oman-logo-new
oman-logo-new
كلمة عمان

الرقم الصعب في جهود إعادة تحريك عملية السلام !

25 يونيو 2018
25 يونيو 2018

على مدى الأيام الأخيرة، أجرى الوفد الأمريكي رفيع المستوى المكون من جاريد كوشنر كبير مستشاري الرئيس الأمريكي ترامب للشرق الأوسط، والممثل الأمريكي الخاص للشرق الأوسط جيسون جرينبلات، مفاوضات خلال جولته في المنطقة، التي شملت كلا من الأردن والسعودية وقطر ومصر واختتمت بإسرائيل السبت الماضي، والتي دارت بشكل أساسي حول محاولة الإدارة الأمريكية كسب، أو ترتيب نوع ما من القبول الإقليمي، بخطتها لإعادة تحريك عملية السلام في الشرق الأوسط، أو ما يسميه البعض تسوية إقليمية للصراع العربي الإسرائيلي، وبما يسمح بالتوصل إلى حل للقضية الفلسطينية.

وبالرغم من أن الإدارة الأمريكية لم تعلن بشكل رسمي عناصر تلك الخطة، إلا أن تسريبات عديدة تحدثت عما يسمى بـ(صفقة القرن)، التي يأمل الرئيس الأمريكي من خلالها التوصل إلى تسوية في الشرق الأوسط، غير أنه لا يمكن التعويل على مثل تلك التسريبات الإعلامية، خاصة وأن الإدارة الأمريكية لا تزال تقوم بعملية بلورة لعناصر خطتها، وربما تعديل بعض أجزائها في ضوء المشاورات التي أجراها كوشنر وجرينبلات في جولتهما الأخيرة من ناحية، وما سيطرحه العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني خلال لقائه في البيت الأبيض مع الرئيس ترامب خلال زيارته الحالية لواشنطن، إلى جانب أخذ الإدارة الأمريكية في اعتبارها مواقف القوى الدولية الأخرى المؤثرة في الشرق الأوسط، بشكل أو بآخر من ناحية ثانية، خاصة وأن الوضع الراهن في الشرق الأوسط يختلف بدرجة غير قليلة عما كان عليه قبل عام 2010.

وإذا كانت الإدارة الأمريكية قد اتخذت بالفعل عدة خطوات عملية، خلال الأشهر الماضية، وعلى نحو وضعها عمليا في موقف الداعم للرؤية الإسرائيلية ولموقف حكومة نتانياهو إلى حد تجاوز ما كان معروفا من قبل، فإن قطع الاتصالات الأمريكية الفلسطينية، من جانب الرئيس الفلسطيني محمود عباس احتجاجا على تلك المواقف الأمريكية، وممارسة واشنطن لضغوط متزايدة على السلطة الوطنية الفلسطينية، من شأنه إذا استمر، أن يفقد التحركات الأمريكية جانبا مهما وضروريا في الواقع، وهو الجانب المتصل بالموقف الفلسطيني والتنسيق معه، وهو أمر كان يحدث دوما خلال الإدارات الأمريكية السابقة، ولا تزال عبارة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات «إن الفلسطينيين هم الرقم الصعب في أية جهود لإعادة تحريك عملية السلام والتوصل إلى تسوية سلمية شاملة وعادلة مع إسرائيل» صحيحة، إلى حد كبير، حتى الآن.

صحيح أن تأمين أكبر قدر من التوافق الإقليمي والدولي حول المقترحات الأمريكية، يظل أمرا مهما ومفيدا، غير أن الصحيح أيضا هو أن الموافقة الفلسطينية على تلك المقترحات، تظل مهمة، بل وضرورية، خاصة وأن التوافق الإقليمي وحتى الدولي، لن يمكنه فرض تسوية على الفلسطينيين، خاصة إذا كانت أحادية الجانب، أو منحازة إلى إسرائيل. هذا فضلا عن أن هناك العديد من القرارات الدولية التي يصعب تجاهلها في هذا الشأن. وإذا كانت الدول العربية قد اعتادت الموافقة، في إطار جامعة الدول العربية، على ما توافق عليه القيادة الفلسطينية، فإن تجاوز أو استبعاد التنسيق مع رام الله ومع الرئيس الفلسطيني بشأن عناصر الخطة المحتملة، لن يساعد في تمريرها أو تحقيقها؛ لأن الموافقة الفلسطينية تظل الرقم الصعب، ولعل جولة كوشنر وجرينبلات تكون قد أظهرت وأكدت ذلك.