hamda
hamda
أعمدة

يا خفي الألطاف

20 مايو 2018
20 مايو 2018

حمدة بنت سعيد الشامسية -

العيش بوعي يجعلك تنتبه لأشياء ما كنت تنتبه لها قبلا، وتكتشف أن الله جلت قدرته، يستجيب لك بطرق مختلفة، ليس في دعائك فحسب ولكن حتى بالنسبة للأسئلة التي تشغل بالك، شخصيا يتكرر معي كثيرا أن يكون بالي مشغولا بسؤال ما يحيرني، فأجد المولى قد بعث لي بالإجابة بطرق إعجازية، أحيانا من خلال حوار عابر سمعته، أو سطور في كتاب قرأتها صدفة، وهلم جرا، منذ أيام شغل تفكيري موضوع (التسليم) كثيرا، بعد حضور حلقة تدريبية طرحت فيها هذه الفكرة، بعدها بأيام جاءتني الإجابة من خلال قصة روتها إحداهن أثناء جلسة نقاشية، كنت أستمع إليها بذهول، لأنني وجدتها ترد على تساؤلاتي التي كانت تدور في ذهني هذه الفترة وهي تشرح كيف أن الله سبحانه بألطافه يسبغ علينا ظلال التسليم أمام الفاجعة، وهي تحكي قصتها وهي ترى الناس متجمهرة على ابنها أثناء تعرض سيارة العائلة للتدهور، وكيف أن سكينة عجيبة حلت عليها وهي ترى الدم ينزف من رأس ابنها وأفراد العائلة يبكون ويصرخون بانفعال، وهي تحتضن ابنها بهدوء وهم يضعونه في الإسعاف.

تقول كان صوت قوي بداخلي يخبرني بأن الأمور ستكون على ما يرام، وأنه لا داعي لكل هذا البكاء والهلع من أفراد العائلة، للدرجة التي رفع فيها الأذان في لحظة وصولهم المستشفى، فتركت ابنها في رعاية الأطباء واتجهت إلى المصلى لتأدية فرضها وكأن الأمر لم يكن يعنيها.

تأكيدا لكلامها شاركت امرأة أخرى قصتها وهي ترى طفلها يلفظ أنفاسه الأخيرة بين أحضانها، وهي بكل هدوء تجري الاتصالات بوالد الطفل، وأسرتها، وقد حلت سكينة عجيبة عليها رغم أنها وهي تفكر في مرضه وأنها ممكن أن تفقده، شعرت بأنها لن تتحمل هذه الفكرة وأنها حتما ستموت معه أو تفقد عقلها.

وأدركت وأنا أنصت للحوار معنى أن يدا عليا ترعانا بشكل مذهل، وأننا في ظل رحمة خفي الألطاف دائما وأبدا، وأنه جلت قدرته لا يكلف نفسا إلا وسعها فعلا، وأن في كل محنة منحة فعلا.