعيا تقليديا لا تستخدم فيه المحسنات والمخصبات الزراعية والتي تكون أكثر أمانا وضمانا لسلامة الغذاء. كما أن الوزارة تشجع المزارعين على إنشاء الجمعيات التعاونية باعتبارها حاضنات مثالية للمزارع.