1343810
1343810
روضة الصائم

همام البادي: منشدون يتملكهم الغرور بكثرة متابعيهم في وسائل التواصــــل الاجتماعي

26 مايو 2018
26 مايو 2018

الإنشاد فن يستهوي الشباب «11»

أجرى الحوار: أحمد بن علي الذهلي -

المنشد همام بن سعيد البادي، بدأ اهتمامه بفن الإنشاد منذ أيام الطفولة، أو بالأحرى عندما التحق بركب الدراسة، فكان يحرص على تقديم بعض الأناشيد من خلال الإذاعة المدرسية، ثم تواصلت مشاركاته في المناسبات والفعاليات حتى استطاع أن ينمي جوانب موهبته في مجال الإنشاد، ومع مرور الوقت وفق همام في التمكن من أدوات المنشد الجيد الذي يقدم فيض علمه في المجال الذي كتب الله له التوفيق، وهذا ما أثر إيجابا في تكوين جزء كبير من شخصية.

وحظي همام بنصيب وافر من الظهور في العديد من الفعاليات منها أحد البرنامج الشبابية، ثم سعى الى التواجد في مسابقة الإنشاد بكليات العلوم التطبيقية، وبعض المهرجانات مثل: مهرجان فدى الإنشادي والمهرجان الذي أقيم بولاية صحار، أيضا كانت له مشاركة في معهد تعليم اللغات بالحيل الشمالية بمحافظة مسقط، وهو الأمر الذي يعتبره إضافة أخرى له، فمن خلال لقائه بالعديد من الجاليات الأجنبية، تمكن من تعريفهم بمفهوم الإنشاد الديني، والرسالة التي يحملها أو التي يسعى لتوصيلها إلى لمجتمع.

وحول اتجاهه الى فن الإنشاد قال: لست أخفي سرا إذا قلت بأن حبي الشديد للاستماع للأناشيد الدينية البعيدة عن الأغاني والموسيقى هو السبب الرئيسي، أما عن المراحل التي مررت بها فإني بدأت بالمشاركة في أغلب المسابقات والمهرجانات التي تقام في السلطنة، وأشار البادي الى أن هناك العديد من الرسائل التي تبثها الأناشيد الدينية سواء كانت هذه الرسائل تتعلق في أمور الدين أو المجتمع وهي عبارة عن كلمات تحمل رسالة أخلاقية يتم توصيلها بالصوت الجميل.

وعن المقومات الأساسية التي يجب أن تتوفر في المنشد الجيد قال: كما قلت أن الإنشاد الديني هو رسالة أما أن تكون رسالة دينية أو تربوية أو أخلاقية أو مجتمعيه، وعليه فهناك مقومات يجب أن يتحلى بها المنشد قبل أن يحمل هذه الرسالة لأنها أمانة قبل كل شيء، ومن هذه المقومات التخلق بأخلاق القران ،والتواضع والصبر وعدم الغرور.

المجتمع لا يتقبل بعض الأناشيد

وعن العثرات التي تعترض طريق بعض من يدخل مجال الإنشاد قال: طريق الوصول للنجاح ليس بالسهل، ولا بالصعب المنيع، في الوقت ذاته كانت هناك الكثير من العثرات والمعوقات، ففي السابق كان المجتمع لا يتقبل بعض الأناشيد كونها لا يتخللها بعض الإيقاعات، وبعض الأناشيد خالية من الرسائل الإيجابية كونها متخصصة بلون واحد.

وأضاف: اعتقد ان النجاح السهل الذي يأتي من دون عثرات لا يستمر، ولذلك أقول بان هذه العثرات التي مررت بها كانت دافعا قويا، فمن خلال الإصرار على العطاء وتجاوز المحن يستطيع الإنسان أن يثبت جدارته ومقدرته على تحقيق نتائج مبشرة.

