1360612
1360612
المنوعات

طابا.. واحة الاستجمام ومقصد هواة الغوص

10 يونيو 2018
10 يونيو 2018

طابا/‏‏مصر «د.ب.أ»: - قد يأخذك الاشتياق لرؤيتها، ولكن الصورة الخاطئة العالقة لها في أذهان الكثيرين نتيجة التركيز في أفلام سينمائية مثل «الحب في طابا» على أنها قائمة على السياحة الإسرائيلية، لا تشجع على ذلك كثيرا.

إنها طابا، تلك المدينة الصغيرة الساحرة التي يحتضنها خليج العقبة بمياهه الصافية وجبال سيناء بألوانها المبهرة، وتحتضن معالم سياحية فريدة، ليس على مستوى مصر فحسب، وإنما على مستوى العالم بأسره.

وتتكشف معالم هذه المدينة بدءا من الطريق المميز إليها وهو طريق «شق الثعبان» الذي تم شقه وسط الجبال، ليصبح طريقا منحنيا في قلب الجبال بألوانها الذهبية الرائعة.

ويتضح أيضا أن كل ما سيق إلى مسامعنا من أحكام مسبقة عن هذه المدينة الخلابة ليس حقيقيا على الإطلاق، فهناك سياح من عرب فلسطين وكذلك سائحون من الخليج. فضلا عن السائحين الأوروبيين، لاسيما الروس، الذين يقصدونها في فصل الشتاء بصفة خاصة. وبوجه خاص تعد طابا مقصدا سياحيا للأردنيين، حيث يمكنهم المجيء إليها في غضون ساعة ونصف تقريبا عبر خليج العقبة.

ورُغم كل الأحكام المسبقة عن المدينة، فإن الشغف يدفع عددا كبيرا من المصريين لزيارتها، ما يجعلهم يقطعون مسافات بعيدة ويمرون بكمائن مرورية كثيرة جرى نصبها في إطار الحملة الأمنية الموسعة التي تقوم بها الحكومة المصرية في مواجهة الإرهاب في هذه المنطقة.

وأكد حسام الدين أبو زكري، وهو مشرف ومؤسس لمجموعة «حملات تنشيط السياحة الداخلية» في مصر لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) أن كثيرا من المصريين حريصون على زيارة طابا، موضحا أنه شخصيا ينظم رحلتين إلى ثلاث رحلات سنويا إليها، وأن هناك إقبالا شديدا على المشاركة فى هذه الرحلات.

وردا على سؤال عمّا يميز طابا عن أي مدينة أخرى بالمنطقة، وتحديدا عن نظيرتيها الأكثر شهرة في محافظة جنوب سيناء وهما دهب وشرم الشيخ، قال أبو زكري: «إن طبيعة طابا مختلفة تماما عن تلك المدن».

ويضيف محمد النجار، وهو أيضا مشرف ومؤسس لمجموعة «حملات تنشيط السياحة الداخلية» قائلا لـ (د.ب.أ): «تتميز طابا عن أي مكان آخر بمصر بموقعها الجغرافي الذي يطل على المملكة العربية السعودية والأردن وإسرائيل والأراضى الفلسطينية ، فضلا عن شواطئها الفيروزية الجميلة، وطبيعتها الخلابة وهدوئها الذي يترك أثره في الروح والوجدان».

وأضاف النجار أنه «يمتلك للترويج لطابا معلما فريدا من نوعه، وهو قلعة صلاح الدين التي تقع على جزيره فرعون ويمكن من فوقها رؤية أراضي الدول التي تطل عليها بوضوح». وتعد قلعة صلاح الدين التي كان قد تم إنشاؤها لصد الصليبيين وحماية طريق الحج المصري عبر سيناء أحد أهم معالم الآثار الإسلامية في سيناء.

وإلى جانب الأهمية التاريخية لجزيرة فرعون وموقعها الاستراتيجي المميز في قلب خليج العقبة، فإنها أيضا مقصد سياحي لهواة الغوص.

وفي هذا السياق أكد النجار أنه «يمكن رؤية أروع أشكال الشعب المرجانية على مستوى مصر بأكملها حول هذه الجزيرة، ولهذا السبب يقصدها كثير من السائحين الأجانب للاستمتاع بممارسة رياضة الغوص والغوص السطحي».

