أفكار وآراء

رمضان والإنتاجية

26 مايو 2018
26 مايو 2018

سالم بن سيف العبدلي/ كاتب ومحلل اقتصادي -

تقاس إنتاجية الموظف دائما بالأداء الذي يقدمه في مؤسسته وسرعة تنفيذ وإنجاز المهام الموكلة إليه وتختلف طريقة قياس الأداء من مؤسسة الى أخرى حسب طبيعة العمل وحسب أهداف ومهام تلك المؤسسة وبشكل عام فإن إنتاجية الموظف في أغلب الدول العربية منخفضة أساسا مقارنة بالدول المتقدمة خاصة في القطاع العام حيث يغلب على العمل الروتين والاتكالية وغياب تقييم الأداء الذي يعتمد على العقاب والثواب إلا ان الوضع وفي شهر رمضان يكون أكثر سوءا فتقل الإنتاجية بشكل كبير.

شهر رمضان هو شهر الخير والعبادة والعطاء والتسامح والبذل وهو شهر المغفرة والعتق من النيران، يأتينا سريعا ويذهب سريعا فما هو إلا ( أياما معدودات) ، كما ان هذا الشهر الفضيل هو شهر العمل والجد والاجتهاد فالعمل عبادة في كل الأوقات إلا ان البعض للأسف اعتبره شهرا للكسل والخمول والنوم.

مع دخول الشهر الفضيل غير البعض عاداته الاستهلاكية وبرنامجه اليومي ، سواء من الناحية السلوكية، أو الاقتصادية أو من خلال الأنشطة والروتين اليومي الذي يتغير بشكل كبير خلال هذه الفترة، فالدوائر الحكومية غالباً ما تشهد غياباً شبه جماعي في بداية الدوام الذي لا يتجاوز خمس ساعات في القطاع العام وست ساعات في القطاع الخاص كما يكون بعض الموظفين أمزجتهم مختلفة تميل إلى العصبية ويظهر عليهم علامات التعب والإجهاد والكثير من الأعمال والاجتماعات يتم تأجيلها الى بعد رمضان والعديد من المعاملات تظل في الأرفف الى ان ينقضي الشهر.

علماء النفس أكدوا أن شهر رمضان هو شهر السيطرة على النفس والشهوات، وتهذيب السلوك الإنساني ورغم كل المزايا الطيبة التي يجب أن نتعلمها من الشهر الفضيل ، ونتعود عليها في حياتنا طوال العام إلا انه لوحظت ظواهر غريبة تفشت بين الصائمين تتمثل في انفلات الأعصاب والسباب والمشاحنات وغيرها من الأعمال غير المتفقة مع شهر الصوم.

أباؤنا واجدادنا عاشوا في الفترة التي لم يكن فيها وسائل الراحة الحالية فلم تكن لديهم كهرباء ولا مكاتب مكيفة ولا سيارات ورغم ذلك كانوا يعملون في رمضان حاله حال بقية الأشهر ولم يتقاعسوا في جني المحاصيل في القيض وحراثة الأرض والزراعة ومنهم من كان يمارس نشاط الصيد والتجارة.

المسلمون الأوائل كانت لهم صولات وجولات وفي عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كانت أهم غزواته في شهر رمضان المبارك حيث إن غزوة بدر الكبرى كانت في العام الثاني للهجرة وفتح مكة كان في السنة الثامنة للهجرة وكانت كلاهما في شهر رمضان.

وأخيرا نقول لو استطعنا تنظيم أوقاتنا في هذا الشهر الفضيل وقللنا من اللعب والسهر وخصصنا أوقاتا للنوم والراحة وأخرى للعبادة فإننا نستطيع ان نتغلب على الإرهاق والتعب ونذهب الى أعمالنا ونحن في أوج نشاطنا وبالتالي سوف ينعكس ذلك على إنتاجيتنا. تقبل الله منا ومنكم صيامنا وقيامنا وصالح الأعمال.