روضة الصائم

لقاء متجدد: صون الأبناء

10 يونيو 2018
10 يونيو 2018

أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة -

لا يخفى على لبيب أن الفطرة السوية تأبى على كل أب حان وأم رؤوم أن يزجّا بابنتهما في هذه المخاطر، وأن يخليا بينها وبين الغرق في بحارها أو الحرق بنارها فإنها بهذا تكون عرضة لهتك العرض وسلب الحياة وابتزاز المال، فضلا عن الوقوع في فضائح يتلطخون جميعا بعارها، وهذا يعني أنهم يجب عليهم أن لا يلتفتوا إلى مطمع ولا غيره في سبيل صون بناتهم وأعراضهن من التدنس بهذه القاذورات.

ومع هذا فإن عليهم أن لا يهملوا أبناءهم من رعاية تصون عفتهم، وتحوط حياتهم من الأخطار، فكم من أبوين رزئا بابنهما في ريعان عمره وزهرة شبابه بسبب الإهمال، فقد يقع الشباب في مغبة موحشة مدلهمة بسبب نزقهم وطيشهم ومغامراتهم الغرامية، إذ كثيرا ما تدفعهم شهواتهم الدنيئة إلى الاندفاع قدما، حيث لا يجدون إلا الموت الزؤام، بسبب حرص بعض الأسر على أعراضهم أن تهتك، ولا يبالون في سبيل ذلك بسفك دم أو غيره.

ولربما قررت بعض الفتيات أن يثأرن لأعراضهن بعد تمزيق أديم عفتهن بأنياب وأظافر الذئاب المسعورة من البشر، وليس بغريب أن يثأر غزال -أثخنه الجراح- من مفترسه، ولو كان أسدا هصورا أو ذئبا مسعورا، ففي أضابير الجنايات تدور قضية في هذه الأيام مفادها أن شابا غريرا استطاع بحيله أن يجر إليه فتاة في أول بلوغها الحلم، وتمكن بما بسطه لها من بساط الحلم السعيد، ونثره لها من فواغي أماني المستقبل الزاهر الفواحة أن يوقعها في الشباك، فواقعها مصورا بهاتفه وقائع هذا الحدث المشؤوم، وأخذ يبتزها بعد ذلك ليكرر جريمته ضاغطا عليها بتهديده إياها أنها إن لم تطاوعه فضحها بنشر ما بيده من صورها، فلما أفاقت قررت أن تنتقم منه، فدعته في هزيع من الليل إلى البيت الذي تأويه، فلما أتاها طالبته بمسح جميع الصور من هاتفه، فسخر من هذه المطالبة وأصر على المضي قدما في ابتزازها وإذلالها، وكانت قد أخفت سكينا عندها، فما كان منها إلا أن طعنته طعنات ذهبت بأنفاسه، وقد أفادني بتفاصيل هذه القضية محاميها.

وفي هذا ما يدعو الآباء والأمهات جميعا أن يصونوا أولادهم ذكورا وإناثا من الوقوع في هذه المزالق، وركوب هذه الأخطار، وأن لا تأخذهم استهانة بهذه العواقب، فإنهم إن لم يدركوا مرارتها قبل أن يذوقوها، فسوف يدركونها بعد أن تغص بها حلاقيمهم، وتتفجر بآثارها حيازيمهم، ولله الأمر من قبل ومن بعد.