1346720
1346720
العرب والعالم

الاتحاد الأوروبي يلمح إلى حرب غاز وراء انسحاب واشنطن من الملف النووي

24 مايو 2018
24 مايو 2018

بروكسل-(أ ف ب) : يشتبه الأوروبيون في أن الولايات المتحدة تسعى إلى تجميد استغلال احتياطات غاز إيرانية ضخمة عبر فرض عقوبات على الجمهورية الإسلامية في إطار الملف النووي، بهدف زيادة إنتاجها الخاص الذي يشهد ازدهارا مع الغاز الصخري.

وقال مسؤول أوروبي مطلع على الملف: إن «العقوبات الأمريكية ستطال صادرات النفط والغاز الإيرانية الموجهة إلى أوروبا».

وأوضح لوكالة فرانس برس رافضا الكشف عن اسمه: «إنها بشكل واضح محاولة جديدة للحد من مصدر امداد مختلف لكي يمكن إيصال الغاز الطبيعي المسال الأمريكي إلى أوروبا بشكل أسهل وبدون منافسة».

وقال مارك أنطوان آيل مازيجا مدير مركز الطاقة في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية: «لا اعتقد أن ذلك هو الهدف الرئيسي للعقوبات ضد إيران، لكنه من الآثار التي ستسببها».

وتوقع في مقابلة مع وكالة فرانس برس عبر الهاتف «من الواضح ان الاستثمارات المرتقبة لن تحصل، لا اعرف من من كبريات الشركات الدولية سيجازف بذلك». وكانت واشنطن أعلنت متجاهلة تحذيرات الأوروبيين، عن إعادة فرض العقوبات التي رفعت بموجب الاتفاق المتعدد الأطراف المبرم عام 2015، على إيران مقابل تعهدها بتجميد برنامجها النووي. وتهدد الولايات المتحدة طهران بالعقوبات «الأقوى في التاريخ» إذا رفض الإيرانيون شروطهم لإبرام «اتفاق جديد» يشمل برنامج إيران للصواريخ البالستية.

وحذر وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو من أن الشركات الأوروبية التي ستواصل التعامل مع إيران في قطاعات محظورة بموجب هذه العقوبات، «ستتحمل مسؤولية» ذلك.

«احتياطات كبرى»

الإعلان عن احتمال انسحاب مجموعة النفط العملاقة توتال من إيران وعدة شركات أوروبية أخرى كانت في صلب محادثات أجراها في الآونة الأخيرة في طهران مفوض الطاقة الأوروبي ميجيل ارياس كانتي.

وقال كانتي في ختام سلسلة لقاءات أجراها مع نائب الرئيس الإيراني علي صالحي ووزير الخارجية محمد جواد ظريف ووزيري النفط والطاقة ان «الإيرانيين يشكون في قدرة الأوروبيين على عدم الانصياع للمصالح الأمريكية». وقد أطلقت الولايات المتحدة استراتيجية البحث عن أسواق لبيع غازها الطبيعي، وصدرت 17,2 مليار متر مكعب عام 2017 نحو موانئ الاتحاد الأوروبي، وبحسب مركز الدراسات «اي اتش اس ماركيت» فان «القدرة الإجمالية لاستيراد الغاز الطبيعي لدى أوروبا ستزيد بنسبة 20% بحلول عام 2020».

في كل سنة تستورد دول الاتحاد الأوروبي ثلث احتياجاتها للاستهلاك (66%)، في عام 2017 شكل ذلك 360 مليار متر مكعب من الغاز بينها 55 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال بقيمة 75 مليار يورو بحسب الإحصاءات الأوروبية. وحتى الآن، نصف الغاز الذي تشتريه أوروبا، روسي لكن الأوروبيين يسعون إلى كسر هذا الاعتماد على روسيا.

وقال كانتي: إن «الاحتياطي الإيراني هائل وإذا طورت إيران منشآت مناسبة فيمكن أن تتيح لهذا البلد ان يصبح مزودا كبيرا لأوروبا».

وتملك طهران أكبر احتياطي غاز في العالم بعد روسيا وخصوصا مع حقل الاوفشور فارس الجنوبي، ويقدر بنحو 191 تريليون متر مكعب، وصدرت البلاد 10 مليارات متر مكعب عام 2017 عبر أنبوب الغاز نحو تركيا والعراق، لكن الحل للمستقبل سيكون الغاز الطبيعي المسال كما يؤكد المسؤولون الأوروبيون.

وقدر وزير النفط الإيراني بيجان نمدار زنقانة احتياجات الاستثمار بنحو مئتي مليار دولار على خمس سنوات، وساهم قطاع الطاقة بحوالي 50 مليار دولار من عائدات الدولة عام 2017 بحسب المعطيات الأوروبية.

استهداف روسيا

من الخطوة الأمريكية فإنه يتضح أن الاتحاد الأوروبي ليس الجهة الوحيدة المستهدفة من قبل واشنطن. وقال المسؤول الأوروبي «المنافس المستهدف الآخر هو روسيا مع مشروعها الرائد نورد ستريم 2». ويهدف هذا المشروع إلى مضاعفة قدرات انبوبي الغاز «نورد ستريم1» بحلول 2019 وإفساح المجال أمام وصول المزيد من الغاز الروسي بشكل مباشر إلى ألمانيا عبر بحر البلطيق وبالتالي بدون المرور عبر أوكرانيا. ويطالب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالتخلي عنه، وجعل منه ورقة تفاوض لإعفاء الأوروبيين من الرسوم على الفولاذ والألمنيوم بحسب مصادر أوروبية مقربة من الملف.

وتدافع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بشدة عن مشروع أنبوب الغاز الاستراتيجي هذا وقال مصدر حكومي ألماني «في الوقت الراهن، الغاز الطبيعي المسال الأمريكي أغلى من الغاز الروسي، لدينا سوق حرة، والغاز الطبيعي المسال يجب أن يكون موضع تنافس».

لكن مشروع «نورد ستريم 2» لا يساعد على تنويع مصادر الطاقة الذي تسعى إليه أوروبا كما اقر من جهته المفوض كانتي.

وقال متوجها إلى الولايات المتحدة: إن «أوروبا تريد تطوير استراتيجية غاز مسال بهدف ضمان امن الطاقة لديها، وإيران تشكل مصدر إمداد مهما».