وتر: إن كيدهن عظيم

شريفة بنت علي التوبية -

(إن كيدهن عظيم) كثيرًا ما يستشهد البعض بهذه العبارة كدليل على كيد النساء، ويبالغ البعض في الوصف ليقرن الكيد بالخبث، رغم أن الكيد الأنثوي لا علاقة له بالخبث من قريب أو بعيد، أنه كيد الجميلات الفاتنات اللاتي تعييهن الحيلة وضعف القوة الجسدية أمام حيلة وقوة الرجل، ليصبح الكيد سلاحهن السري في الاحتفاظ بخيط العنكبوت في العلاقة بينهن والآخر، أنه الكيد الذي تجيده النساء ولا يجيده الرجال المفتونون بعضلاتهم الجسدية أمام المرأة الباحثة عن الرشاقة والجمال، والمتخمة بهموم الحياة ومتطلباتها، ليصبح ذكاء المرأة كيدا وقوة في عالمها الأنثوي الساحر الذي لا يعرف عنه الرجل شيئا.

المرأة هي الكائن الجميل الرائع في حياة الرجل، وهي الكائن الذي يقتله التجاهل ولا يعيش سوى بالمحبة، ولا يبقى في أي علاقة سوى بالكلمة الطيبة، إنها ذلك الكائن الذي يستعين بكيده حينما تعييه الوسائل الأخرى في التعامل، كسلاح سري تستخدمه في حماية نفسها دون الإساءة لأحد، فمخطئ من يظن بالمرأة سوءًا أو ضعفًا، لأن قوة المرأة في عاطفتها وذكاء المرأة في قلبها، إنه الكيد الأنيق ليس إلا، كيد الفتنة والعبقرية والغواية، ككيد شهرزاد حينما أنقذت نفسها من سيف الجلاد بكيد الحكاية التي أغوت بها شهريار الذي كان يقتل كل يوم امرأة، فتنقذه شهرزاد من سوء نفسه وشكه ووسواسه بعد ألف ليلة وليلة، وقد يكون الكيد ككيد امرأة العزيز في قصة يوسف (إن كيدكن عظيم) كما ورد في الآية 28 من سورة يوسف على لسان عزيز مصر حينما راودت زوجته زليخة يوسف عن نفسه فأبى، فكادت له وتم إدخاله السجن، أنه كيد من نوع آخر لكنه كما نلاحظ أساسه العاطفة.

إن جمال المرأة وكيدها في عاطفتها التي تجعل من ذلك الرجل القوي المعتّد بجسده المفتون بعضلاته ضعيفا أمام نظرة عابرة منها، فلن يكون كيدهن عظيما لو كانت هذه المرأة تمتلك من القوة الجسدية ما يمكّنها من الدفاع عن نفسها، وقد اكتسبت المرأة هذه الصفة نتيجة ما وقع عليها من ظلم واستعباد في الأزمنة البعيدة حتى أصبح الكيد صفة جميلة للنساء الجميلات، وأجمل أنواع الكيد هو الكيد العاطفي الذي يقع الرجل في حبائله وفخاخه، فالعاطفة مصيدة الأنثى لرجل لا يملك من أسلحة المقاومة سوى الاستسلام بكل محبة وانقياد، ولكل امرأة كيدها الخاص بها، ولكل امرأة سلاحها السري في التعامل مع من تحب ليتعادلا في كفة الميزان.