907543
907543
روضة الصائم

لقاء متجدد :تعظيم القرآن

24 مايو 2018
24 مايو 2018

أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة -

أخبرني شيخنا العلامة إبراهيم بن سعيد العبري أن الإمام نور الدين السالمي – عندما زار شيخ المشايخ العلامة الرضي الذي كان يعد بقية السلف الصالح ماجد بن خميس العبري ومن معه من الصالحين ببلدة الحمراء من الحوزة الكُدَمِيَّة -رحمهم الله جميعا- كان في مجلسه لا يفتر عن الاستماع إلى قارئ يقرأ له من مدونات العلم النافع، وكان شيخنا العبري آنذاك صغير السن، ولما سمع الإمام السالمي قراءته استحسنها، وأمره بأن يكون دائما في تلك الزيارة هو القارئ الذي يقرأ له، وبينما هو شارع في القراءة له إذ سمع الإمام السالمي همسا من بعيد من بعض مرافقيه، ولعله كان يسأل الأخ الأكبر لشيخنا العبري عن دراسته، فاستشاط الإمام السالمي غضبا أن يكون في حلقة يتلى فيها العلم حديث جانبي، وضرب بعصاه السوداء المعهودة الأرض ثلاث ضربات، ثم قال بصوته الأجش الجهوري المهيب: «لا بورك في مجلس علم يتحدث فيه بأمر الدنيا، لا بورك فيه لا بورك فيه.. اسكت» فوجفت قلوب الحاضرين جميعا من هيبته، وأطبق الصمت على المجلس كله.

وإذا كان الإمام السالمي -رحمه الله تعالى- استشاط غضبا بسبب سماعه همسا من بعيد في مجلس يتلى فيه العلم، فما بالك بأولئك الذين تتعالى أصواتهم في مجالس مذاكرة العلم حتى لا يبقى للمتحدث بالعلم أو ممليه ذهن يستحضر، ولا لمستمعه ذهن يعي أو سمع يتلقى؟!.

وإذا كان النبي قال فيمن انصرف عن حلقة يستفاد منها علم من غير أن يضج بحديث يزعج الحاضرين ويشوش عليهم بأنه «أعرض فأعرض الله عنه»، كما ثبت «عن أبي واقد الليثي، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بينما هو جالس في المسجد والناس معه إذ أقبل ثلاثة نفر، فأقبل اثنان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذهب واحد، قال: فوقفا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأما أحدهما: فرأى فرجة في الحلقة فجلس فيها، وأما الآخر: فجلس خلفهم، وأما الثالث: فأدبر ذاهبا، فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ألا أخبركم عن النفر الثلاثة؟ أما أحدهم فأوى إلى الله فآواه الله، وأما الآخر فاستحيى فاستحيى الله منه، وأما الآخر فأعرض فأعرض الله عنه»».

فما بالك بمن يجلس في حلقة العلم فلا يصدر منه إلا الضجيج الذي يطير بألباب الحاضرين، ويشوش عليهم حتى لا يفقهوا ما يدور في الحلقة؟!.