أفكار وآراء

النمو السكاني في السلطنة

23 يونيو 2018
23 يونيو 2018

حيدر بن عبدالرضا اللواتي -

[email protected] -

يعتبر النمو السكاني في السلطنة مرتفعا وفق معايير الأمم المتحدة، إذ ترى هذه المنظمة الدولية بأنه لو تحقّق معدل إنجاب المرأة للأطفال بنحو 1.85 طفل لكل امرأة - وهو رقم تقديري للأمم المتحدة - فقد يتراجع تعداد السكان مستقبلا. أما تقديراتها للسنوات المقبلة، فتشير إلى أن تعداد سكان العالم في عام 2025 سوف يصل إلى 8 مليارات نسمة، ثم يرتفع إلى 9.2 مليار نسمة عام 2050 . أما التقدير الأعلى لمعدل الإنجاب فهو يبلغ (2.35 طفل لكل امرأة) ويعتبر مرتفعا في المستقبل لعدد السكان، بينما التقدير المنخفض يبلغ (1.35 طفل لكل امرأة)، وهو الرقم السائد خلال العشرين سنة الأخيرة في ألمانيا، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى انخفاض عدد سكان الأرض بعد عام 2040.

وبالرجوع إلى النمو السكاني في السلطنة، فقد أشارت بيانات المركز الوطني للإحصاء والمعلومات لإصداره الجديد (الأطلس الديموجرافي الاقتصادي 2018) إلى أن النمو السكاني للسلطنة قد بلغ 5.8% للسنوات (2011-2016) بحيث يرتفع بين الوافدين إلى 8.6% في حين يتراجع عند المواطنين إلى 3.7%. كما تبين الإحصاءات بأن سكان السلطنة خلال تلك السنوات تزايد بنحو 1.1 مليون نسمة ليبلغ نحو 4.4 مليون نسمة، حيث بلغ معدل التغير لدى العمانيين حوالي 21% ولدى الوافدين 55%، وأن 63% من هذه الزيادة تعزى إلى زيادة عدد الوافدين. وقد بلغ معدل المواليد الخام للعمانيين في السلطنة 33 مولودا/‏‏‏‏‏ لكل 1000 من السكان، في حين بلغ معدل الخصوبة الكلي للمرأة العمانية (4 مواليد لكل امرأة في سن الإنجاب). وفي توزيع المواليد حسب المحافظات اتضح أن هناك 28.1 مولود لكل ألف من السكان، وأن أعلى معدل للمواليد الخام في السلطنة كان بمحافظة الداخلية، كما أن 2 من كل 5 ولادات حية في السلطنة كانت بمحافظتي مسقط وشمال الباطنة.

ويبيّن الهرم السكاني للعمانيين حسب النوع لعام 2016 بأن نسبة الذكور تقريبا متساوية مع نسبة الإناث وبواقع 50.5% و49.5% على التوالي. كما يستعرض هذا الأطلس عددا من المؤشرات الديموجرافية والاجتماعية والاقتصادية المدعومة بخرائط توضح التوزيع النسبي لتلك المؤشرات في مختلف محافظات السلطنة، منها توزيع سكان السلطنة وفقا للنوع والجنسية ومعدل الخصوبة الكلي ومعدل المواليد والوفيات الخام، بالإضافة إلى استعراضه للمؤشرات الاجتماعية المتعلقة بالتشغيل والباحثين عن عمل والتعليم والصحة والضمان الاجتماعي والإعاقة، كما يستعرض عددا من المؤشرات الاقتصادية والخدمية الهامة الأخرى المرتبطة بحياة العمانيين.

وما يجب الانتباه إليه هو أن عدد السكان من الوافدين في السلطنة يزدادون بأكثر من ضعف مقارنة بالعمانيين، إذ يبلغ مواليد الوافدين 20 طفلا مقابل 9 أطفال للعمانيين. ومن حيث الجنس، فإن نسبة الذكور من إجمالي سكان السلطنة بلغت حوالي 65% مقابل 35% للإناث، بحيث يشكل الذكور العمانيون 50.5% من إجمالي عدد السكان، فيما يشكل الذكور الوافدون 84% من إجمالي السكان، أما نسبة النوع لدى العمانيين فيبلغ 102 من الذكور لكل 100 أنثى بينما تبلغ لدى الوافدين 510 ذكور لكل 100 أنثى. وبالتالي تمثل فئتا الشباب والأطفال الأقل من 29 سنة الشريحة الأكبر لدى العمانيين مشكلين ثلثي السكان العمانيين (بنسبة 65%) وتمثل فئة الأطفال الأقل من 5 سنوات أكبر الفئات حيث بلغت وحدها 15%. وتنخفض نسبة النوع لدى العمانيين في الفئة العمرية 65 سنة فأكثر لتصل إلى حوالي 98 ذكرا لكل 100 أنثى وتتقارب بفارق بسيط في الفئة العمرية بين 15 على 64 سنة لتصل إلى حوالي 101 من الذكور لكل 100 أنثى.