وردا على سؤال حول توجه البعض نحو الإنشاد، لكنه سرعان ما يحيدون عن طريقهم،ويتجهون نحو الغناء أجاب قائلا: قد تحدث بعض المستجدات، فتقلب الأمور رأسا على عقب، فلا غرابة أن تجد توجها سريعا يحدث عند بعض الناس، ربما هي ردة فعل عنيفة، وقد تجد أحيانا ان عامل الشهرة هو من أول الأشياء التي تدخل الغرور في نفوس البعض، فتجد التأثير يبدأ من اختلاف سلوكه ومعاملته للآخرين ، وهذا الغرور وحب الشهرة يدفعه الى التخلي عن مبادئه مثل الإنشاد ويسلك طريق الغناء مثلا ظنا منه بانه سيصبح مشهورا خلال فترة قصيرة، وهذه الشهرة سوف تجعله محبوبا لدى الجمهور بشكل أفضل، وفي نفس الوقت قد تجد البعض يرجع الى صوابه ويعتزل الغناء نهائيا ويسلك طريق الإنشاد وتكون انطلاقته افضل وتقديره من المجتمع أكثر وهناك نجوم في مجال الإنشاد في عالمنا العربي.

الإنشاد متواجد على الساحة

وحول ما يعانيه فن الإنشاد في الوقت الحالي قال: دائما أنا على قناعة تامة بأن الإمكانيات هي من تحدد مجرى بعض الأمور، ولعل ما يعانيه فن الإنشاد يتمثل في قلة الاهتمام به وهذه حقيقة واضحة للجميع، لذا ليس مستغربا أن نقول بأن عدم انتشار الأناشيد الدينية بصفة واسعة في محيط المجتمع جعل البعض، يتركون مجال الإنشاد ويستسهلون تقديم الأعمال الغنائية، ولكن بالمطلق العام يمكننا القول بان الإنشاد الديني وان خفت قليلا برقه، إلا انه فن ما زال يحافظ على أصالته ورسالته بدليل وجوده في العديد من المناسبات.

بعض الأصوات تظهر بقوة، لكن سرعان ما تتلاشى رويدا رويدا، الى أن تسجل غيابا مفاجئا عن الساحة، حول الأسباب قال همام البادي: أولا أرى بان الكثير من المنشدين يخرج بعمل فني واحد ينتشر صداه في كل مكان، ثم يأتي نفس المنشد ويخرج بعمل متواضع عكس العمل السابق، وربما هذا الأمر يعتبر من أهم الأسباب التي تجعل الكثير من المنشدين يغيبون عن الساحة الإنشادية لعدم وجود مادة مناسبة يمكن أن ترضي أذواق المستمعين، وهناك بعض الأسباب -كما أسلفت ذكرها- وهي نقص الموارد المالية، وقلة المشاركة باستمرار في المحافل والمهرجانات، أضف الى ذلك ضعف التسويق للمنشد ما يجعله ينسحب تدريجيا، ويقترح البادي أن تكون مشاركة المنشدين بشكل مستمر في أي مهرجان أو محفل إنشادي والظهور في المجتمع وإعداد مادة إنشادية جميلة ومعبرة.

الإنشاد يحتاج الى عناية ورعاية

وعن قلة المشاركة لبعض الوجوه الإنشادية قال: أرى بان بعض المنشدين قد تمنعه بعض الظروف عن المشاركة كانتمائه لفريق معين من الفرق الإنشادية، ومن ضمن الشروط لا تسمح له بالمشاركة مثلا بصفة فردية والبعض الآخر لا يشارك ألا بمبلغ من المال، وبعض المنشدين لا يسمح له غروره بالمشاركة في محافل صغيرة، ونفى المنشد همام البادي أن تكون للمادة أو الشهرة سبب في غرور جميع المنشدين مستدلا على ذلك قائلا: هناك منشدون معروفون على الساحة المحلية، ويتصفون بالتواضع وحسن الخلق، ويشاركون الصغير قبل الكبير، وبالمقابل هناك بعض المنشدين في مواقع التواصل الاجتماعي يتملكه الغرور والفرح كونه يملك آلافا من المتابعين، وقد يكون بعض هولا المتابعين يمتلكون حسابات وهمية، مشيرا أن الإنشاد في السلطنة يحتاج الى عناية ورعاية من كافة وسائل الإعلام المختلفة إضافة الى مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن بشيء من الذمة والمصداقية، وهذا من وجهة نظري سوف يسهم وبشكل فعال في نشر أعمال كافة المنشدين والتعريف بإنتاجاتهم على مدار العام.

