1341452
1341452
روضة الصائم

الحارة القديمة بالمضيبي .. شواهد تاريخية تضم بيوتا أثرية وأبراجا وسوقا

24 مايو 2018
24 مايو 2018

[gallery size="medium" ids="595896,595895,595893"]

المضيبي: علي الحبسي -

تشكل الحارات القديمة إرثا تاريخيا هاما وتجسد نمط الحياة العمانية المتواضعة قديما حيث عاش الإنسان العماني فيها على مدى سنوات عديدة، وتعتبر الحارة القديمة بمركز ولاية المضيبي واحدة من الشواهد التاريخية الضاربة في جذور التاريخ من خلال بيوتها وحصونها وأبراجها المبنية من الحصى والجص والصاروج والطين وطرقاتها وممراتها الضيقة وأبوابها المتعددة.

ولا زالت حارة المضيبي القديمة رغم مرور الزمن وعوامله صامدة بيوتها كصمود التاريخ العماني الناصع وكل تفاصيلها تسرد قصة من الزمن القديم الدالة شواهده على قدرة وحنكة الإنسان العماني في هندسة وبناء وتوزيع هذه الحارات التوزيع المحكم رغم عدم توفر الكثير من الإمكانيات في تلك الفترة.

وتتكون حارة المضيبي من العديد من البيوت الكبيرة المبنية من الجص وبيوت الطين وتعدد طوابقها ومداخلها وأفنية ساحات بيوتها وهندستها الفريدة وتفاصيلها الدقيقة لتتناسب وحياة المواطن في تلك الفترة التي لا تتوفر بها خدمات اليوم من ماء وكهرباء كما لا زال فلج الفرسخي يخترق هذه الحارة وكان المصدر الأساس لتوفير مياه الشرب لسكانها إضافة إلى دكاكينها المتواضعة التي كانت توفر مستلزمات الإنسان قديما وهي متصلة بسوقها القديم سوق المسيلة الذي كان قصة لا تنسى من قصص التجارة قديما إضافة إلى مساجدها التي ما زالت باقية بمحاريبها ومآذنها التي تؤكد تكامل الحارات القديمة في تلك الفترة.

والزائر للحارات القديمة في عمان اليوم لا يكل ولا يمل من النظر إليها والتمعن في تفاصيلها وتتبادر في ذهنه ألف حكاية وحكاية لمن عاش فيها والعديد من التساؤلات لزوارها من السياح لمعرفة قدرة الإنسان في إيجاد هذه الحارات في تلك الفترة بهذا الشموخ وتلك الهيبة التي سطرها الآباء والأجداد في سبيل إيجاد مكان للسكنى لهم اعتمادا على خبراتهم وعلى أيد عمانية خرجت في مجملها بهذه الهيبة من بناء الحارات.

ومن آثار المضيبي التاريخية الكثير والكثير من البيوت الأثرية بجانب أكثر من عشرين برجا دفاعيا منها برج الزنيبير وبرج الزرائب ويقع فوق قمة تلة على مشارف مزارع النخيل وتم بناؤه في تلك الفترة كواحد من الحمايات الدفاعية في مجال الأبراج بجانب أبراج صور وبرج سيف بن بشير وبرج أولاد زلوخ وبرج ديوم.

وهذه الأبراج لا يزال بعضها باقيا حتى يومنا هذا ومنها ماهو متهدم وتحيط هذه الأبراج بالمضيبي من مختلف الجهات حيث كانت محطات دفاعية وذات موقع استراتيجي استخدمت في الحروب الداخلية قديما أو لصد عدوان خارجي وتعتبر الآن منارات ومعالم بارزة بالولاية وبرج صور الواقع جنوب المضيبي اشتهر منذ القدم بإقامة حلقات الرزحة والفنون الشعبية حوله خاصة عند قطف محصول البر «القمح» في مواسم الصيف من كل عام وكانت هذه الفنون يحضرها مئات من المواطنين لأن حارات المضيبي السكنية كانت في الجانب الجنوبي من الولاية المحاذية لبرج صور.

وتشكل هذه الأبراج في حارات المضيبي القديمة واحدة من الرموز التاريخية حيث علوها وصمودها فقد كانت هذه الأبراج بمثابة حماية لهذه الحارات وقد تم بناؤها في مواقع استراتيجية هامة تحمي الحارة من كل الاتجاهات كما لا زالت البيوت الكبيرة المسماة «البيت العود» تتوزع هنا وهناك في حارة المضيبي وتقف جنبا إلى جنب في تشكيل الحارة إلى جانب البيوت الصغيرة التي تضم في تلك الفترة عددا من السكان في حياة اجتماعية متواضعة وفي تعاون وثيق بين أبناء المجتمع وهو ما ميّز تلك الفترة من الحياة العمانية وكل ذلك جسدته تلك الحارات التي تقف اليوم شاهدا حيا ونموذجا فريدا تتميز بها عمان عن غيرها.

وقد وصف شاعر البيان محمد بن شيخان السالمي المضيبي في قصيدة طويلة عدد أبياتها 120 بيتا ومطلعها :

ومادار المضيبي في قراهــا

علا إلا كملك فوق كرسي

كساها الدهر بردا من أمان

يمد بكف تزكية وقــدس

وهو وصف رائع في أروع قصائده حيث يصف المضيبي بأنها من أجمل البلدان كساها بردا من أمان ويصفها بأنها بلاد ذات منظر طبيعي خلاب ساحر ففي المضيبي تتجلى لك الطبيعة في أبهج مناظرها وأطيب مباهجها حيث الأرض والخضرة الوارفة والظلال الوسيعة الممتدة بالربى والرمال.