907543
907543
روضة الصائم

لقاء متجدد :الاحتراز من الخلوة

07 يونيو 2018
07 يونيو 2018

أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة -

من أهم الآداب الاجتماعية التي تصون الأسر من المشكلات وتحفظها من أسباب التداعي والتفكك رعاية الحرمات بين الذكور والإناث، وعدم التساهل تعللا بعلاقة نسب أو صهر، لأن الجاذب الفطري في كل من الذكر والأنثى نحو الآخر جاذب قوي، كثيرا ما يتوسل به الشيطان فيتوصل به إلى إشاعة الفحشاء وإسقاط النفوس في الرذائل وتجريدها مما قد تكون من قبل مصونة به من العفة والفضيلة فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم»، وقد بين صلى الله عليه وسلم علة هذا النهي فيما ثبت عن عمر رضي الله تعالى عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: «ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان»، فإن الشيطان يغري النفوس باتباع الشهوات فينسى كل من الرجل والمرأة ربه سبحانه والدار الآخرة، وما أعد الله تعالى فيها لمن أطاعه من النعيم المقيم ولمن عصاه من عذاب الجحيم.

وقد بين صلى الله عليه وسلم خطر دخول الرجل على المرأة ولو كان يمت إليها بصلة فعن عقبة بن عامر رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إياكم والدخول على النساء» قيل: أفرأيت الحمو؟ قال: «الحمو الموت»، وناهيك بهذا تحذيرا بالغا وإنذارا شديدا بخطر دخول الرجل على المرأة وإن كانت بينه وبينها صلة إن لم يكن لها محرما، فقد شبه الرسول صلى الله عليه وسلم حما المرأة - وهو أخو زوجها - بالموت إذا دخل عليها لخطورة دخوله عليه وعليها، فقد ينسيه الشيطان ما يجب عليه من رعاية حرمة أخيه في أهله عندما تغلبه شهوته، وكذلك ينسيها ما يجب عليها من حفظ زوجها في نفسها وماله إن غاب عنها، فتقود كل واحد منهما شهوته إلى هتك هذا الحمى المحظور، وإلى الوقوع في هذه القذارة الشهوانية.

ومثل ذلك إن كانت أخت امرأته أو بنت عمه أو بنت عمته أو بنت خاله أو بنت خالته أو حليلة عمه أو خاله أو بنت أخي امرأته أو أختها، فكم اطلعنا على دواهي دهياء وقع فيها الناس بسبب هذا التساهل وعدم المبالاة بما فرض الإسلام من آداب وقيود أخلاقية في التعامل بين الأسر.

ومما نجم - من الشر المستطير أخيرا - التواصل عبر وسائل الاتصال بين الجنسين الذي يبدأ بادئ ذي بدء اتصالا بريئا لا يشاب بما يدنسه فلا يلبث الشيطان أن يجر كل واحد من الجنسين إلى الشغف بالجنس الآخر، وقد يخيل إليهما أو إلى أحدهما أن الدافع إليه حب الخير والتعاون على نشر الدعوة الإسلامية، وتبادل الخبرات بين الطرفين، فلا تلبث الشهوات الجامحة والنزوات الطائشة أن تُهوِّن التقارب بين الجانبين خطوة منه وخطوة منها، إلى أن يقعا في دركات الرذيلة والعياذ بالله. وقد تبدأ الفكرة بالرغبة في التعارف من أجل بناء علاقة زوجية مقدسة، وإذا بهما يُسْتَدْرَجَان شيئا فشيئا حتى يتورطا ورطة لا يجدان المخلص منها، وقد يبدي الرجل مع المرأة حديثا عفيفا وهو يخفي وراء شخصيته الصالحة الظاهرة، شخصية ذئب مفترس لا هم له إلا أن يفري بأنيابه عفة المرأة ويدنس بقذارته طهرها، وقد يدفع ذلك به إلى أن يلقى الموت الزؤام في سبيل شهوة النفس وهواها،