كما تبين إحصاءات (الأطلس الديموجرافي الاقتصادي للسلطنة 2018) إلى أن 15% من سكان السلطنة من العمانيين تقل أعمارهم عن خمس سنوات، وهي أعلى الفئات العمرية الخمسية حجما، فيما يقارب من ثلثي عدد السكان وبنسبة 66% تبلغ أعمارهم دون الثلاثين عاما، في حين أن كل 6 أشخاص من 10 هم في سن العمل وتبلغ أعمارهم بين 15-64 سنة. أما نسبة 36.2% منهم، فهم من الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 عاما، وهناك نسبة كبيرة من الوافدين وبواقع 1.98 مليون شخص هم في سن العمل للأعمار 15-64 سنة.

وبمتابعة أرقام النمو السكاني نجد أن عدد سكان السلطنة قد تضاعف حوالي ثلاث مرات مما كان عليه في عام 1985 مقارنة بعام 2015، حيث كانت الزيادة من قبل الوافدين أكثر وهى تعادل 6 أضعاف بين عامي 1985 وحتى 2015، فلم يكن تعداد الوافدين يتجاوز 314 ألف نسمة في عام 1985 وهو ما كان يعادل وقتها 22.2% من التعداد الإجمالي لسكان السلطنة، في الوقت الذي لم يتضاعف فيه العمانيون سوى مرتين فقط.

إن عدد سكان العالم وبحسب تقدير مكتب التعداد السكاني في الولايات المتحدة قد بلغ أكثر من 7.346 مليار نسمة في 23 أغسطس 2016م، ويرى بعض المهتمين لهذه القضية بأنه ينبغي الانتباه إلى أن عدد سكان العالم ليس دقيقا، إذ لا يمكن التأكد من عدد الأشخاص الموجودين على الأرض في وقت واحد بالضبط، حيث إنه يوجد طفل يولد كل 7 ثوانٍ، وشخص يموت كل 13 ثانية، وفي النهاية يُضاف شخص واحد إلى عدد سكان العالم كل 11 ثانية، ويقطن 4.436 مليار نسمة تقريبا في قارة آسيا، أي 60٪ من سكان العالم في قارة آسيا. وتشير التقديرات إلى أن عدد سكان العالم يمكن أن يصل إلى 9.4 مليار بحلول عام 2050م. وتُعد الصين أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان، إذ يزيد عدد سكانها عن 1.330 مليار نسمة، فيما تأتي الهند في المرتبة الثانية بعدد يزيد عن 1.290 مليار نسمة، ثم بقية دول العالم. ومنذ آلاف السنين كان النمو السكاني يسير ببطء، ولكن في القرون الأخيرة قفز النمو السكاني بشكل كبير، حيث أنَّ الزيادة في عدد سكان العالم كانت أكبر بثلاث مرات مما كانت عليه في تاريخ البشرية بأكمله وحدث ذلك بين عامي 1900م و 2000م، حيث ازداد عدد سكان العالم من 1.5 مليار نسمة إلى 6.1 مليار نسمة في 100 عام فقط. ويعزى ذلك إلى ارتفاع مستويات المعيشة، وتحسن حالات الصحة. وتشغل قارة آسيا 59.9% من عدد سكان العالم بتعداد يبلغ حوالي 4.4 مليار نسمة. تأتي بعدها قارة أفريقيا بتعداد يبلغ 1.2 مليار نسمة، مشكلة بذلك 15.7% من عدد سكان العالم. أما قارة أوروبا فيقطنها حوالي 800 مليون نسمة، ثم أمريكا الشمالية وأمريكا اللاتينية وبقية مناطق العالم. ويعتمد التغير في تعداد سكان الأرض من جهة على معدل الإنجاب، ومن جهة أخرى على زيادة مطردة يتسم بها عمر الإنسان في العصر الحديث، وكذلك على معدل وفيات الأطفال.

وتعمل السلطنة في هذا الجانب على تحقيق نسبة نمو اقتصادي عالية ورفع معدلات الناتج المحلي الإجمالي لمواجهة الزيادة في عدد السكان من خلال تحليل البيانات الديموجرافية ومؤشرات الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية حاليا وفي الفترة المقبلة من خلال العمل على عدة سيناريوهات للزيادة السكانية منها إبقاء نسبة الوافدين من إجمالي السكان عند مستواها الحالي (44.5%) أو تبني سياسة لخفض هذه النسبة تدريجيا لتصل إلى (33%) بحلول عام 2040. وتوضح هذه السيناريوهات وجود حاجة إلى 5.4 مليار ريال عماني خلال الخطة الخمسية الحالية (التاسعة 2016 – 2020) و31 مليار ريال عماني حتى عام 2040 للحفاظ على المستوى الحالي لدخل الفرد، مع العمل على توفير 34.1 مليار ريال حتى عام 2020 لاحتياجات سوق العمل وتوفير الخدمات والاحتياجات الأساسية الأخرى.