وعن حالة الخلط ما بين الإنشاد والغناء خاصة بعد إدراج الموسيقى في العديد من الأناشيد والمؤثرات الصوتية بشكل ملفت قال: الأمر فيه كثير من الشبهات فالبعض على سبيل المثال من قال بان المؤثرات الموسيقية لا تغير من قيمة النشيد، والبعض الآخر أخذ بان النشيد الديني لا يجب أن يختلط فيه شيء من المؤثرات الموسيقية وإلا ضاعت قيمته، كما ان المبالغة في الشيء لا تكون محبوبة؛ لذا نرى بان بعض المنشدين لا يعرف كيف يفرق بين الأغاني، وبين النشيد فتجده يخلط الإيقاعات والموسيقى، ويضعهم في نشيد واحد، وهذا الأمر يختلط أيضا على المستمع فلا يعرف هل هذا نشيد أو غناء.

وأضاف: هناك نقطة مهمة، أو ملاحظة ان أغلب الألبومات الإنشادية القديمة اتخذت من الحزن الطابع السائد في القصائد التي تقدمها للجمهور، وهذا ما أوجد بعض الملل والنفور على اعتبار ان الحياة تحتاج الى تغير جذري وهذا بالطبع دفع البعض الى تغير نظرته في تقديم الأعمال، فهناك عدد كبير من الأناشيد التي تحمل طابع الفرح والسرور وتضيف الحماس الى المستمع.

ان يكون فردا إيجابيا في مجتمعه

ويرى همام ضرورة الاتجاه نحو القنوات الإنشادية التي تحترم ذوق المشاهد وتقدم له ما ينفعه، وتبعد عن القنوات التي تبث على مدار اليوم أغاني(لا تسمن ولا تغني من جوع)، ويرى البادي أيضا انه ليست هناك مشكلة في كمية الشعر المكتوب في مجال الإنشاد، ولكن للأسف أن بعض المنشدين لا يحب التنويع مما وجب التنبيه على ذلك.

ثم انتقل البادي بالحديث عن ملاحظة أخرى قائلا: بالفعل لاحظنا في الآونة الأخيرة الكثير من المسابقات الإنشادية على الساحة المحلية ومما لا شك فيه بأن مثل هذه المسابقات لها دور بارز وفعال في تنمية مواهب الشباب وأيضا في زيادة ثقافة النشيد لدى أفراد المجتمع العماني.

ويشاطر البادي زملاءه السابقين ممن التقينا بهم خلال الأيام الماضية في ملحق (روضة الصائم) حيث يقول: كل صوت إنشادي له سمة تميزه عن غيره لأنهم ينطلقون من قوالب مختلفة، لكنهم يتحدون في الهدف والغاية، وتختلف الأصوات باختلاف المقامات، وأيضا ليس كل الأصوات لها نفس النبرة فالبعض صوته حاد والبعض صوته ناعم، ولذلك ليس كل الأصوات متشابهة.

ويضيف: يقوم الإنشاد الديني بدور كبير في توصيل الرسائل المفيدة للمجتمع بصورة أجمل وأرقى، وقد ساهم ذلك في تنوير المجتمع، مضيفا انه ليس هناك سقف محدد لجميع الطموحات، فالمنشد الجيد يسعى دائما لتقديم الأفضل، لكنه يرى ان المنشد يحتاج الى نوعين من الدعم وهما المادي والمعنوي لمواصلة المسير.

وتوجه المنشد همام البادي بنصيحة الى الشباب الراغب في الدخول في مجال الإنشاد قائلا: الى كل من توجد لديه هذه الملكة ان يسخرها في طاعة الله تعالى ولا يقصرها على نفسه أو على الأغاني بل يسخرها في إصلاح المجتمع فالكل منا مطلوب منه ولو بالكلمة الطيبة ان يكون فردا إيجابيا في مجتمعه.