وأضاف أنه «يرتكز أيضا في الترويج لرحلاته لمدينة طابا إلى زيارة خليج الفيورد». وهو خليج يقع على بعد نحو 15 كيلومترا فقط جنوب طابا، وهو يتسم بلونه الذي يتباين بين الأزرق الصافي والأخضر الفيروزي.

ويعتبر خليج الفيورد بمثابة قبلة لهواة الغوص ومحترفيه من جميع أنحاء العالم؛ إذ يحوي شريطا فريدا من الشعب المرجانية وأنواعا مختلفة من الأسماك بألوان لا حصر لها تستهوي الراغبين في سبر أغوار هذا العالم الآخر تحت مياه البحار.

يشار إلى أن هذا الخليج شهد تصوير أفلام سينمائية مثل فيلم «الباشا تلميذ»، وكذلك فيلم «الطريق إلى إيلات» الذي وثّق حقبة تاريخية مهمة للغاية بالنسبة للجيش والتاريخ المصريين إبان حرب الاستنزاف عام 1979 قبل حرب أكتوبر في عام 1973.

جدير بالذكر أن طابا هي آخر بقعة استعادتها الحكومة المصرية بعد انتهاء حرب أكتوبر عام 1973، وتم رفع العلم المصري إعلانا للسيادة المصرية على كل طابا عام 1989. ولكن النجار أشار في تصريحاته لـ (د.ب.أ) إلى أنه لا يزال يتلقى بعض ردود الفعل التي تنم عن عدم الشعور بالأمان تجاه المدينة.

وعلى سبيل المثال تقول فريدة 48 عاما، مصرية تقضي رحلة في طابا لوكالة الأنباء الألمانية إنه قيل لها من أحد أقاربها قبل المجيء إلي طابا: «انتبهي، ستفقدين حياتك هناك!»، لافتة إلى أن ذلك أغرب تعليق سمعته على الإطلاق.

ولكنها أكدت بقولها: «سعيدة جدا لكوني تحررت وأصبحت موجودة هنا الآن»، وأضافت: «شعرت بالفخر عند زيارتي للمدينة، خاصة قلعة صلاح الدين».

وأوضح النجار أنه يتغلب على هذا القلق لدى البعض بنشر صور ومقاطع فيديو على الصفحة الخاصة بمجموعة «حملات تنشيط السياحة الداخلية» التي شارك في تأسيسها منذ ستة أعوام تقريبا، لرحلات سابقة للمدينة كان قد وثّق فيها زيارات المعالم السياحية بنفسه وسط أفواج يشرف عليها، ما يسهم بشكل كبير في تخلي الكثيرين عن قلقهم.

وقالت شروق «32 عاما» لـ (د.ب.أ):« جئت لأقضي رحلة في أبعد مكان ممكن عن صخب القاهرة، ففوجئت بروعة هذه المدينة وسحرها، إنها مبهرة في النهار بألوان المياه وشموخ الجبال، وساحرة خلابة في الليل بصفاء السماء ولمعان النجوم والضي الصادر من الحدود المقابلة على الضفة الأخرى من الخليج».

ورغم كل ما قيل لم تنته معالم المدينة الساحرة بعد، إذ يوجد بها أيضا محمية طابا التي تضم مجموعة هائلة من الحيوانات والنباتات والطيور النادرة المعرضة لخطر الانقراض، مثل الغزال والوعل النوبي والوبر، وكذلك النسور والصقور، فضلا عما يصل إلى 24 نوعا تقريبا من الزواحف، بحسب الموقع الرسمي لوزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري المصرية.

وتضم المحمية بين جنباتها أيضا تركيبات جيولوجية فريدة من نوعها وكهوف وممرات جبلية ووديان، أشهرها وادي وتير والزلجة والصوانة، ولاسيما الوادي الملون أو الأخدود الملون وهو عبارة عن متاهة من صخور رملية تتباين ألوانها بين القرمزي والبرتقالي والذهبي والأرجواني يتراوح ارتفاعها بين 40 و80 مترا.