مرايا

كهف « لاسكو » .. معرض فني لرسومات ما قبل التاريخ

27 يونيو 2018
27 يونيو 2018

يقع كهف لاسكو Lascaux في جنوب غرب فرنسا، ويبلغ طوله 100 قدم تقريباً، ويعد واحد من أهم الكهوف الأثرية الزاخرة بالصور والرسوم الجدارية والنقوش المختلفة الأكثر قدماً في العالم أجمع، وقد أسهم في إثراء تاريخ الفن وفي تأسيس علم آثار ما قبل التاريخ، كما ضمت منظمة اليونيسكو الكهف في عام 1979 إلى مواقع التراث العالمي.

ولاكتشاف الكهف قصة بدأت أحداثها في 8 سبتمبر عام 1940، عندما كان الصبي مارسيل رافيدو يتجول مع مجموعة من أصدقائه في هضبة لاسكو، فلاحظ مارسيل أن كلبه روبوت قد اختفى، وبينما هم يبحثون عنه سمعوا صوته يأتي من فتحة كهف، وعندما حاول مارسيل إنقاذ كلبه سقط في داخل الكهف المظلم، واستطاع بصعوبة إنقاذ الكلب، لكن مارسيل عاد مع زملائه إلى الكهف، وأحضروا معهم سراجاً وحبلاً، وبينما كانوا يتجولون في الكهف المظلم فوجئوا بثيران وخيول وغزلان تقفز من الظلمة، واكتشفوا أنها رسوم على جدار الكهف، كما رأوا في مكان آخر من الكهف رسوم لغزلان كأنها تسبح في جدول وتظهر رؤوسها فوق سطح الماء.

تعود صور كهف لاسكو ورسومه ونقوشه إلى العصر الحجري القديم الأعلى (المجدلاني القديم)، وقد حدد الكربون 14، وهو عنصر يُستخدم لتحديد عمر الحفريات، تاريـخ هذه الصور بين 15000- 13500 قبل الميلاد.

ويُقدَّر عدد نقوش الكهف بأكثر من ثلاثمائة نقش على الجوانب، وقد عثر في الكهف مصادفة على أدوات أثرية مثل: المنقاش والمكشط والنصلة والسراج والصفائح الحجرية الجيرية.

وأوضحت دراسة هذه الصور والرسوم والنقوش عدم التجانس فيما بينها، وعدم وجود ترابط تقاني وطرازي وأسلوبي، وأظهرت الدراسات والبحوث العلمية أن هذه الروائع الفنية القديمة المختلفة قد تمت من قبل ما يمكن أن يسمى مدارس فنية قديمة مختلفة. وقد ميز عالم الآثار هنري بروي اثنتين وعشرين مرحلة متتالية في صالة الثيران الكبيرة.

ومن مشاهد هذه الصور والرسوم الجدارية صورة ثور جريح يسحق رجلاً، وحصان جريح أصابته سهام بجراح، وثور ضخم، وخيول تعدو، وبقر وحشي، ورسم لطائر غريب منتصب فوق عصا، وقد عُثر أيضاً في الكهف على خريطة لسماء الليل يعود تاريخها إلى حقبة ما قبل التاريخ.

افُتتح كهف لاسكو للزيارة بعد الحرب العالمية الثانية، وتزايد الإقبال على زيارته، وهو ما كان له تأثيرات سلبية على ألوان النقوش والرسوم بهذه الكهوف، وبعد ذلك بدأت أنواع من الفطريات تصيب الرسوم؛ الأمر الذي دفع السلطات الفرنسية إلى إغلاقه عام 1963 وتحديد عدد محدود جدا من الزوار كل أسبوع. وفيما بعد أقُيم في عام 1983 كهف مماثل يبعد 200 متر عن الكهف الأصلي، ويحتوي على نسخ من الرسوم وصالة الثيران. ووفقاً للتقارير، فإنه لا يُسمح حالياً بدخول كهوف لاسكوسوى للعلماء، وذلك للعمل داخلها خلال أيام معدودة كل شهر.