روضة الصائم

لقاء متجدد: أهم العبادات «5»

30 مايو 2018
30 مايو 2018

أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة -

وكم تجد في هذه الروايات من عناية النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بتسوية الصفوف في الصلاة، حتى لا يتقدم أحد أو يتأخر، وما ذلك إلا لأن عدم تسويتها مخل بصلاة المصلين، ويؤكد ذلك ما جاء عن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «سووا صفوفكم، فإن تسوية الصفوف من إقامة الصلاة»».

وهذا يعني أن صلاة المأمومين لا تتم إلا بتسوية الصفوف، كما جاء في رواية أخرى عنه بلفظ: «أقيموا صفوفكم فإن تسوية الصف من تمام الصلاة»، وعنه قال: أقيمت الصلاة فأقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه، فقال: «أقيموا صفوفكم، وتراصوا، فإني أراكم من وراء ظهري»، وعنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «رصوا صفوفكم وقاربوا بينها وحاذوا بالأعناق فوالذي نفسي بيده إني لأرى الشياطين تدخل من خلل الصفوف كأنها الحذف»، وعنه: «استووا استووا استووا واستقيموا فوالذي نفسي بيده إني لأراكم من خلفي كما أراكم من بين يدي»، وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «استووا وعدلوا صفوفكم»، وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أقيموا الصفوف فإنما يصفون بصفوف الملائكة وحاذوا بين المناكب وسدوا الخلل ولينوا بأيدي إخوانكم ولا تذروا فرجات الشيطان ومن وصل صفا وصله الله ومن قطع صفا قطعه الله»، وعن البراء بن عازب رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخلل الصف من ناحية إلى ناحية يمسح صدورنا ومناكبنا ويقول: «لا تختلفوا فتختلف قلوبكم» وكان يقول: «إن الله وملائكته يصلون على الصفوف الأول».

والأحاديث في هذا أكثر من أن يمكننا إحصاءها، وهي جميعا تدل على ضرورة إقامة الصفوف في الصلاة وتجنب اعوجاجها، ناهيك ما فيها من التنصيص على أن تسويتها من إقامة الصلاة وعلى أن تخالفها يؤدي إلى تخالف القلوب وهو مما يؤدي إلى الفرقة والشقاق، وقد حذر الله تعالى من ذلك في العديد من الآيات كقوله تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)، وما تبعه من الامتنان على الذين آمنوا اجتماعهم بعد الفرقة وألفتهم بعد الشقاق وإنقاذهم من هلكة كانوا يتدافعون إليها بما كان بينهم من نزاع وصراع، وقوله: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)، وقوله: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ).